اعلام الفوضى تقرير قناة 218 نموذجا
قرأت اليوم تقريرا لقناة 218 وهذه
القناة لا يهمني من ورائها، ولا من يملكها، ولا من يسيرها، ولا من يعمل بها، المهم
هو ما ينضح عنها، وهو ما يحق لنا أن نقيمه، وأن نرفضه أيضا، قرأت هذا التقرير في
موقع القناة الالكتروني، دون أن يوقع التقرير باسم كاتب معين، أو تنسبه القناة
لادارتها، أو تحسبه وجهة نظرها، وفي كل الأحوال هذا التقرير سيكون ممهورا بتوجه
القناة، مادام نشر في موقعها دون مهره بتوقيع كاتب ما، اوشخصية معينة.
يبدأ التقرير بعنوان يوحي بأحد أمرين
إما بجهل بأسس العمل الصحفي والاعلامي جملة وتفصيلا، وهذا مستبعد من وجهة نظري، أو
أن كاتبه سيطرة عليه حالة نفسية انفعالية أثناء الكتابة فلا يعقل أن تجعل خاتمة
عنوان تقرير اخباري سياسي ( يا فلان ) وهنا أوردها يا مشير، ثم يدخل إلى محاولة
ايهام المتلقى بأن التقرير لا يتقصد الجيش، حين يذكر بمرور عابر عن منجزات الجيش
في حربه ضد الارهاب، لكي يصل التقرير لمرحلة تطويع القارىء لقبول ما يدسه في عقله بدون
أدلة ومقنعات أكيدة.
التقرير لم يتبع أي أسلوب معروف في
كتابة التقارير، أو المهنية الصحفية المعروفة، من الاستعانة بتصريحات، أو توضيحات
من متخصصين في المجالات العسكرية أو السياسية، وعادة يكون هؤلاء من ذوي الحيادية،
وأيضا من المطلعين على خفايا الحالة الليبية العسكرية والسياسية.
تذهب قناة 218 عبر موقعها إلى ذكر جانب
من جوانب الايهام التي تتبعها في هذا التقرير حيث نقرأ ( نال المشير "وضعا
دوليا مريحاً" من "الصخيرات" باعتباره "الرابح الأكبر"
منه، إذ تسابقت العواصم للقائه واستقباله، وساد انطباع عريض بأن المشير حفتر حطّم
كل القيود التي تمنعه من أن يكون "الحاكم المقبل" مدفوعا بقوة
"المُنْجز العسكري" في بنغازي، إذ سار خلفه رئيس المجلس الرئاسي فايز
السراج "أميالا وأشواطا كبيرة" بحثا عن "استرضائه" والجلوس
معه، وفيما استمر المشير حفتر مشغولا بـ"منجزه العسكري"، فقد لوحظ أن
هناك من احترف "طريقة لعب جديدة"، وخاطب العالم بـ"نبرة
جديدة"، محاولا توظيف "اللعب السياسي" لصالحه، وهو ما شكّل
"مقاربة جديدة" للحال الليبي يجتهد معها السراج ليحجز لنفسه مكانا في
"الصف الأول".)
فإذا ما تفحصنا عبارات التقرير ما بين
الظفرين، لا نجد فيها أسس ومعايير التقارير التي يجب أن تتبع عادة في المؤسسات
الاعلامية المحترفة والتي تملك أدنى قدر من المهنية، فتسابق العواصم لاستقبال
المشير أو غيره ليس بالضرورة لأجل الدعم، بل قد تكون لأمور أخرى غير هذا الدعم،
أيضا نجد عبارة أن السراج سار خلفه أميالا لاسترضائه ، رغم أن السراج والمشير لم
يلتقيا إلا مرتين تقريبا، ولم ينضح عن هاتين الزيارتين ما إذا كان السراج يبحث عن
استرضاء المشير، أو ليكتفي بصورة معه كما يفعل دائما.
ثم نأتي لجملة مبهمة لم تتضح من سياق التقرير،
هل بسبق اصرار وترصد من معد التقرير ، أم هي هنات وقع فيها كاتبه، لأنه لا يملك
أدواته في الكتابة ، وقواعد اعداد التقرير، هذه العبارة تتمثل في قوله (فقد لوحظ
أن هناك من احترف "طريقة لعب جديدة"، وخاطب العالم بـ"نبرة
جديدة"، محاولا توظيف "اللعب السياسي" لصالحه ). هذه العبارة لم نجد
قبلها أو بعدها من هو الشخص المقصود بها؟ ولا ندري لماذا كتبت بهذا الأسلوب فيمكن
ذكر الشخص المقصود بهذه الجزئية سواء حفتر أو غيره.
ثم نأتي لعبارة أعتبرها جديدة في
التقارير أو المقالات السياسية، ولا ندري من أين آتى بها كاتب التقرير وهي كلمة
(الانطباعات المُتداولة)، ويذهب من كتب التقرير لذكر انطباعات شخصية، لأنه في حالة
عرض حالات قصور أو انجاز معين يجب أن يشار إليه بمزيد من الأدلة سواء كانت
احصائيات أو تصريحات، أو لقاءات مع مختصين أو دراسات جهات من جهات تمتهن هذا
الأمر، أما ما وجدناه فلا يعدو كونه كلاما مرسل من قبل القناة حين ذكرت في تقريرها
(أن المؤسسة العسكرية لم تتمكن من "تسييل" منجزها العسكري فوق
"الطاولة السياسية" عكس الوضع في بداية تطبيق الصخيرات).
ثم نصل للنقطة التي يسعى لها التقرير،
بعد محاولة ايهام القارىء ببعض المتداخلات، حتى يتقبل ما يصل إليه التقرير من
غاية، فيورد التقرير عبارات لا ندري على أي أسس وقواعد ارتكز عليها وجعلها حقائق،
حين نجد في التقرير ( بعكس "الفريق السياسي" لـ"رئاسي الوفاق"
الذي أمّن "تشبيكات مقنعة" مع عواصم عالمية وإقليمية مؤثرة ). وهذه هي
الغاية الأساسية للتقرير، والتي تتمثل في
محاولة ايهام المتلقى، بأن السراج وحكومته، نجحوا في استقطاب دولا كُبرى لتأييدها،
وتناسى معد التقرير أو القناة، أن هذه الدول هي من تحاول أن تضفى على هذا الجسم
شرعية بأي شكل، وهي من تطلب السراج لزيارتها، وتفرض عليه حتى ما يقول في تصريحاته.
وتجاهل التقرير ما يوجد على أرض الواقع
والذي لا يملكه هذا الجسم ، والمتمثل في أبسط قواعد الشرعية، وهي فرض سياسته على
أغلب أجزاء الوطن، وهذا ما لم يملكه السراج وجسمه اللين الذي يسعى أصحاب المطامع
الكبرى في ليبيا لجعله حكومة ليبية بوظيفة
سكرتير لهم.
وتستمر الهرطقة في التقرير حيث نجد
بدون ذكر أي مصدر أو اسم، أو الاستعانة بمختص ، حيث يحشر التقرير أفكارا يتوهمها
صاحبها، أو صاحب التيار المالك للقناة، حين نقرأ ( إذ لوحظ بالتوازي أن
"فريقا سياسيا" كان محسوبا على المؤسسة العسكرية بدأ يُنفّذ
"انسحابا ناعما" من "حلقة المشير" باتجاه "مقر
السراج" بما يُشبه "حجاً اضطرارياً" صوب "الفريق الأقوى"
سياسيا).
ختاما من أبسط قواعد الكتابة في
التقارير الاخبارية والسياسية ذكر الأشياء بمسياتها، ووفق أحداث بالزمن والمكان،
وهو ما خلت منه هذه العبارات، التي يظن كاتب التقرير، إنه أحدث بذكرها شيئا ذا
قيمة، وكتب ما لم يستطع أن يصل إليه غيره، وتناسى ما حدث أمس في كل المدن الليبية،
وخروج الناس لدعم الجيش، والمعروف سياسيا واعلاميا، أن الشارع هو المحرك لكل
الأدوات السياسية، ولا أحد يستطيع أن يقول بأن الشارع الذي خرج داعما لحفتر
سياسيا، هو مجرد رقم على يسار خانة العمل السياسي، ولا أعتقد أن كاتب التقرير دار
بخلده هذا السؤال، ماذا لو أن السراج دعا الشعب لتأييده ؟ والخروج للميادين لدعم
موقفه، هل سيلقى مثلما لقي المشير خليفة حفتر؟ من تأييد لحكم ليبيا في يوم 17
ديسمبر 2017.
لمتابعة تقرير قناة 218 مــن هنــا
الأسباب الخفية في تردي الحالة الليبية
بينما المدقق في أسباب تردى الوضع الليبي، سيجد من الأدلة بدل الدليل ألف، فالحوار والاتفاق عادة يتم بين أطراف تتلاقي على الأقل في نقطة واحدة، لكن الأطراف المتصارعة في ليبيا تمثل عدة جهات، منها جهة واحدة شرعية ووطنية، والباقي رغم اصطفافها الآن ضد الجهة الشرعية المتمثلة في مجلس النواب وقيادة الجيش، إلا أنها ليست على قلب سياسي واحد، وهي في الأغلب جماعات ذات توجه متطرف تقترب من القاعدة وداعش، وفي أقل الأحوال تمثل تيار الاخوان رغم عدم اعلان ذلك.
العالم جعل مدينة طرابلس أيقونة الصراع حين غض الطرف في البداية عن عودة المؤتمر الوطني ( أول برلمان) بعد انتخابات عام 2012 ، رغم أن انتخابات تلت هذا الجسم وأفرزت برلمانا موحدا لكل ليبيا، وتجاهل وجود حكومة موازية أغلب وزرائها ومن يسيرها هم من ذوي التاريخ الحافل بالارهاب ( جماعة المقاتلة) المرتبطة فكريا بالقاعدة.
ومن هنا بدأت مشاكل ليبيا السياسية والانقسام الحاد الذي ساهمت فيه دول كبرى على رأسها بريطانيا الداعم الأكبر لجماعة الإخوان، ثم ايطاليا التي تعتقد بأن لها حقا في ليبيا، لذلك دعمت مليشيات متطرفة في مدينة مصراته، بل أنها أسست ما يشبه القاعدة العسكرية الايطالية في مطار مصراته.
على الصعيد الأممي ، صارت منظمة الأمم المتحدة على نفس النهج، وهو زيادة المشاكل في ليبيا، بمط عمليات الحوار، والوقوف إلى الجانب الخطأ، ونفذت ذلك عن طريق بعثتها، منذ أيام طارق متري، مرورا بليون وكوبلر ووصولا لغسان سلامة، هؤلاء المبعوثين، جميعهم يسيرون على نغمة لاشيء خارج الحوار والاتفاق، رغم هذا فهم لا يعبئون بمخالفات الطرف الموجود في غرب ليبيا، حين اخترق أسس ومقومات الحوار وما نضح عنه من نقاط في سُمي بالاتفاق السياسي، وأشهر هذه المخالفات ظهور المجلس الرئاسي برئاسة السويحلي وهذا المجلس متكون من أعضاء المؤتمر السابق، والذي لم يحضر من المئتي عضو لجلسة اختيار المجلس سوى 30 في مخالفة صريحة للاعلان الدستوري، وكذلك لبنود الاتفاق.
أيضا صار مجلس الدولة برئاسة السراج على نهج المخالفات الدستورية والتوافقية التي أشرفت عليها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، فهو لم يقدم حكومته للبرلمان لاعتمادها، ومع هذا صار وزرائه المكلفين يمارسون أعمالهم دون شرعية ويتصرفون بأموال ليبيا دون وجه حق، مخالفين القوانيين وما نص عليه الاعلان الدستوري، وكذلك بنود الاتفاق بعد حوار الصخيرات.
لن يكتب لأي حوار أو اجراء نجاحا يذكر إن لم يعلن عن ضرورة اخراج كل العوامل المؤثرة في الحالة الليبية ، وأولها المليشيات والمسلحين خارج اطار الدولة، وكذلك ضرورة الاعتراف الدولي والأممي بأن لا يوجد في ليبيا إلا جيش واحد يمثله المشير خليفة حفتر، وشرعية تشريعية واحدة وهي البرلمان الحالي.
وعليه فإن أراد المبعوث الحالي غسان سلامة النجاح في مساعيه يجب أن يعلن صراحة بضرورة خروج كل المليشيات وانهاء المظاهر المسلحة في العاصمة من شاكلة ملييشات عبدالحكيم بلحاج وخالد الشريف، وعبدالرؤوف كارة، وهيثم التاجوري، وأبوعبيدة الزاوي، غنيوة الككلي، والمفتي المعزول الصادق الغرياني.
يذكر أن تنظيم الجماعة الليبية المقاتلة الذي يقوده عبدالحكيم بلحاج، تمكن من الانتقال من العمل الميداني القتالي إلى التنظيم السياسي، رغم أنه يحتفظ بمقاتلين يعدهم لمراحل أخرى وبمساعدة دول غربية في التخطيط، وأموال من بعض الدول على رأسها قطر وتركيا التي يقيم بها حاليَّا.
بالحاج تمكن من زرع عناصره في مفاصل الدولة منذ سنة 2011 حتى أصبحت لا تخلو أي وزارة أو مؤسسة سيادية في طرابلس، إلا ويوجد فيها أكثر من عنصر تابع له.
أيضا نجد "كتيبة ثوار طرابلس" وهي في الأساس تتبع عبدالحكيم بلحاج، إلا أنه ترك عملية تسييرها لهيثم التاجوري، وتتكون هذه المليشيا من بعض شباب طرابلس، الذين أنضموا للمجموعات المسلحة بعد سقوط طرابلس في 20 أغسطس سنة 2011، وهي تسيطر على عدد من المؤسسات الحساسة بالعاصمة.
في منطقة أبو سليم ، تسيطر مليشيا تعرف بـ "مليشيا غنيوة " نسبة لقائد هذه المليشيا، "عبدالغني الككلي"، وهو مجرم سابق له سجل حافل في الاجرام ومحكوم بعدة قضايا، حيث هرب من السجن في بداية أحداث 2011، وتتحالف مليشيا غنيوة مع مليشيا التاجوري، بعد الصراع مع مليشيات مصراتة التي كانت حليفة له وتدعمه بقوة قبل أن يدب الخلاف بينهما.
يضاف إلى ذلك أن العاصمة تعج ببعض التشكيلات الأقل عددا، غير أنها مؤثرة بشكل كبير، وتعود هذه التشكيلات لعناصر ارهابية فارة من مدن الشرق الليبي بعد سيطرة الجيش وانهاء أغلب بؤر الارهاب في اقليم (برقة)، وهذه المجموعات تتخذ من مزارع واستراحات ببعض ضواحي طرابلس مقار لها مثل وادي الربيع ، وتشاركهم في هذه المواقع مليشيات مصراتة التي خسرت معظم مواقعها داخل المدينة، ويقود بقايا مليشيات مصراته صلاح بادي المسؤول عن إحراق مطار طرابلس العالمي، ويشارك بادي في قيادة هذه المليشيات فرج السويحلي .
لذلك لن ينجح أي حوار أو اتفاق في ظل وجود هذه المليشيات وما تمتلكه من ترسانة أسلحة وذخائر ضخمة، فهي بمثابة قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، بمجرد أن تتأثر مصالحهم، أو يفقدون مراكزهم، والغريب هو أن حكومة السراج في طرابلس ، وأيضا مجلس السويحلي يتخذون من بعض هذه المليشيات قوة حامية لهم، وأيضا يد يضربون بها على أي معارضة ضدهم في طرابلس .
تسعى جهات عديدة ( غير معروفة رسميا) وإن كانت لا تغيب عن الادراك لدى
الليبيين، وأيضا لا تغيب عن صانع السياسة الدولية، فالغرب يسعى لايجاد شخصية تحكم
ليبيا، تكون مطية لسياسات دولية أرادت يوما جعل الاسلام السياسي الخانع لها (
الاخوان) كحكام في المنطقة وأداة لتنفيذ سياساتها، بعد فشل أدواتها السابقة (
الحكم الشمولي نموذجا).
فبعد وفاق مع القذافي استمر 42 سنة ، ظاهره عداوة من الجانب الغربي،
وصلت لحد قصف مقره، بعد معرفة أن القصف لن يطال رأس القذافي في عام 1985 .
غير ان باطن العلاقة توافق تام وصل لأن يتم بيع نفط ليبيا لهذه القوى
وبالسعر المناسب لها، كما وصل خنوع القذافي لهم بالدفع لضحايا لوكربي، التي لم يتم
اثبات أي شيء بخصوصها تجاه ليبيا.
كما أن حادثة ملهى برلين عادت أيضا على هذه الدول بكثير من المغانم،
أضف اليها قصة طائرة اليو تي ايه الفرنسية في النيجر .
اليوم وبعد ان أسقط الغرب نظام القذافي الذي استنفذ كل مصالحه منه،
واستغل حاجة الشعب للتغيير، وسخطه على هذا النظام، بدأ الغرب في اطالة أمد الأزمة
الليبية، فبعد انتخابات المؤتمر حيث ظن الغرب أن تيارهم المفضل الاسلام السياسي
سيكون في المقدمة، فوجيء العالم بتصدر المشهد من قبل قوى اخرى لا تمت لهذا التيار
بصلة، لذلك بدأت القوى الدولية في الاستعداد للجولة الثانية في انتخابات البرلمان،
وأيضا لم يجد تيارهم قبولا لدى الشعب الليبي، فبدأت هذه القوى في اطالة أمد الأزمة
الليبية لايجاد شخصيات سهلة القياد لهم، وتنفذ لها سياساتها في ليبيا، والتي ترغب
منها هذه القوي في ايجاد حكومة لينة مطيعة لاغير.
لذلك تُصر هذه الدول على ان الحل الوحيد هو الحوار، ومع ان كلمة
الحوار جميلة ومغرية للعالم، إلا أن الحوار الليبي لايمكن أن يرضى عليه ليبي واحد
محب لوطنه، فحوار يجمع الاخوان بجميع تياراتهم، أضف إليهم جماعة المقاتلة (
القاعدة الليبية) وفروعهم أنصار الشريعة ، ومجالس الشورى، وبعض جماعات داعش، لا
يمكن لهذا الحوار أن يحقق استقرارا ودولة رخاء وتنمية التي يسعى إليها الليبيون.
كان فائز السراج أحد أوراق الغرب، فهو أي السراج ظهر فجأة كفقاعة وسط
سجال الحوار الليبي، لايعرف أحد ممن شارك فيه ما هي الجهة التي دفعت به، ولا متى
كان هذا السراج ضمن تداعيات الموقف الليبي في أي وقت.
ومع مرور الوقت واشتداد الأزمة، وتحرك الجيش بقوة وقضاءه على أكبر
تجمع للارهابين في المنطقة العربية، حين أنقذ الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة
حفتر مدينة بنغازي من عصابات ارهابية تجاوزت العشرين الف عنصر، مزودين باسلحة
وتقنيات حديثة لحرب الشوارع، كانت وراءها دولا عديدة في مقدمتها قطر وتركيا
والسودان.
لذلك عادت الدول الكُبرى لتسويق شخصية أخرى ، وبتنسيق مع جماعة
الاخوان للعودة للواجهة تحت قناع هذه الشخصية، ورغم ان هذه الشخصية لا تجد قبولا
في الشارع الليبي مثلها مثل السراج، إلا ان شركات اعلامية كُبرة روجت له على انه
شخصية منقذة للوضع الليبي، وتبنت دعوته للخروج في ميدان طرابلس.
حاولت هذه القوى تمرير شخصية عبدالباسط قطيط على أنه شخصية غير جدلية،
ودعت للتجاوب معه في خروج كبير بميدان طرابلس، غير أن ما حدث يوم مظاهرته، اثبت
أنه عبارة عن ( قط ) مدلل لا يستطيع حتى أن يموء لكي يلفت النظر إليه.
الغريب حتى بعد فشلة، تحاول القوى الغربية عبر اعلامها، بترويج حجة
الفشل لكونه ظهر بمعية جماعات ارهابية وتيارات متشددة، وهذا أمر لايمكن أن يمر على
أي متابع للشأن الليبي ، فهذه الشخصيات معروفة، وهي من أيدت قطيط وتحدثت عنه منذ
شهور، ووصفته بالمنقذ، وفي الحقيقة نعم هو منقذ ، ولكن ليس لليبيا وللشعب الليبي
بل لهذه الجماعات الارهابية، التي تحدث عنها في أخر تصريح ، مؤكدا بضرورة أن يتم
السماح لها بممارسة السياسة والحكم، والعفو عنها، رغم جرائمها البشعة التي طالت كل
مدن ليبيا، واكتوى بإرهابها الشعب الليبي، بل وطالت عدة دول اقليمية ودولية، ويظل
السؤال ماهي الدولة التي يريدها الغرب في ليبيا ؟.
الغرب وقطر ومصراته والاخوان في الهلال النفطي
يدرك الغرب بإن الورقة الرابحة في
ليبيا هي النفط، لذلك يسعى صانعي القرار فيها، على أن يظل النفط الليبي تحت سيطرة
ليبية غير قوية، وخانعة لهم، وبما أن المخابرات الغربية أصبحت على دراية بتفاصيل
الحالة الليبية فهي تدرك جيدا بأن برقة " شرق ليبيا " لن تكون أداة طيعة
لها بأي شكل.
لذلك سعت لأن تجعل حكومة " الوفاق
" هي أداتها للوصول لهذه الغاية، وبحثت في ليبيا عن مكان يحتضن هذه الحكومة
التي ستكون بمثابة سكرتير لها لا ينفذ شيئا إلا بمشورتها، فوجدت في طرابلس
المختطفة بكافة صنوف العصابات والارهاب مكانا يلبي احتياجاتها متكئة في ذلك على
حجة أنها العاصمة وبها مؤسسات الدولة، كما يساندها في هذه الغاية حكام مصراته،
وشخصياتها الاجتماعية والسياسية التي أصبحت ذيلا طيعا يتبع أسياده في أوربا
وغيرها.
عملية تشجيع الجماعات الارهابية وبعض
مليشيات طرابلس ومصراته للزحف نحو الموانئ النفطية، أضرت أكثر مما توقعت المصادر
السياسية الأوربية وغيرها، فظهور حالات قتل لجنود الجيش الليبي، وخطف عائلات على
طريقة داعش أعطى العالم مؤشرا خطيرا على النتيجة التي ستتحقق من هذا الغزو، كما أن
ردود الشارع الليبي والبرلمان أضافت عقبات جديدة للنتيجة التي كانت ترجي من وراء
ذلك.
في هذا الصدد قالت مصادر اعلامية انجليزية
" إن تنظيم القاعدة شارك ضمن القوات التي دخلت إلى جزء من موانئ الهلال
النفطي، وقدرت هذه المصادر عددهم بين 400-500 ارهابي" .
كما أن تصريح الخارجية المصرية بهذا
الشأن جاء واضحا تماما والكل يدرك مدى قدرة مصر على التأثير في الحالة الليبية،
وقالت الخارجية المصرية في هذا الصدد "القاعدة و الإسلاميين المتشددين ضمن القوات
التي دخلت الهلال النفطي".
من جهتها لم تدع موسكو الأمر يمر مرور
الكرام فأكدت مصادر الخارجية الروسية بأن "مقاتلي القاعدة يتواجدون ضمن
القوات التي هاجمت الهلال النفطي، مضيفة بأن هذا الأمر يشكل خطراً حقيقياً".
وحتى ايطاليا، رغم ترحيبها المبكر
بالعملية إلى أن مصادر رسمية ايطالية وعبر وسائل اعلامية ايطالية أكدت بإن "ربع
القوة التي احتلت الهلال النفطي تتكون من القاعدة و أطراف مرتبطة بها".
من جهته الادارة الامريكية أرسلت بسرية
تامة فريق لمعاينة القوات المحتلة للموانئ النفطية، واشارت مصادر موثوقة بأن
الفريق رافقهم عمر الحاسي المحسوب على المقاتلة، والصحفي المقرب من جماعة الاخوان
عصام الزبير لإعداد تقرير عن الأمر بمنطقة الهلال النفطي، واشارت المصادر إلى أن
المسئولين نسقا مع الزبير والحاسي كي يتم ابعاد عناصر القاعدة عن أنظار الفريق
الأمريكي، غير أن الادارة الأمريكية تمكنت بوسائل أخرى، ومصادر مختلفة ، من معرفة
الوضع وتقييم الحالة بناء عليها.
مما تجدر الاشارة إليه أن مصادر خاصة
تتواجد بين عناصر القاعدة، استطاعت معرفة ادق التفاصيل منها تحديد القيم المالية التي
تحصلوا عليها وكذلك باقي الأموال التي سيتحصلون عليها في حال استكمال السيطرة على بقية
الموانئ.
مصادر استخباراتية غربية أكدت بأن
تمويل هذه العملية، جاء عبر دعم قطري بلغ 200 مليون دولار، وصل جزء منها كدعم
لوجستي للقوات المهاجمة في صورة سيارات و أسلحة و ذخيرة وقدر هذا المبلغ بحدود 150
مليون، وأشارت المصادر إلى أن بقية المبلغ وهو في حدود 50 مليون احتفظ بها الوسيط "
ليبي من جماعة الاخوان" وبالتحديد من مدينة مصراته، وذلك بحجة الحاجة إليها
للعلاج والحملة الإعلامية المرافقة للعملية.
تجدر الاشارة إلى أن بطاقة حمراء رفعت
في وجه القوة المهاجمة من عدة دول كُبرى فحواها" ان أي تقدم ستكون عواقبه
وخيمة، و لن يتم السكوت عنه، وهددت هذه البطاقة قادة الحملة بضرورة أن أي عناصر من
القاعدة يجب ان تختفي نهائيا من المشهد العسكري في الهلال النفطي"
وفي حالة تنفيذ الأمر ستكون النتيجة ضعفا
واضحا للقوات المهاجمة، كما أن الجماعات الارهابية لن تعرف ردود أفعالها تجاه هذا
الأمر، فهي إما ستسبب في اضرار للمنشآت النفطية، وربما ستنتقم من العناصر الليبية
الموجودة معها.
سباق داعمي حكومة السراج في ليبيا ضد الوقت
يسابق فائز السراج رئيس مجلس الرئاسة المقترح من الأمم المتحدة،
وداعميه من الدول الأوربية الزمن لإيجاد هيكلية ما لحكومته، ومحاولة عرضها على
البرلمان، خصوصا أن من يدعمه من الأوربيين وتحديدا بريطانيا وايطاليا، يدركون بأن
الوقت بدا يتسرب من بين أياديهم لتمرير هذه الحكومة التي أوجدت لتحقيق مصالح
واهداف هذه الدول.
من هذه الخطوات التي يسابق بها السراج
وداعميه الاعلان عن بعض الأسماء لتولي مناصب حساسة في الدولة، واغلب هذه الأسماء
تفتقد للخبرة في مجالها، لكن يبدو أن الهدف هو استقطاب بعض التحالفات المناطقية
والقبلية خصوصا في برقة " شرق ليبيا".
من اكثر الأسماء المثيرة للجدل
والمرشحة لمنصب حساس وخطير وهو منصب رئيس جهاز المخابرات العامة، الذي تم إلى عضو
البرلمان الشرعي بطبرق فتح الله حسين عبدالكريم محمد.
كما تم تعيين السفير محمد البرغثي
مندوبا جديدا لدى جامعة الدول العربية خلفا لعاشور بوراشد، الذي لم يعرف إن كان
أسند إليه منصب آخر أم لا، وإن كان يرى متابعون للشأن الليبي بأن البرغثي لن يستلم
هذا المنصب من قبل المجلس الرئاسي نظرا لقرب البرغثي من البرلمان الشرعي وقيادة
الجيش الليبي.
ومن ضمن القرارات المثيرة للجدل، قرار
تشكيل قوة جديدة سُميت "قوة مكافحة الإرهاب" وحسب القرار تكون تابعة
للجيش، ولم يوضح المقصد من الجيش هنا، وإن كان المعروف أن السراج لا يتقبل قيادة
الجيش الحالية بسبب توصيات غربية بذلك، وستكون حسب القرار هذه القوة تتكون من
عناصر مليشيات قائمة حاليا مما يعيد الموضوع للدائرة الأولى من سيطرة المسلحين
المؤدلجين اسلاميا وغيرهم على مؤسسات الدولة، وتم اختيار شخصية عسكرية مجهولة
السيرة لقيادتها وهو العميد محمد محمود الزين .
ثم تأتي محاولة حذر منها أغلب
الليبيون، وهو أن القرار أكد على أن يكون لمليشيا البنيان المرصوص (التابعة للمجلس
العسكري في مصراته) أولوية الانضمام لقوة مكافحة الإرهاب، وكان سبق لهذه القوات أن
خاضت حربا صورية ضد مجموعات صغيرة من المسلحين في سرت تحت قيادة ايطالية أمريكية
وبمشاركة قوات أجنبية.
يضاف إلى كل ذلك قرارا يقضي بإنشاء
المركز الوطني لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة
المالية المستقلة ويتبع مجلس الوزراء لحكومة الوفاق الوطني، وتم تعيين العميد
عبدالقادر علي التهامي، مديرا عاما له.
يذكر أن العاصمة طرابلس تصحو وتنام على
وقع اشتباكات متقطعة بين ميليشيات إسلامية وأخرى مجهولة التوجه. ويبدو المجلس
الرئاسي المدعوم غربيا يعمل بأقل من نصف تشكيلته في العاصمة عاجزا عن التصدي
للاضطرابات، ومع هذا تصر القوى الغربية على أن هذا المجلس يمثل السبيل الوحيد إلى
السلام.
ويأمل داعمو السراج تمرير هذه الحكومة من قبة البرلمان وتحديدا قبل
استلام الإدارة الأمريكية الجديدة لمقاليد الأمور، خصوصا بعد التقارب الروسي من
قيادة الجيش، وبعض التصريحات التي ندت عن مقربين من ترامب بخصوص انه يريد شخصية
قوية في ليبيا ليعمل معها على مكافحة الإرهاب في العالم.
في نهاية المطاف تظل اجراءات السراج
وداعميه مجرد حبر على ورق، لأن لا احد في طرابلس يستطيع فرض قرار أو تحقيق رخاء أو
أمن أو تنفيذ أي اجراء اداري، في ظل تواجد زعامات ارهابية تمتلك السلاح وتسيطر على
مساحات مهمة من العاصمة، وسيكون مصير هذه الحكومة مماثلا لمصير حكومة الكيب
وزيدان، وسيكون نتاج عملها استنزاف الأموال الليبية، واستفادة دول بعينها من حالة
اللا أمن واللا فوضى.
رئيس مجلس الدولة الليبية المقترح يزور
سيرته الذاتية
عُــرف عن نظام حكم القذافي في ليبيا احكام قبضته القوية على كل مفاصل الدولة، وشهدت فترات حكمه الأولى وهي
الممتدة من حقبة السبعينات حتى أوائل التسعينات، بالبطش الشديد وعدم التسامح حتى
بمجرد كلمة عابرة تقال في اجتماع أسري، ولو كانت في قرية نائية بقلب الصحراء
الليبية.
هذا الأمر يعرفه كل الليبيين في الداخل
والخارج، غير أن من هم في الخارج يؤكدون على أشياء ومواقف ويؤكدون أمور كثيرة من
البطش والعنف طالهم أثناء فترة " نضالهم" كما يقولون ضد القذافي،
ونستطيع أن نصل لقاعدة تلقى شبه اجماع من الليبيين، بأنه لا يمكن لأحد أن يفكر حتى
مجرد التفكير في نقاش بينه وبين اقرب الأقارب حول طبيعة النظام وظلمه، فما بالك
بالمجاهرة بهذا الشيء في شارع أو اجتماع ما في أي مكان.
بعد عام 2011 وبعد سقوط النظام الذي
ساهم فيه أغلب الليبيين، وبغض النظر عن ماذا حدث بعد ذلكن واسبابه، غير أننا نجد
أنفسنا نقف أمام محاولات لبعض الشخصيات لكي تُظهر أنفسها، أو بعض ممن تؤيده بمظهر
المعارض الشجاع، الذي لا يخشى بطش آلة القذافي، وتورد قصص يحير الخيال في تصديقها
أو تصورها.
من هذه الشخصيات "
الدونكوشيتية" عبدالرحمن السويحلي رئيس ما يعرف بمجلس الدولة المقترح من
الأمم المتحدة، والمرفوض من الليبيين، والذي يمارس عمله بالمخالفة حاليًّا في
ليبيا.
وحسب سيرة السويحلي الذاتية التي
يذكرها مؤيديه واغلبهم من جماعة الاخوان المسلمين، وبعض جماعات مصراته المسلحة فهو
متحصل بكالوريوس هندسة مدنية 1969/ 1970 جامعة طرابلس، أي في عهد القذافي، بل في
بداية هذا العهد، ثم تحصل على ماجستير هندسة مدنية 1973 جامعة ويسكنسن - الولايات
المتحدة الأمريكية، بإيفاد من حكومة القذافي وكانت تلك الفترة يتم التدقيق في
اختيار من يذهب للإيفاد ولابد أن يكون مرضي عنه بشكل ما، ولو طال الشك أي جانب لن
يكون له حظا في الايفاد، بل ربما يكون السجن الطويل والغير معروف المكان هو مصيره
المحتوم، وتذكر سيرته أيضا أنه تحصل على دكتوراه هندسة مدنية 1978جامعة
ساوثهامبتون- بريطانيا، وكان رئيس لاتحاد الطلاب المبتعثين من ليبيا، ودرجته هذه
تحصل عليها في اوج طغيان نظام القذافي، ثم عاد للوطن واصبح محاضر بجامعة طرابلس
1973-1974.
ونقرأ في سيرته بداية التلفيق فتذكر
السيرة أنه " كان معارضاً لنظام القذافي منذ سبعينيات القرن الماضي حتى قيام
ثورة 17 فبراير المجيدة".
وهنا يجب أن نتوقف منذ السبعينات والرجل عاد للبلاد وعمل في الجامعة
الليبية، بل وعادت الدولة وأرسلته لتكملة دراسة الدكتوراه، فأين نظام البطش واليد
الحديدية التي لا تغفل عن شاردة وواردة بخصوص المعارضين، ومن تستشعر الخطر منه
اتجاه الحكم حينها.
بل لا يتوقف كذب هذه السيرة فنجد فيها
أيضا "كانت أول مواجهة للدكتور عبد الرحمن السويحلي مع معمر القذافي في
فبراير 1970 في ساحة كلية الهندسة بجامعة طرابلس، عندما احتدم بينهما النقاش حول
أسلوب الحكم، وكان ذلك في حضور الآلاف من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس".
ويحتدم النقاش وعلى أسلوب الحكم، ويستمر السويحلي في الدراسة بل
ويتخرج في نفس هذا العام بكل هدوء ، فمن هو هذا القذافي الهادي الديمقراطي الذي
يتقبل كل هذا من طالب ينال من أفكاره امام المئات من الطلاب في الجامعة.
ولا يقف ادعاء السويحلي ومن يؤيده عند هذا الحد بل نجد في سيرته
الملفقة "في
مايو 1971 أمر معمر القذافي كلية الهندسة بجامعة طرابلس آنذاك بإيقاف إيفاد عبد
الرحمن السويحلي للدراسة العليا بالخارج، حيث أنه قد تم تعيينه معيداً بقسم
الهندسة المدنية نتيجة حصوله على الترتيب الأول على دفعته في ذلك العام، وقد تمكن
عبد الرحمن بسبب إصراره على الاستمرار في دراسته، من إلغاء هذا الإيقاف".
لن نقف امام قصة حصوله على الترتيب
الأول لكن تفطنوا لشيء واحد مهم وهو أن " القذافي" كان لا يريد ايفاد
السويحلي، غير أنه بإصراره استمر في دراسته والغاء قرار معمر !! فمن هو السويحلي الذي يقف بوجه القذافي الذي أعدم العشرات في جامعة
بنغازي لوشاية فقط من لجانه في الجامعة، ويترك السويحلي الذي يواجهه مباشرة، بل
ويتحدى قراراته.
ويضيف السويحلي أو زبانيته مزيدا من
الكذب الذي لا يمكن لأحد تصديقه فنجد في سيرته " بعد حصوله على درجة
الماجستير في أبريل عام 1973، عاد إلى الوطن وكانت ما تسمى بالثورة الشعبية في
بدايتها، وبدأت محاولات فرض اللجان الشعبية على الجامعة، وقد لعب د. عبد الرحمن
دوراً رئيسياً في إفشال هذه البداية، وذلك من خلال إصراره على استمرار الهيئات
الإدارية للجامعة من مجالس الكليات ومجلس الجامعة ورئيس الجامعة آنذاك (د. عمر
التومي الشيباني رحمه الله) على تسيير أمور الجامعة، ثم بنجاحه في أغسطس من نفس
العام (1973) في حل كل اللجان الشعبية في الجامعة لعدم ملائمتها للنظام الجامعي
ومتطلباته. (مع أن نظام الطاغية أعاد فرض اللجان الشعبية بالقوة في ديسمبر من نفس
العام، بعد سفر عبد الرحمن السويحلي إلى بريطانيا لمواصلة دراساته العليا".
أنظروا بالله عليكم القذافي الشرس الدكتاتوري، والذي لا يعرف إلا السجن
أو الإعدام لمن يعارضه، يقف السويحلي ويلغي لجانه الشعبية !! بالمناسبة لا أحد في
ليبيا يتذكر أن اللجان الشعبية ألغيت في أي مكان في ذلك الزمن، ناهيك عن أن
القذافي لم يحرك ساكنا وانتظر حتى يغادر السويحلي لدراسة الدكتوراه بموافقة الدولة
وأدوات معمر، لكي يعيد اللجان الشعبية، فأي سلطان للسويحلي على الدكتاتور حينها.
هؤلاء الشخصيات العقيمة المبرمجة خارجيا، هي من
يحاول المبعوث الأممي كوبلر، وبعض الدول الغربية فرضهم على الشعب الليبي كسياسيين
وقادة للبلاد، بينما الشعب يعرف حقيقتهم، ويعرف مدى كذبهم الذي لا يصلح حتى رواية
للخيال تعرض على شاشة التلفاز لغرض الفنتازيا لا أكثر ولا أقل.
لماذا يرفض الليبيون حكومة السراج
قد يسأل كثيرون وتحديدا من غير
الليبيين عن سر رفض الليبيون لمخرجات حوار الصخيرات، ويتشبثون بهذا الرفض رغم كل
ما يعانونه الآن من أزمات اقتصادية وحياتية مختلفة، المتابع للشأن الليبي عن بعد
يعتقد بأن مشروع هذه الحكومة سيكون لصالح الليبيين، وإن من سيتولون أمر المسئولية
هم أناس وطنيين، لاهم لهم سوى اخراج الوطن والمواطنين مما هم فيه من أزمات،
والعمل كذلك على إعادة مؤسسات الدولة إلى المسار الصحيح، ودعم الجيش والأمن.
غير أن الليبيين يدركون تمام الإدراك
بأن هذا الأمر بعيد عن الواقع، بعشرات السنوات الضوئية، وإن كل ما يراد به من خلال
هذه المسرحية المسماة "وفاق" هي مجرد لعبة سمجة لإيجاد كيان يأخذ الصبغة
الرسمية ثم يتحول لمجرد سكرتير للغرب يوقع لهم على ما يريدون من مصالح في ليبيا
وثرواتها.
وما تنازل الدول الأوربية تحديدا عن
قناعاتها في دعم الديمقراطية، ومخرجات الصناديق، وتحولها لداعم مجموعات انقلابين، أغلبهم
يستعملون السلاح، والفكر الإرهابي لتحقيق مآربهم إلا دليل على أن هذه الدول لا
تعبأ بمصلحة الليبيين، كما أن استمرار عدم الاعتراف بالجيش كقوة فاعلة في حرب
الإرهاب، واتجاه هذه الدول لدعم المليشيات لكي يروج لها على أنها الأفضل في حماية
ليبيا مستقبلا إلا دليلا واضحا على غاية هذه الدول لتستمر الفوضى إلى أقصى مدى في
ليبيا.
ولكي نعرض مسببات منطقية لرفض الليبيين
فإننا نعرض هنا شخصيات تعمل في حكومة الوفاق المقترحة، وهذه الشخصيات معروفة لدى
الليبيين بفسادها، وعدم صلاحيتها لقيادة أي مؤسسة، فما بالكم بدولة كليبيا، واليوم
نعرض أحدى هذه الشخصيات على أن نستمر لاحقا في التعريف بالبقية.
نبدأ بالمدعو خالد محمود الشلتات بديوان
حكومة الوفاق حاليا والإنقاذ سابقا،
المذكور كان يعمل
سابقا بالفنادق على مهنة نادل (قرصون)، يتولى
حاليا مهام سكرتير مكتب شؤون التنظيم بديوان رئاسة الوزراء في حكومة الوفاق،
وأوكلت إليه عدة مهام مشبوهة
منها التصرف
في الميزانية السنوية المخصصة لديوان رئاسة الوزراء "اللجنة الشعبية
العامة" في عهد القذافي، والمقدرة ب 60 مليون دينار سنويا .
كما أتهمه تقرير صادر عن ديوان
المحاسبة لسنة 2015م بارتكاب تجاوزات مالية جسيمة، غير أن قرابته من عضو المجلس
الرئاسي المقترح أحمد معيتيق، وكونه أحد المؤيدين لحكومة الوفاق المقترحة، لم تتم
محاسبته، وتم التغاضي عن التقرير، واستمر في تأدية مهامه طوال العام 2016م.
ثبت حصوله على امتيازات مالية لا
يستحقها، وعومل معاملة وكلاء الوزرات، ويتقاضى في مرتب شهري قدره 7000 دينار ليبي. بالإضافة
إلى مبلغ 6000 دينار شهريا كبدل إيجار.
شارك الشلتات في اقتسام مبالغ مالية
كانت مخصصة كـفروقات مرتبات موظفي ديوان رئاسة الوزراء، وذلك عن النصف الأول من
العام 2013م وحصل منها على مبلغ يقدر ب 90 ألف دينار في شكل مكافئات مالية أثناء
عمله بحكومة الإنقاذ برئاسة الغويل.
مقتل السفير الروسي سيناريو ركيك يشير إلى جماعة الاخوان
ظهر
فيديو بعد عملية للحظة اغتيال السفير الروسي في أنقرة، يظهر فيه القاتل واقفاً
بوضوح خلف السفير أندريه كارلوف أثناء إلقاء كلمته، وإلى جانبه المترجم.
القاتل الشاب ظهر خلف كارلوف، وكأنه
ضمن فريق الحراسة أو الشرطة، منتظراً ساعة الصفر لإطلاق رصاصاته، حتى إنه انتقل من
يسار إلى يمين السفير، محاولاً التمويه عبر النظر إلى بعض الصور المعلقة على
الحائط.
ثم ما لبث أن ثبت في مكانه حتى هم بإطلاق عدة
رصاصات. وكان هذا المشهد أثار بعض اللغط، إذ لم يظهر جلياً في الفيديو الأول الذي
انتشر ، مكان القاتل تحديدا وهل كان متواجدا أصلاً بالقاعة أم دخل إليها في وقت
لاحق.
ويستمر الغموض والجدل حين يتحدث ملتقط
الصور والفيديو والذي توحي افادته بشتى الظنون التي ستثير كثيرا من الاشكاليات
وعلامات الاستفهام، منها ربما أن هذا المصور ضمن خلية الاغتيال ، للتوثيق لكن
بطريقة وأسلوب جديدين ، فمن جند رجل أمني، يستطيع أيضا تجنيد صحفي.
وحين نتأمل كلام مصور الفيديو نجد رائحة خُطط الإخوان تفوح برائحتها
الساذجة، فهم عادة يعتقدون بأنهم أكثر ذكاء وحنكة من كل البشر، وبمجرد ما يضعون
سيناريو مهما كان أحمقا، إلا انهم يصدقونه بسرعة، ويظنون ان العالم سيعترف بما
يقدمونه بكل سهولة ويسر.
يقول المصور وهو مصور تركي يعمل لصالح
وكالة "أسوشييتد برس" إنه اختبأ وراء "حائط" !! وهنا نجد أول
تساؤل هل توجد حوائط في صالة عرض ؟ خصوصا أنه قال بأنه اقترب لالتقاط صور أوضح
للسفير أثناء حديثه.
وعن تلك اللحظات قال المصور برهان
أوزبيليسي: "كان الحدث روتينياً، ولم أكن لأحضره لولا أن موقع المعرض كان في
طريق عودتي من المكتب إلى البيت". هنا أيضا صدفة تحتاج لمخرج مبتدئ فقط لضمها
إلى فيلم رديء.
وتابع "كان مجرد افتتاح معرض للصور عن
روسيا، وكان السفير يتحدث بهدوء تام، فاسحاً المجال للمترجم ليشرح ما يقوله، قبل
أن نلاحظ رجلاً على المسرح، ساحباً مسدسه، لوهلة خلت أن الأمر مجرد مشهد
مسرحي".
لكنه لم يكن كذلك، فبعد ثوانٍ أدرك
المصور، بحسب قوله، أنه كان أمام جثة رجل مقتول، أمام عملية اغتيال، فقام بما
يجيده، ألا وهو توثيق المشهد والتقاط صور القاتل، مع الفوضى والرعب اللذين عما
الصالة.
ثم يصف برهان أوزبيليسي ، حالة القاتل حين
صاح "الله أكبر"، وبكلمات أخرى فهم منها في ما بعد أنها انتقام لحلب،
بحسب ما قال برهان. وأضاف: "الرجل كان مضطرباً، وراح يدور حول جثة السفير
الملقاة أرضاً، ممزقاً بعض الصور المعلقة.
في تلك اللحظة، اجتاح ملتقط تلك الصور
شعور متضارب، الخوف على الحياة، وضرورة توثيق الحدث. وتساءل بينه وبين نفسه، بحسب
ما روى في شهادته بعد ساعات على الاغتيال "ماذا سأقول لكل من سيسألني لماذا
لم تلتقط صوراً؟."
أما الصدمة الكبرى، بالنسبة لبرهان،
فكانت حين عاد إلى المكتب للعمل على الصور، ورأى أن القاتل كان يقف وراء السفير
أثناء حديثه، كما لو أنه كان أحد الحراس.
وكان تصريح وزير الداخلية التركي،
سليمان صويلو، الذي أكد أن مطلق النار هو "مولود مرت ألطن طاش"، من
مواليد ولاية أيدن غربي البلاد، ويعمل في قوات مكافحة الشغب بأنقرة منذ عامين ونصف
العام.
وهنا تجبرنا هذه الرواية الساذجة إلى أن في
الأمر ما فيه ، سواء أن الأمن التركي مخترق من جماعات ارهابية كجماعة الاخوان،
جندت هذا العنصر الأمني، وأيضا هذا الصحفي، أو أن وراء هذه المخابرات العالمية أي
كانت صفتها وجنسيتها، ويظل الدليل الأكبر هو الحائط الذي اختبأ وراء المصور، وهو
الشيء الذي لا يمكن تصديقه في قاعة معرض حديثة ومنسقة، فهذه القاعات تكون باتساع
كبير، ولا وجود لأصوار أو متاريس لأي كان ليحتمي وراءها، كما أن زوايا الصور
وكادرها، لا توحي بأن ملتقطها مختفي خلف أي سياج.
يبقى
احتمال رغم ضآلته إلا أنه يتسم بكثير من الأهمية، فقد يخرج أردوغان، ويؤكد بأن
جماعة معارضة فتح الله غولن وراء هذه العملية، حتى يتم الضغط على أمريكا لتسليمه
لتركيا، ومن المعروف أن غولن من جناح الاخوان الذي انفصل عن تأييد أردوغان ،
وبالتالي لا تهتم الجماعة به وبمصيره، وهنا تحديدا نعود مجددا لتآمر الإخوان الذي
لا ينتهي حتى في صفوف الجماعة وبين أفرادها.
يسعى مارتن كوبلر المبعوث الأممي
لليبيا، وعراب الاتفاق الهش الموقع في الصخيرات، لإصلاح ما أفسده عطار السياسة
الدولية في ليبيا عن طريق الجسم الهجين المسمى مجلس الرئاسة في ليبيا برئاسة فائز
السراج، فمن خلال تصريحات مارتن كوبلر الأخيرة، نجد تذبذبا في هذه التصريحات، فهو
من جهة يؤكد بأن تغييرات جوهرية ستجرى على بنود هذا الاتفاق، وهو امر كان يرفضه
رفضا قاطعا، كما أنه من جهة أخرى يحاول تمرير فكرة ان ولاية المجلس الرئاسي لن
تنتهي في ديسمبر لأنها لم تبدأ أصلا، معللا ذلك بعدم اجراء مجلس النواب الليبي التعديل
الدستوري اللازم، وعدم منح البرلمان الثقة بالحكومة التي ستتبع هذا المجلس.
وبلا شك لا يجهل كوبلر النقطة
القانونية التي ستترتب على اشارته هذه ، وهي أن هذه الإشارة ستجعل كل ما صدر من
قرارات وتعيينات عن هذا المجلس غير قانونية وغير صحيحة، ومن يصدر قرارا أو تعيينا
بصفة غير قانونية سيكون مطالبا للمثول أمام الجهات القضائية لمحاسبته على ارتكاب
أخطاء قانونية، وإصدار قرارات سيادية ليست من اختصاصه ولا يملك الأهلية لهذا العمل
من الأساس.
وحين نفحص الجغرافيا والديموغرافيا
الحالية لليبيا، سنجد أن المجلس الرئاسي والحكومة التي ستخرج عنه إن صار هذا الأمر
شرعيا، لا وجود لهما على أرض الواقع، ولا تأييد لهما من أغلبية الليبيين، فبنظرة
سريعة نجد أن المنطقة الممتدة من امساعد شرقاً الى
بن جواد غرباً، وبالاتجاه جنوبا حتى تازربو و السرير و الكفرة مروراً بمناطق الواحات
مثل الجغبوب وجالو وأوجله، وهي ما تعرف تاريخيا وجغرافيا بإقليم "برقة"،
كما أن عدة مناطق في الجنوب وصولا الى مرزق و براك والشاطئ وبعض مناطق الوسط
مثل سوكنة، وهي ما تعرف بإقليم فزان، وصولا لمدن الزنتان والرجبان و مناطق ورشفانة
غربا في إقليم طرابلس والتي تشكل طوقا حول العاصمة، هي مناطق غير مؤيدة لهذا الاتفاق،
ولا تعترف بحكومته، وهي تتعامل مع البرلمان وحكومته في برقة، كما أنها تدعم الجيش
وبقوة.
ولو تأملنا بقية المناطق التي قد يُخيَّل
لمن لا يعرف تركيبة ليبيا، انها مؤيدة للوفاق فسند أن طرابلس تتقاسمها مليشيات
مسلحة مختلفة الرؤى والأيدولوجيات، مختلفة في كل شيء، إلا أنها تتفق على عدم
الاعتراف بهذا المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق التي يقترحها كوبلر، فالمعروف ام
مليشيات المقاتلة وهم جماعة إرهابية قريبة من القاعدة، لا تعرف بأي شكل للدولة
الحديثة، وذلك من خلال تصريحات قادتها مثل خالد الشريف وعبدالحكيم بالحاج وغيرهم،
كما أن مجموعات الاخوان وعبر المفتي السابق الصادق الغرياني لا تقر بهذه الحكومة
أو غيرها.
وعلى الرغم من تبنى مجلس الرئاسي لعمليات
"البنيان المرصوص" في سرت في حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي، واستعانة المجلس
الرئاسي الغير شرعي للمساعدة الامريكية، إلا ان قيادات من قوات البنيان لا تدين للرئاسي
بأي ولاء، وصرح كثير من قادتها وأفرادها لوسائل اعلام محلية ودولية بأن الرئاسي
ينسب نصراً لنفسه لم يكن جزءاً منه ، يضاف إلى ذلك أن وزير دفاع المجلس المقترح
المهدي البرغثي لم يستطع زيارة المنطقة او الوقوف على سير المعارك، أو الاشراف على
غرف العمليات والاجتماع مع قادتها كما يفعل وزراء دفاع العالم في مثل هذه الحالات.
ويحاول كوبلر في الوقت بدل الضائع من
إدارة أوباما، وأيضا في عملية استباقية لدخول الجيش الليبي بقيادة المارشال حفتر
للعاصمة طرابلس، بتجميع بعض المسلحين، ووضع ضباط مجهولي السيرة وعديمي الخبرة،
وتسمية هذه الخلطة " الحرس الرئاسي" ربما لتشكيل قوة مرتزقة يدفع لها
المال، وتمنح بعض السطوة لحماية منطقة خضراء لمجلس السراج في قاعدة "أبي ستة"
بطرابلس.
الحرس الرئاسي في ليبيا حشد على الطريقة الليبية
المتابع لتفاعلات الحالة الليبية ، خصوصا من الدول الأوربية التي تحشر
انفها عنوة في الحالة الليبية ، سيثيره اللهاث المستمر لهذه الدول على إيجاد أجسام
موازية للأجسام الموجودة أصلا في ليبيا وعمرها يفوق عمر عدة دول في العالم وليس
مؤسساتها فقط، وأقصد هنا الأجسام الأمنية والعسكرية.
أوربا وامريكا ساعدت وتساعد مليشيات غير منضبطة ولا تخضع لأي قانون أو
اعراف، وغضت هذه الدول الطرف عن ممارسات عديدة لهذه المليشيات ، لا لشيء سوى أن
تستمر الأزمة الليبية، وأن تكون هذه المليشيات المسلحة وسيلتها لتمرير ما تريده في
ليبيا.
وفي مقابل هذا الوله بهذه التيارات المسلحة، نجد عزوفا من هذه القوى
الدولية عن الاعتراف بالجيش أو بقياداته المحترفة، أو الاعتراف بعمله في تحجيمه
لقوى إرهابية في ليبيا فاقت قوتها وعتادها أي قوى إرهابية في أي منطقة، فوصول
المليشيات الإرهابية في بنغازي إلى حوالي 30 ألف مسلح بمدرعاتهم ومدافعهم وألغامهم
وانتشارهم في مدينة يقترب سكانها من المليون، ومع هذا استطاع الجيش الليبي بقيادة
المسير خليفة حفتر من تحجيم وهزيمة هذه القوات، واصبحوا محشورين في بؤر صغيرة
الحجم، وصار عددهم بضع عشرات.
أخر ما تسابق به هذه القوى الوقت وتحديدا قبل أن يستلم الرئيس
الأمريكي ترامب مقاليد الحكم في بلاده، هو مقترح الحرس الرئاسي، وعادة مثل هذه
التسميات تكون لقوات رمزية برتوكوليه، غير ان الهدف عند هذه القوى هو إيجاد قوة
تكون مضادة للجيش، واطالة امد الفوضى في ليبيا، وستكون مهمة هذه القوات حماية
الحكومة العميلة برئاسة " السراج" في منطقة أبوستة بما يشبه المنطقة
الخضراء للمالكي في العراق.
حين بدأ الغرب في تنفيذ مشروع الحرس الرئاسي اختار له شخصية مجهولة في
ليبيا، تحمل رتبة عسكرية ، وليس لها أي أثر في المؤسسة العسكرية الليبية، ولا
تتمتع بكاريزما قيادية، ولم يعرف عنها قدرتها القيادية في أي من الصنوف العسكرية
الليبية.
فالعميد نجمي الناكوع لا اثر له في السيرة العسكرية الليبية، ولا يمارس
أي مهام في الدولة الليبية، وهو شخصية ضعيفة اختيرت لتقاد من قبل كوبلر والدول
الغربية لتنفيذ مخططاتها في ليبيا.
والدليل لم يتم اختيار أي ضابط أمن من الموجودين في طرابلس مثلا، ممن
لديهم مقدرة وخبرة في إدارة الشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب، ومن العاملين
بالأجهزة الأمنية المختلفة.
كما تظل مسألة تكوين هذا الحرس وتبعيته من أخطر الأمور، فتصريحات
أعضاء المجلس الرئاسي وكذلك كوبلر والدول الأوربية المصرة على هذا الجهاز، هي
تصريحات أقرب للدبلوماسية منها لتوضيح الصورة، فهي تحوم حول جهاز يتكون من عناصر
الأمن والجيش، وهو ليس موازيا للجيش، ومهمته حماية المنشآت ومكافحة الجريمة.
وهنا يبرز سؤال لو الأمر متعلق بالأمن فلماذا لم يتم إعادة الأجهزة
الأمنية وتسلحيها وتوفير الإمكانيات لها، ثم لماذا الإصرار على أن هذا الجهاز
يتكون من الجيش والأمن، والمعروف ان الجيش لديه قيادة وكوادر وعمله يختلف عن
هذ الجهاز.
في المحصلة هو محاولة لإقصاء الجيش وقيادته، لأن الجيش الليبي سيعيد
للدولة هيبتها، ويمنح مؤسساتها السياسية والمدنية القوة في التعامل مع نظيراتها في
العالم، وسيتم السيطرة على ثروات البلاد، وهذا الشيء هو ما تخشاه الدول الغربية،
ولذلك تسعى عبر عملائها في حكومة الوفاق، على إيجاد جسم يحمي الحكومة العميلة
المقترحة في منطقة خضراء بقاعدة" أبوستة " البحرية، بما يشبه المنطقة
الخضراء في بغداد.
كما أن محاولة الإسراع في انشاء الحرس الرئاسي، هي محاولة لخلط جسم
مسلح لا يتميز بالتراتبية أو النظام أو الانضباطية، يكون شبيها لحد بعيد بالحشد
الشعبي العراقي، لا يهمه سوى من يدفع له ، ويحقق لقادته مصالحهم فقط.
السياسة السعودية في المنطقة العربية، المظاهر والأهداف الخفية
حين نتأمل مواقف السعودية من بعض الدول
العربية التي أصيبت بفوضى الربيع العربي،
نجد أن مواقفها ايدلوجية مبنية على فكر معين، وهو الصراع السني الشيعي، وهنا لا
نطرح الموضوع من باب صلاحية هذا المذهب، وأخطاء ذاك، بل على تسيس الأمر هنا أو
هناك، فمن الجانب الآخر نجد إيران تقف ضد السعودية بناء على فكر مذهبي مُسيَّس.
الطرفان لا يهمهما الدين بقدر ما
يهمهما النجاح السياسي، فإيران استغلت الفوضى في سوريا للتقارب أكثر من النظام
السوري المعروف قربه من التوجه العلوي، غير أنه وعبر تاريخ سوريا، لم تمارس فيها
أي أنواع من التطرف الشيعي ضد السنة، بل أن علماء السنة والأئمة والخطباء يعملون
بدون أي ضغوطات، كما أن ممارسات الشيعة التي شاهدناها في العراق وايران، والتي
تعتمد على جلد الجسد بالجنازير إلى غيرها من ممارسات هذه الطائفة، لم نشاهدها في سوريا طيلة نظام الأسد، كما أن النظام
السوري تغلب عليه مسألة الليبرالية اكثر من أي توجه ديني.
السعودية صارت دولة تنظر إلى كل دولة
تكثر بها الطائفة الشيعية على انها عدو وجب قتاله، واي دولة تقترب منها ايران
تعتبرها هدفا لها، ولم تسأل السعودية نفسها لماذا حدث هذا الأمر. فسوريا زمن الأسد
الأب والابن لم نشهد مجاعات تجتاحها، ولا تدمير بها، كما لم نرى أو نسمع بسوري
واحد يترك بلاده مهاجرا عبر البحر أو الحدود.
وإذا ما نظرنا إلى توزيع السكان في
سوريا نجد العديد من الدراسات تشير إلى إحصائيات مختلفة، ففي إحصاء عام 1985 وزعت
النسب على الشكل التالي: 76.1% مسلمون سنة، و11.5% علويون، و3% دروز، و1%
إسماعيليون، وبين 4.5% و0.4% شيعة إثنا عشرية.
يعني بشكل عام سوريا بلد سني، ولا يمكن
بأي حال اضطهاد الأغلبية من قبل الأقلية، وإن وجدت دكتاتورية ممارسة في هذا البلد،
فهي دكتاتورية على الجميع وليست موجهة لتيار معين من السكان.
وفي حالة حملنا ايران أو سوريا مساندة
التطرف الشيعي ضد المسلمين فإننا نجد أصابع اتهامات عديدة توجه للسعودية، بصفتها
من خلق الأجسام الارهابية في العالم الاسلامي، وذلك بتبنيها عدة جماعات وشخصيات
اصبحت قيادات كبيرة في عالم الإرهاب " المتأسلم".
وحسب مصادر عالمية كثيرة منها ما نشر
في وثائق ويكيليكس، تثبت انفاق السعودية المليارات لبث الفكر الوهابي التكفيري
وليس من المصادفة أن آلاف السعوديين انضموا لداعش.
وقدرت الخارجية الأمريكية أنه على مدى
العقود الأربعة الماضية أنفقت السعودية أكثر من 10 بليون دولار على مؤسسات خيرية
مشبوهة لإنشاء تيار يلتزم الوهابية، وأن نحو 20 بالمئة من هؤلاء انضموا للقاعدة
وللجماعات الإرهابية.
وكان الكونغرس الأمريكي قد اعتمد أواخر
سبتمبر قانون '' تطبيق العدالة ضد رعاة الإرهاب'' المعروف باسم ''جاستا'' الذي
يسمح لضحايا الهجمات بمقاضاة المسؤولين الأجانب أمام محاكم أمريكية، وتركز الأضواء
على السعودية لأن معظم إرهابيي هجمات 11 سبتمبر هم من مواطنيها.
يقول كورتين وينزر السفير الأمريكي
والمبعوث الخاص للشرق الأوسط في مذكراته "اختارت القاعدة السودان كمقر رئيسي
لها، ولكن عقب انتصار طالبان في 1996م انتقلت القيادة إلى كابول لإقامة دولة
وهابية نموذجية". ويضيف وينزر أنه "تحت الضغط الأمريكي أسقطت العائلة
الملكية السعودية الجنسية عن أسامه بن لادن، ولكنها أبقت على الجمعيات الخيرية
التي وفرت الدعم المالي للقاعدة".
ويشير وينزر في مذكراته إلى إنه يسود
الاعتقاد بأن أسامة بن لادن قد وقع في منتصف التسعينات اتفاقا مع الأمير تركي
الفيصل المدير السابق للاستخبارات السعودية تلتزم فيه القاعدة بعدم مهاجمة المملكة
ومسئوليها مقابل الكف عن ملاحقة بن لادن شخصيا أو المساس بقنوات التمويل المالي
للقاعدة.
ولكن يبدو أنه بعد هجمات 11 سبتمبر
والتي نفذها ارهابيون أغلبهم من السعودية، ضغطت أمريكا على السعودية للحد من تمويل
وتحرك الارهابين السعوديين.
يوضح وينزر بأن السعودية بدأت بملاحقة أنصار
القاعدة وحدثت مواجهات بين الشرطة والإسلاميين المسلحين بصورة متقطعة منذ مايو
2003م ، ولكن على الرغم من ذلك، يقول وينزر، أظهرت القاعدة التزاما باتفاقها مع
المملكة ويفسر ذلك تنقل المئات من أفراد العائلة الملكية السعودية بكل حرية دونما
خوف من الاغتيالات كما أن المنشآت النفطية السعودية لم تستهدف سوى مرة واحدة
وبصورة طفيفة، ومقابل ذلك استمرت المملكة في دعم انتشار الوهابية ومدارسها التي استمرت
هي الأخرى في تخريج متطوعين للقاعدة.
نعود للوضع الحالي، فالسعودية رغم تحججها بحرصها على النهج السلفي
السني، إلا أن مواقفها السياسية هي التي تحركها باتجاه مناطق التوتر، فبعد ميلا
واضحا في أخر أيام الملك الراحل عبدالله، وقربها من مصر ودعمها للجيش الليبي
والبرلمان، امسنا تغيرا واضحا مع خليفته الملك سلمان، حيث توترت العلاقة مع مصر
بناء على موقف مصر من سوريا وتقاربها مع روسيا، كما بدأت سياسة السعودية الرسمية
والاعلامية تبتعد عن دعم الشرعية في ليبيا، وصارت أكثر قربا من التيار المتشدد
الذي يقوده الاخوان وبقايا قيادات من القاعدة في العاصمة الليبية.
في قائمة الفساد تحسن وضع مصر وقطر
الأفضل رغم مسئوليتها
بدأت مصر تتعافى من سنة حكم الاخوان
التي جعلتها في قائمة الدول الأكثر فسادا، ورجعت حسب تصنيف الأمم المتحدة مراكزا
عديدة، للتخلص من هذه الصفة التي اكتسبتها بواسطة حكم مرسي والتي لم تتجاوز سنة،
ويعود الفضل في ذلك لقدرة حكام مصر الجدد على ضبط كثير من الأمور التسيرية ، بعد
وصول الرئيس المنتخب السيسي لسدة السلطة.
ونلاحظ أن الدول العربية التي لاتزال
ترزح في دائرة الفساد، هي من يجد الاخوان أو التيارات التي تدور في فلكها فرصة في
إدارة شؤون الدولة، أو وصول هذه الدول للدخول في نزاع بين تيارات إرهابية تسير في
ركب جماعة الاخوان الضالة.
حديثا صدر بيان للأمم المتحدة ترليون
ونصف ترليون دولار تتم سرقتهم عن طريق أنواع مختلفة من الفساد، وتؤكد المنظمة
الأممية في توضيح نشرته على موقعها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد أن قيمة
الرشى تصل كل عام إلى تريليون دولار.
ويقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي
قيمة الأموال المفقودة بسبب الفساد بـ10 في المئة من إجمالي مبالغ المساعدة
الإنمائية المقدمة للدول المحتاجة.
ويضع آخر تقرير لمنظمة الشفافية
الدولية بلدانا عربية في مقدمة أكثر الدول فسادا في العالم، بينما تحتل أقل الدول
العربية فسادا المركز الـ 22 عالميا.
وصنفت المنظمة "الدنمارك،
وفنلندا، والسويد" كأقل دول العالم من حيث انتشار الفساد.
ولوحظ أن الدول التي تنتشر فيها
النزاعات والاضطرابات والدكتاتوريات هي من بين أكثر الدول فسادا، وأقلها أمنا
أيضا.
وحلت دول عربية عدة بين الدول الأكثر
فسادا والأقل أمنا، فجاءت الصومال في المركز الأخير من حيث الشفافية، أي أنها أكثر
الدول فسادا، واحتلت المركز 167 متساوية في ذلك مع كوريا الشمالية.
وفي المركز قبل الأخير، جاءت أفغانستان
واحتلت المركز 166، بينما احتلت السودان المركز 165، وسبقتها مباشرة دولة جنوب
السودان، الدولة المستقلة المعلنة حديثا واحتلت المركز 163، متساوية مع أنغولا.
وحلت قبلهما مباشرة ليبيا والعراق
اللتان تعانيان نزاعات متعددة لعل أخطر تنظيم داعش والفصائل المسلحة، واحتلتا
المركز 161.
وحلت اليمن وسوريا، وهما تعانيان من
مشكلات أمنية واقتتال داخلي، واحتلتا المركز 154 بين الدول الأكثر فسادا.
وكان وضع جزر القمر أفضل قليلا فاحتلت
المركز 136، بينما حل لبنان في المركز 123، وموريتانيا في المركز 112 بين الدول
التي تعاني من الفساد.
وفي المراكز دون 100، احتلت جيبوتي
المركز 99، بينما تساوت المغرب ومصر والجزائر في معدل الفساد بحسب المنظمة واحتلت
هذه الدول المركز88.
واحتلت تونس المركز 76، ثم سلطنة عمان
وحلت في المركز 60، بينما جاءت الكويت في المركز 55 والبحرين (50) والسعودية (48)
والأردن (45) والإمارات (23) وقطر (22) والتي رغم وصولها لهذا المركز إلا انها
كانت سببا مباشرا في وصول عدة دول لمراكز متأخرة في قائمة الفساد. وبحسب
التقرير فإن 5 من الدول العشر الأخيرة تعد من الدول الأقل أمانا في العالم أيضا.
أما الدول الأكثر شفافية على مستوى
العالم، وتكاد تخلو من الفساد، فهي الدنمارك التي حلت أولا، وتبعتها فنلندا في
المركز الثاني والسويد ثالثة، ثم نيوزيلندا في المركز الرابع، وهولندا خامسة
والنرويج سادسة، وتلتها سويسرا وسنغافورة وكندا وألمانيا على الترتيب.
وهنا قائمة بأكثر 10 دول عربية فسادًا
حسب مؤشر المنظمة ذاتها:-
- الصومال ( 167 عالميا من أصل 167)
- السودان ( 165عالميا)
- ليبيا ( 161عالميا)
- العراق ( 161عالميا)
- اليمن (154 عالميا)
- سوريا (154 عالميا)
-جزر القمر ( 136عالميا)
- لبنان (123عالميا)
- موريتانيا ( 112عالميا)
- جيبوتي (99 عالميا)
عبث الغرب وغباء السراج يغذي شلال الدم في ليبيا
فائز السراج ومارتن كوبلر
المتابع لتسارع الأحداث في منطقة الموانئ الليبية بإقليم برقة
"شرق ليبيا" يدرك مدى التخبط الذي اصاب مجلس حكومة السراج المقترح، وأيضا
مدى عدم استطاعة داعميه الغربيين وعلى راسهم مارتن كوبلر المبعوث الأممي لليبيا، على
ايجاد حل يمكن هذا المجلس من الخروج بشكل يوحي على الأقل بأن شخوص هذا المجلس
المقربين من الغرب، لديهم ما يُمكن أن نطلق عليه "قدرة" سياسية أو حنكة
في ادارة مشكلات البلاد.
لقد أعطى تصرف حكومة السراج عبر تحريك وزير دفاعها الهارب من منظومة
الجيش، وأيضا المبعد اجتماعيا من اقليم برقة، مؤشرا واضحا على أن هذا المجلس
المقترح، والأشخاص الذين سيرونه، أو الذين اقترحهم لوزاراته ليسوا أهلا لإدارة أي
مؤسسة مهما كانت بسيطة، فما بالكم بأمور دولة شاسعة الأركان، ومتداخلة المشاكل
كليبيا.
نسى السراج ووزير دفاعه " المهدي البرغثي" أنهم في الأيام
السابقة كانوا يجتمعون بعناصر ارهابية وقادة مليشيات خارجة عن القانون، وأيضا صرح
قادتها في أكثر من مناسبة دعوتهم لضرب أي مؤسسة تتبع الدولة، وعدم اعترافهم بأي
جسم يمثل الدولة الليبية، ومن هؤلاء المفتي السابق المعزول" الغرياني"،
وعبدالحكيم بالحاج القيادي في قاعدة ليبيا " المقاتلة " وعدة شخصيات
قيادية في جماعة الاخوان الليبية.
وكان السراج ووزير دفاعه البرغثي اشاروا بوضوح بأنهم لن يقوموا بأي
عمل ضد الجيش الليبي، أو الموانئ والحقول الليبية، بعد أن طرد الجيش الليبي
مليشيات تبناها السراج سابقا للسيطرة على هذه الموانئ.
لكن وكما هو متوقع سارعت المليشيات الارهابية بتعليمات من المهدي
البرغثي وزير دفاع السراج، بمهاجمة الهلال النفطي في برقة، وكالعادة كان مصيرهم
مثل مصير من سبقهم في المرتين السابقتين، غير ان المثير والعجيب في الأمر، هو خروج
بيان من البرغثي يؤكد فيه على أنه وبناء على تعليمات من فائز السراج رئيس مجلس
رئاسة الوفاق المقترح أمميا أمر قوات تابعة للمجلس بالهجوم على الموانئ والحقول
النفطية ببرقة " شرق ليبيا".
كما أظهرت تسجيلات وصورا للآليات واسلحة لهذه القوات استولت عليها
قوات الجيش الليبي تبعية هذه القوات للمجلس الرئاسي المقترح، ووزارة دفاعة، ولم
تقف المفاجآت عند هذا الحد بل خرج بيان غير موقع لا من السراج ولا من أي عضو من
اعضاء مجلسه يؤكد بعدم اعطائهم الأمر لأي قوة بالتوجه نحو الحقول والموانئ النفطية
ببرقة.
ولم يترك المهدي البرغثي مسرح العبث السياسي لمجلسه الرئاسي وثنى
اليوم بتصريح، أقل ما يُمكن وصفه به بالعبثي، فقد اشار بأن هذه القوات تتبعه،
لكنها لم تأتمر بأمره، وقامت بالهجوم بعد أن استفزتها قوات الجيش الليبي التي
وصفها بأنها قوات قادمة من " مجاهل أفريقيا".
سيارة تابعة لقوات السراج دمرها الجيش الليبي
الصراع السياسي عادة له أسلوب، وله أدوات، وله رجال، غير أن ما يمكن
أن نستشفه من تصرفات مجلس السراج ، ووزرائه المقترحين يمكن أن نصفه بأي شيء، إلا
أن يكون تصرف عقلاء ، قبل ن يكونوا سياسيين، وبلا شك يمكن أن نستشف من هذا الفعل
الأرعن، هو قراءة غير صحيحة لبعض الدول الأوربية وعلى وجه التحديد بريطانيا
وايطاليا، فهما ما أنفك مبعوثيها يجتمعون بالسراج ووزيره البرغثي، ولاشك أنهم
أشاروا عليهم بضرورة احداث اشتباكات في الهلال النفطي، وكانت هاتين الدولتين،
تراهنان على ان تستمر الاشتباكات لعدة ايام أو أسابيع، لكي يمكنها التدخل عبر
الأمم المتحدة بحجة حماية مصالحها، وحماية ثروة الليبيين، وبالتالي تجد موضع قدم
لها، لن ترفعه بتاتا من منطقة النفط الليبي بإقليم برقة.
كذبة معارضي القذافي ووهم مؤيدي القذافي والحقيقة الوحيدة
ليبيا أصبحت بلدا يعج بالمتناقضات
والغرائب السياسية، رغم كل ما كان يتوهمه الليبيون والعالم معهم بأنهم شعب متجانس
قريب أفراده من بعضهم، تربطهم أواصر قوية من قُربى، لا توجد مذاهب دينية، أو
صراعات عرقية.
فما الذي حدث، يبدو أن القبضة التي كان
يحكم بها القذافي البلاد، كانت تخبو تحتها أفكار وتفاعلات عديدة، فالقذافي قرب
قبائل وتجاهل اخرى، مال إلى مدن ودعمها وتجاهل أخرى وهمشها، كان كل ما يهمه أن
يكون الأفراد، وتكون المدن والجهات مخلصة له، اشترى ذمما وجند شيوخ قبائل وعسكريين
وأكاديميين ونشطاء لهذا الأمر.
أصبح غرب ليبيا مثال للدولة في نظر
سكان شرق ليبيا، وبالتالي أصبحت هذه العوامل تنصهر لتكون حمم بركانية تنتظر فجوة
صغيرة في جدار القبضة الأمنية لتنفجر مدمرة كل شيء في طريقها، وبدأ الليبيون يفرون
من هذا الجحيم بحثا عن موطن أمان للكثيرين، ووطن للمقاومة في نظر البعض، وهنا مربط
الفرس وموضوع حديثنا تحديدا.
فليس كل من خرج من ليبيا في عهد
القذافي كان مخلصا في صراعه معه فأغلبهم كما قلنا كان يبحث عن أمان لرأسه، وتأمين
مستقبل لأولاده، وبعض من أغوتهم قصة الديمقراطيات ومساندة حركات مقاومة
الديكتاتوريات، وقعوا في مصيدة التعامل مع مخابرات ودول كُبرى ورطتهم من حيث يدرون
أو لا يدرون في ضرورة التعامل معها لمرة، وبالتالي لن يستطيعوا الفكاك من هذا الفخ
لنهاية أعمارهم.
وتجدر الاشارة إلى أن تيار الاخوان
المسلمين الليبي تنازل عن سياسة معارض لنظام القذافي، بعد أن أوصته المخابرات
الغربية بذلك، نظرا لتقارب تلك المخابرات والدول من نظام القذافي عن طريق ابنه سيف
القذافي، وتبرأت هذه الجماعة من كل ما له علاقة بمعارضة القذافي، ورفضت المشاركة
في مؤتمر المعارضة بلندن عام 2005.
نسبة كبيرة من الليبيين الذين لم
يخرجوا في عهد القذافي، أو لم يقاوموه لم يكن أحد منهم راضي عن ما يحدث في ليبيا طوال
هذا العهد، وكان كثير من الشعب الليبي يظن بأن سقوط القذافي سيجعل ليبيا تعود
بسرعة كدولة، بل وأن أغلبهم كان يراهن على الليبيين في الخارج كنواة لعودة دولة
المؤسسات والتنمية والرفاهية.
غير ان ما حدث أوقع قلوب الليبيين في
أياديهم، فأغلب المعارضين أفرادا وجماعات، وتنظيمات مختلفة الأيدولوجيات، وصلوا
لمناصب الدولة، وبدأت تتضح الرؤية، فهاهم يتركون البلد زرافات ووحدانا، بعد أن
أمنوا أرصدتهم بالملايين، ولذلك أدرك ليبيو الداخل بأن اسقاط القذافي، كان اسهل من
التعامل مع من يسمون أنفسهم معارضين ومناضلين لعهد القذافي ومن ضمن ما يتداول في
داخل ليبيا الآن سؤالا محددا، وهو لماذا لم يتنازل أصحاب الجنسيات الموازية عن
جنسياتهم البديلة؟ ولماذا لا يأتون للعيش في ومقاساة ما يعانيه الليبيون بعد رحيل نظام
القذافي ؟.
المعارضون والمناضلون السابقون للقذافي
وصلوا ليبيا خلال السنتين الأوليين من رحيل القذافي ، ويحملهم الليبيون مسئولية توريط
البلاد في مشاكل عديدة، وتسليم البلاد لأشخاص وتنظيمات واشخاص أكثر جرما من عهد
معمر، خصوصا أن الدول الديمقراطية التي يفخر أغلب المعارضين لنظام القذافي بالانتماء
إليها تنكرت للديمقراطية الليبية الوليدة ودعمت الانقلابين في المؤتمر واغليهم منذ
ذوي( الجنسيتين).
لايزال الشعب الليبي يحمل الدكتور محمد
يوسف المقريف رئيس جبهة المعارضة للقذافي السابق، وكذلك رئيس أول مجلس تشريعي
منتخب بعد القذافي ( المؤتمر الوطني) في مشاكل عديدة، ثم تركه رئاسة المؤتمر وعودته
لأمريكا ؟ كما يتندر الليبيون بما قدمه المعارض السابق صالح جعودة كوقاية من
عمليات الاغتيالات، حين قال يجب وضه ( سيخ ) حديد في انبوب عادم السيارات، لكي
يكتشف هل وضعت فيها متفجرات أو لا !! ويظل فعل المعارض السابق أيضا ابراهيم صهد
القشة التي قصمت ظهر تقارب الشعب الليبي من المعارضين السابقين لنظام معمر، حيث قبض
صهد ثمن معارضته ورواتبه عن كل سنوات بقائه خارج ليبيا، ثم سافر أيضا للعيش في
أمريكا.
يدرك الليبيون أن نظام القذافي انتهى،
وحتى من يحن إليه من المقربين من هذا النظام يعون جيدا بانه لن يعود، لكنهم أيضا
لا يقلون سوءً عن معارضي القذافي، فهم لا يهمهم أيضا الوطن، ويريدون مفصلا على
مقاساهم زمن القذافي، حيث يرفلون في نعيم الفتات الذي يرميه لهم القذافي وحاشيته،
واكتسبوا بعض النفوذ يتعالون به عن بقية الشعب.
الشعب الليبي الآن يدرك بأن الحقيقة
الوحيدة لإعادة الوطن، لذلك هو الآن يساند وبقوة الجيش وقائده المشير خليفة حفتر
الذي يقارع الارهاب، المدعوم بأطراف دولية أغلبها تعتبر بلدان لمزدوجي الجنسية، والغريب
أنك لن تجد ابنا واحدا لمعارض سابق يقاتل في الجبهات مع أبناء الشعب الليبي في حرب
استعادة الوطن، كما انك لن تجد معارضا سابقا للقذافي يقف مع الجيش والشعب في حربه هذه بشيء ملموس وحقيقي يعبر عن موقف
حقيقي تجاه وطنه.
كيف سيتعامل الكلب المسعور" wild dog " مع قضايا الشرق الأوسط
أصبح العالم يترقب أسماء ادارة الرئيس الأمريكي المنتخب " دونالد
ترامب" ومع كل تسريب أو اعلان لاسم معين من هذه الإدارة ؛ ستتضح كيفية تعامل
الإدارة الأمريكية الجديدة مع ما يحدث في العالم.
وبما أن العالم يعيش صراع جيوسياسي دولي،
وتدخلات وتجاذبات اقليمية لها علاقة بالشأن الداخلي لأي دولة، وبدون شك بلادنا
ليبيا جزء من هذا العلم وتتأثر بما يحدث في هذا العالم من تغييرات، وبالطبع هذه
التغيرات قد تكون أحيانا في صالح الوطن، وفي أحيان أخرى غير ذلك.
ما شهدته العاصمة طرابلس من صراع بين
ميليشيات مفتى الاخوان والجماعات الارهابية والمتمثلة في " المقاتلة " وبين
ميليشيات تدعي انتمائها للثوار، أو تحاول أن تظهر تحت غطاء حكومة السراج المقترحة،
بينما الواقع يؤكد انه صرا على السلطة والنفوذ، تدعمهما بعض الدول الاقليمية مثل
قطر وتركيا، وبدون شك سيتغير الواقع على الأرض في ليبيا حين تبدأ دول كُبرى في
التدخل بشكل أو بأخر.
وفي نظرة رابطة بين ما يحدث في ليبيا
والعالم، وعودة لأول الموضوع حول تعيينات الرئيس الأمريكي الجديد ترامب، نجد اسم الجنرال
جيمس ماتيوس الملقب "بالكلب المسعور" لتولى رئاسة احدى الوزارات
السيادية في الادارة الامريكية المقبلة في 20 يناير 2017.
" الكلب المسعور " لقب أسماه
به رئيسة الجديد أمام الصحافة، مولود في مقاطعة " مونتجومري " بولاية
بنسلفانيا سنة 1950 , جنرال ذو اربعة نجوم من البحرية " المارينز " الجنرال
ذو الخبرة الميدانية الواسعة كان قاد كتيبة هجومية خلال حرب الخليج الأولى عام
1991، كما كان قائدا لقوة خاصة عملت في جنوب أفغانستان في العام 2001 وشارك أيضا
في غزو العراق في 2003 ولعب دورا رئيسيا في معارك الفلوجة المعروفة بشراستها.
أقاله الرئيس " اوباما "
بسبب اعتراضه على تخفيض عدد القوات الامريكية في العراق ومعارضته للاتفاقية
النووية مع ايران، تقاعد من الخدمة العسكرية ،2013 وهو ما يسمح له بتولي مهام
وزارة الدفاع في مدة "لا تقل عن 7 سنوات ".
وتتمحور مواقف الجنرال " ماتيوس
" السياسية حول الأمور التالية:ـ
معارض متشدد لسياسة اوباما في الشرق
الاوسط " الاسلام الوسطى ".
يعتبر ايران اكبر تهديد لآمن واستقرار
الشرق الأوسط، كما يتهمها برعاية الإرهاب وأدان صراحة وبدون تحفظ تدخلها في العراق
ولبنان وسوريا واليمن، كما يعرف عنه معارضته القوية للاتفاق النووي مع ايران .
ما يجهله الإخــوان عـن كبيــرهم
بدأت القوى الغربية تنفيذ مخططاتها في
السيطرة على المنطقة العربية ونجحت إلى حد كبير في العراق والسودان ولبنان واليمن
والصومال ، وجاري تنفيذ مخططاتها بهمة عالية في سوريا وليبيا، وتحاول الحصول على
ما أسمته مخابراتها "الجائزة الكبرى" في مصر.
وتحاول هذه القوة تحقيق أهدافها بواسطة
جماعة الاخوان مقابل تعهد الدول الأجنبية لتحقيق أهداف الجماعة في بسط سيطرتها
وهيمنتها على هذه الدول ومؤسساتها وهيئاتها.
يعود تعاون الاخوان مع الدول الأجنبية
إلى زمن حسن البنا مؤسس الحركة سواء مع الانجليز، وأيضا مع ألمانيا النازية،
والولايات المتحدة لاحقا.
وقادة الاخوان اليوم يمارسون نفس
الأسلوب في التعامل مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي، من أجل سيطرتهم على
بلدان المنطقة العربية والاسلامية، ويحاولون اللعب بأوراق عدة ومتناقضة ترتكز على
أسلوب اللعب بالجميع ضد الجميع مستفيدا من الجميع.
المؤرخ البريطاني "جورج
كيرك"في كتابه "موجز تاريخ الشرق" ذكر فيه أن حسن البنا على حوالي
2000 جنيه عدة مرات من ألمانيا النازية، عن طريق بنك "درسون"، وهو ما
تأكد بواسطة البرقيات التي كانت في مكتب البعثة الألمانية في القاهرة، ومؤرخة في
16، 18 أغسطس 1938.
ويروي المؤرخ البريطاني أن محادثات
(الهر ولهلم ستلوجن) الشخصية مع حسن البنا كانت مفيدة جدا، وأن هؤلاء الناس (يقصد
الإخوان) يمكنهم فعل أشياء كثيرة,. كما تلقى حسن البنا أيضا إعانات مالية من
إيطاليا الفاشية حليفة المانيا النازية آنذاك، كشف عنها مدير الداخلية المصري حسن
رفعت باشا في حديثه مع، سير والتر سميث, مستشار السفارة البريطانية.
وكعادة الاخوان يروجون دائما الاشاعات
بشكل غريب، منها الاشاعة الكبرى التي أطلقها الاخوان في أنحاء مصر عن إشهار هتلر
إسلامه، وأنه تسمى بـالحاج محمد هتلر.
وفي نفس الوقت الذي كان ينمى فيه حسن
البنا علاقته مع مكتب ألمانيا النازية في القاهرة كان يؤسس لعلاقات وثيقة مع سلطات
الاحتلال البريطاني في مصر، والتي بدأت عام 1937 بأقوى ما يمكن، حيث رفض حسن البنا
في رسالته "نحو النور". أن يهاجم الاحتلال البريطاني بأي صورة مباشرة أو
غير مباشر.
وتشير وثائق عدة عن حصول حسن البنا على
منحة مالية قدرها 500 جنيه من شركة قناة السويس "البريطانية – الفرنسية"
وقد ذكر المؤرخ البريطاني، هيوارث دون, في كتابه ,"الدين والاتجاهات السياسية
في مصر" أن حسن البنا قد ألمح خلال اتصالاته مع السفارة البريطانية، أنه على
استعداد للتعاون، وسيكون سعيداً لو أن مساعدة مالية قُّدمت إليه.
عندما قامت وزارة اسماعيل صدقي –
المعروف بتعاونه مع البريطانيين بإبرام
معاهدة ,"صدقي – بيفن" والتي عارضها الشعب المصري بقوة ، وقف مصطفى مؤمن
"مسئول الطلاب في مكتب الإرشاد" دون أدنى خجل أو حياء معلناً تأييد
الجماعة لإسماعيل صدقي، مستخدما الآية القرآنية الكريمة ,"واذكر في الكتاب
اسماعيل إنه كان صادق الوعد، وكان صديقا نبيا".
بل وشبَّه هذه المعاهدة بصلح الحديبية
الذي عقده الرسول صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش قبل فتح مكة، وهو ما يدل على
مدى تأصل صفات النفاق والتزلف والتدليس في نفوس جماعة الاخوان منذ بدء نشأتها.
كما رافق حسن البنا مساعد حكمدار
القاهرة في سيارته ليعمل على تهدئة المظاهرات التي اندلعت ضد هذه المعاهدة.
وفي كتابه “,”حقيقة الخلاف بين الاخوان
المسلمين وعبدالناصر“,” عام 1987 ص 29-31، اعترف محمد حامد أبو النصر المرشد
السابق للإخوان المسلمين باعترافات خطيرة حول اتصالات حسن البنا والاخوان المسلمين
بالمخابرات البريطانية وقال: ,"أنه كان يلتقى بتعليمات ومتابعة من حسن البنا
في بلدته منفلوط بضابط المخابرات البريطاني "باتريك" والميجر
"لاندل", وأن حسن البنا ارسل بنفسه رسالة باللغة الانجليزية سلمها محمد
حامد أبو النصر إلى الميجر (لاندل) في منفلوط .. وأن الوزير البريطاني المسئول عن
الشرق الأوسط ومعه سفير بريطانيا في مصر ووفد من السفارة زاروا المركز العام
للإخوان المسلمين بالقاهرة، وتقابلوا مع الامام حسن البنا، وعرضوا معونة مالية
كبيرة وسيارات وتبرعات أخرى للجماعة.
مع تزايد الاهتمام الامريكي بمنطقة
الشرق الاوسط ، بدأ البنا اتصالاته مع "سبنسر", المراسل الحربي الامريكي
في القاهرة معربا عن استعداده للتحالف مع الغرب. كما تكشف وثائق مكتبة الكونجرس عن
اتصالات حسن البنا مع السكرتير الأول بالسفارة الامريكية “,”فيليب إيرلاند“,” في
29/8/1947، حيث أشار البنا إلى انتشار الخطر الشيوعي في المنطقة، وقدرة جماعته في
إشعال المظاهرات وإخمادها، واقترح تشكيل مكتب مشترك مع السفارة الامريكية للتنسيق
لمواجهة الشيوعية في المنطقة ومحاربتها بكل الوسائل الممكنة.
وفي كتاب يحمل اسم “,”مع الإمام الشهيد
حسن البنا“,” صدر عام 1993 كشف محمود عساف “,”أمين المعلومات بالجماعة“,” معلومات
خطيرة عن تفاصيل اللقاءات بين حسن البنا والمخابرات الامريكية والتي كان المؤلف
يحضرها مع حسن البنا وقال في كتابه أن حسن البنا قد التقى بنفسه مع “,”فيليب
ايرلاند“,”، وأنه كلف محمود عساف بمتابعة الاتصالات مع الامريكيين.
حرصت الولايات المتحدة على انتقاء سيد
قطب للسفر إليها في بعثة تدريبية عام 1948، ولم يكن سيد قطب حتى هذا التاريخ له
أدنى علاقة بالكتابة الدينية، بل كان مهتما بالنواحي الأدبية والفنية، بل كان
يتباهى بأنه ملحد، حتى أنه دعا في مقال له بالأهرام في 27 مايو 1934، إلى إنشاء
مستعمرة للعراة في مصر، وقد شكل سفر سيد قطب إلى أمريكا مفاجأة للكثيرين، حيث تم
اختياره في بعثة لم يُعلن عنها، كما كان قد تجاوز السن المشترط لسفر المبعوثين.
كذلك كانت هذه البعثة فريدة من نوعها،
ذلك أنه لم يكن مقرراً لها دراسة محددة أو جامعة بعينها، بل كانت بعثة حرة لمدة
سنتين قام خلالهما بزيارة عدد من الجامعات والمعاهد الدينية والكنائس ودور الصحافة
والنشر والمراكز البحثية، بل وحضر حفلات دينية صاخبة وصفها بدقة في كتاباته ، إلا
أن هذه البعثة شكلت نقطة تحول خطيرة في حياة سيد قطب.
عاد بعدها إلى مصر ليتحول في كتاباته
من الأدب والفن، إلى الكتابة في الدين ، بل والجانب شديد التطرف في الدين ، وهو ما
انعكس في كتابيه الذين صدرا بعد عودته لمصر، وهما "معالم في الطريق" و
"في ظلال القرآن". وقد اعترف سيد قطب بعد ذلك في السجن أن زيارته
لأمريكا كانت وليدة تخطيط أمريكي، ولم يكن يدري أنها جزء من رهان أمريكي, كما
اعترف أيضاً بأنه, "وقع تحت إغراء الاوساط الأمريكية بكل الوسائل، وإن لم
يسقط في شباكها".
كان سعيد رمضان من أوائل من انضموا إلى
جماعة الاخوان، وقد حظي بالقرب والثقة من حسن البنا حتى اختاره زوجا لابنته، وبعد
مقتل حسن البنا عام 1949 غادر سعيد رمضان مصر، واستقر في اوروبا حيث عاش حياة
الترف والثراء، ولقد تحول سعيد رمضان هناك إلى واحد من أشهر الجواسيس والعلماء في
العالم، وعُرف بأنه كان عميلا للمخابرات الامريكية والبريطانية والألمانية
والسويسرية، عمل لحسابهم وقدَّم الخدمات لهم جميعا في وقت واحد، وقد ورد اسم رمضان
بين أشهر جواسيس المخابرات الامريكية في كتاب "تاريخ وكالة المخابرات
المركزية CIA" للصحفي الأمريكي
"تيم وينر",” وأيضا ورد اسمه بين أهم جواسيس المخابرات البريطانية في
كتاب "مغامرة داخل العالم السري لجهاز المخابرات البريطانية" للكاتب البريطاني "ستيفن دوريل".
وقد ذكر على عشماوي قائد التنظيم السري
في كتابه "التاريخ السري للإخوان المسلمين", أن "سعيد رمضان كان
يبعث بالأموال إلى الحاجة زينب الغزالي التي تقوم بتوصيلها إلى فضيلة المرشد
الهضيبي، وقد سأل بعض الاخوان سيد قطب عن مصدر هذه الأموال التي يتلقونها لشراء
السلاح ، وهل هي دعم من جهة مشبوهة أم ماذا؟ ص 88 ".
وبعد مقتل حسن البنا لم يتوقف الاخوان
عن الاتصال بالمخابرات البريطانية والامريكية ، وقد اعترف عمر التلمساني في كتابه
"ذكريات لا مذكرات "عام 1985، باستمرار الاتصالات بعد حسن البنا
بالسفارة البريطانية عن طريق مستر "ايفانز" المستشار بالسفارة (ص130)،
وبالسفارة الامريكية عن طريق مستر "جوزيف لورنز" المستشار بالسفارة (ص
194)، وأضاف أن المرشد العام المستشار الهضيبي كان يشاركه هذه الاتصالات.
بوتين – ترامب – فيون ثلاثي يحاصر الاسلام السياسي
انعكاسات سنوات الفوضى التي أعقبت ثورات الربيع العربي، ألقت بظلالها
حتى على الدول المتهمة بأنها سببا في هذه الفوضى، وافرزت عدة علامات تدل على ان
العالم بمجمله مُقدم على حالة سياسية جديدة، وعدة شخصيات تتبوأ سدة الحكم في أهم
دول العالم.
الظاهرة الجديدة في العالم تتمحور حول التوجه اليمني للشخصيات التي
تتولى زمام الحكم في عدة دول، وبلا شك فوز ترامب أعطى مؤشر لتنامي اليمين في أقوى
دول العالم حاليًّا، كما أن فوز تحقيق "فرانسوا فيون" تقدم في
الانتخابات التمهيدية.
مجلة "ذي أتلانتيك" نشرت
تقريرا تحدث عن "فيون" ووصف ما حققه فيون بالمفاجأة بعدما الانتصار في
الانتخابات التمهيدية بفارق 15 نقطة عن كل من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ورئيس
الوزراء السابق أيضًا آلان جوبيه، ليصبح بذلك مرشح يمين الوسط في الانتخابات
الرئاسية المقبلة.
تصف الصحافة الفرنسية على فيون لقب "السيد
مجهول"، وذلك بسبب ضعف التغطية الإعلامية التي يحظى بها الرجل بالمقارنة مع
ساركوزي وجوبيه.
غير أن فيون سياسي مخضرم، فحسب التقرير.
فقد انخرط في مجال السياسة في فرنسا منذ 30 عامًا، تولى فيها وزارة العمل في 2002،
ووزارة التعليم في 2004، وأهم مناصبه كان رئاسة الوزراء في 2007 في عهد ساركوزي.
الدكتور ديفيد ليز من جامعة وارويك في
بريطانيا، يقول عن السيد المجهول "إن فيون يعمل في صمت ولهذا تفاجأ الفرنسيون
بانتصاره".
ويضيف ليز: "اعتقد الناس أن آلان
جوبيه هو منقذ اليمين الفرنسي. واعتقد آخرون أن ساركوزي هو المنقذ. لذا فقد سلطت
الأضواء على الرجلين ولم ينتبه أحد فيون إلا في 2014".
يمكن اعتبار فيون سياسيًا محافظًا
للغاية. ويشبه في فرنسا بمارجريت تاتشر، بسبب تعهده بإحداث تغييرات اقتصادية
جذرية، منها إنهاء نظام العمل لمدة 35 ساعة في الأسبوع، والاتجاه نحو الخصخصة،
وتخفيض عدد وظائف القطاع العام بحوالي نصف مليون وظيفة، وخفض الإنفاق العام بمقدار
116 مليار دولار.
وبخصوص المستوى الدولي، يثير التقرير
نقطة مهمة جدا، وهي سعى فيون إلى التقارب مع روسيا، التي يرى أن الغرب تعامل معها
بشكل خاطئ تمامًا في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي. ولا يمانع في التعاون مع
بشار الأسد للقضاء على تنظيم الدولة. وبهذه المواقف، من المتوقع أن يكون صديقًا
مقربًا من ترامب، الذي يحمل نفس وجهات النظر.
من الناحية الاجتماعية، أعلن فيون
صراحة معارضته زواج الشواذ، لكنه قال إنه لن يلغي القوانين التي تسمح بذلك. وأعرب
عن دعمه لحظر ممارسة الشعائر الدينية في الأماكن العامة، ويحمل نفس موقف ترامب من الإخوان
قال إن " التشدد الإسلامي يمثل مشكلة". وندد بنشر فكرة تجريم الاستعمار
الفرنسي واعتبره "تبادلاً ثقافيًا".
ويوضح الدكتور ليز بقوله "إن
تصويت حوالي 44% من الناخبين له يشي بالكثير حول حظوظه. ويؤكد أن الكثير من
الفرنسيين يرون فيلون سيحافظ على التوافق السياسي في البلاد".
تظهر النتائج أن الكثيرين من الناخبين
أدلوا بأصواتهم لمنع فوز ساركوزي، اعتقادًا منهم أن فيون هو القادر على هزيمة
لوبان، زعيم أقصى اليمين، الذي يتبنى سياسات معادية للمهاجرين. ويقول بعض الناخبين
إنهم يسعون لتكرار ما فعلوه مع جان ماري لوبان (والد لوبان) عندما قاموا بالتصويت
لجاك شيراك في الانتخابات الرئاسية في عام 2002.
تطاول قناة الجزيرة وقطر والاخوان على جيش مصر
مع مرور الأيام تَبرز بشكل أوضح الدور
الموكل لقطر في العالم العربي والذي يتمحور حول تدمير الدول وليس الأنظمة، كما
تبادر إلى ذهن العامة في الدول العربية وخاصة الدول التي اشتعلت فيها فوضى الربيع
العربي.
لقد استغلت الأطماع الغربية فرصة تضمر
الشعوب العربية من انظمة حكمها الشمولية والديكتاتورية، وقفزت بأجهزتها
الاستخباراتية وعملائها من ابناء هذه الدول ممن اكتسبوا صفة المعارضين وعاشوا
سنوات في ربوع الغرب، تعلمهم وتجهزهم أدواتها الاعلامية والمخابراتية لهذا الدور
ويتكون هؤلاء من عدة فصائل أهمها الجماعة الضالة أو ما يثطلق عليها جماعة الاخوان،
كما أن هناك بعض الدول القزمية في المنطقة التي لا تاريخ لها، ولا قدرة لديها على
التاثير في الواقع الذي تعيشه المنطقة العربية، فاختارت العمالة، ورضيت أن تكون
ذنب لسياسات الغرب في المنطقة، وتأتي في مقدمتهم دولة قطر التي لايمكن بأي حال أن
تثير انتباه أي شخص في العالم لصغر ماحتها، وامكانياتها البشرية، وقدرة حكامها
السياسية.
هذه الجزيرة تحولت لناطق رسمي لأمريكا
وتنفيذ سياستها حرفيا، وسلطت قناتها الجزيرة للنيل والتأثير في الدول ذات التاريخ أو
التاثير في المنطقة بل والعالم أجمع، وتأتي في مقدمة الدول التي تقصدتها السياسة
الغربية بواسطة أذنابهم من الأخوان وقطر دولة مصر وجيشها وقياداتها.
أخر أدوات قطر والاخوان، وعبر قناتهم
الجزيرة انتاج فيلم تسجيلي بعنوان "العساكر.. وحكايات التجنيد الإجباري في
مصر" هذا الفيلم وحسب صحيفة الوفد المصرية أدى إلى حدوث "انتفاضة شعبية
وسياسية وإعلامية داخل الشارع المصري، الذى استنكر بشدة تعمد أمير قطر الإساءة
لمصر وشعبها، وتنفيذ أجندات خارجية تهدف للنيل من الدولة المصرية".
وعرضت "الجزيرة" مشاهد من
الفيلم التسجيلي والذي من المقرر أن يعرض كاملاً في وقت لاحق، وتضمن اساءة بالغة
للجنود، ومشاهد عن قسوة التدريبات.
هذه القطات أثارت ردود أفعال غاضبة على
مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر وفيس بوك" ضد قطر واميرها والعاملين
بقناة الجزيرة.
أقوى ردود الأفعال جاءت عبر مقدمي
برامج "التوك شو" عبر القنوات المصرية ووصف هؤلاء المقدمين الفيلم بأنه
عمل مخابراتي تقف وراءه جهات أجنبية لتشويه صورة الجيش المصري، وبدأ محامو بالنقض
ببلاغ عاجل ضد المخرج المنتمي لجماعة الاخوان "عماد الدين السيد"، وكذلك
"أحمد بن جاسم بن محمد آل عبد الرحمن الثاني" مدير عام شبكة الجزيرة
القطرية، بالإضافة إلى "حمد بن سمر بن محمد الـ"الثاني" رئيس شبكة
الجزيرة الإعلامية.
وأشار نشطاء التواصل الاجتماعي، إلى أن
قطر تخطت كل الخطوط الحمراء، ويجب محاسبتها بالطرق الدبلوماسية والسياسية
والإعلامية، عقاباً لها على سعيها الدائم لتنفيذ مخططات الغرب ضد العرب ،مؤكدين أن
"قطر" لا تعرف أساساً معنى العسكرية، ولا تدرك قيمة الموت دفاعا عن
الأرض والوطن.
ورد الموقع الرسمي لوزارة الدفاع، بنشر
فيلما وثائقيا بعنوان "يوم في حياة مقاتل" يوضح حجم العمل داخل القوات
المسلحة، وكيفية قضاء المجندين لحياتهم على مدار اليوم ،تحدث خلاله الجنود
المصريون حول القيم والصفات التي يكتسبها المجند داخل الوحدات، وكيفية الترابط بين
الجنود والقادة، وطبيعة العمل والتضحيات التي يقدمها رجال القوات المسلحة في حماية
الوطن.
ويبرز الفيلم ،الذى انتجته إدارة
الشئون المعنوية للقوات المسلحة، مشاعر الفخر والكرامة التي يحملها الجنود بالجيش المصري.
رد القوات المسلحة المصرية جاء عبر
اللواء نصر سالم، مدير جهاز الاستطلاع الأسبق بالمخابرات الحربية، الذي قال في
معرض رده على هذا الفيلم "أن قطر تهدف إلى "ضرب النسيج الوطني"
المصري بهذا الفيلم، نافيا، بحسب ما نقلته عنه صحيفة الدستور المصرية، وجود أي
معاملة سيئة للمجندين في الجيش المصري".
كما نقلت الصحيفة عن الخبير العسكري
اللواء محمد الشهاوي اتهامه للجزيرة بأنها تحاول "التأثير على الروح المعنوية
لجنود القوات المسلحة وفقا لحروب الجيل الرابع".
كما رد بعض الأكاديميين والسياسيين
والاعلاميين المصريين فقد طالبت أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، ليلى عبد المجيد،
السلطات المصرية برفع دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد دولة قطر، بتهمة
تشويه الجيش المصري والدولة المصرية، وفق قولها لصحيفة اليوم السابع.
وحسب "الوفد" قال الدكتور محمد فؤاد
عضو مجلس النواب المتحدث باسم حزب الوفد ان قطر لها أجندة واضحة وهى تواصل تنفيذها
ضد مصر وسوف تستمر في اتخاذ نفس النهج لأنها اعتادت على التشوية وبث الشائعات
المغرضة ضد الدولة المصرية.
وأعتبر فؤاد ،أن الرد الرسمي على قطر
يضيف لها أهمية ومصر لن تنزل الى مستوى مقاضاتها، والرد يجب أن يكون اعلامياً
ولدينا منابر اعلامية كثيرة ويجب مقارعة الحجة بالحجة، على حسب قوله.
وأضاف المتحدث باسم حزب الوفد، يجب أن
يكون لدينا محتوى خبرى قوى يعبر عن المصريين ويدافع عن قضايا الدولة المصرية
خارجياً ويتصدى لمحاولات النيل من مصر.
من جهته أوضح الكاتب الصحفي عبدالحليم
قنديل في تصريح له إن فيلم قناة الجزيرة عن الجيش المصري عمل مخابراتي مكشوف،
واصفًا إعلام الجزيرة بـالمهنة المنحرفة.
وأضاف قنديل، في تصريحات صحفية، أن
قناة الجزيرة تحاول أن تظهر تجنيد الشباب المصري في الجيش المصري يتم بنظام السخرة
كما وجه الكاتب الصحفي مصطفى بكري،
رسالة إلى وزير الخارجية ، سامح شكري قائلا: «إذا لم تكن وزير خارجية قوي فلترحل»،
مشيرا إلى أن مصر لا تخضع لأي ضغوط من أي دولة، وقرارها مستقل.
وأضاف بكرى، أن الشعب القطري يدرك
أهمية مصر للعالم العربي، ويضعون صور جمال عبد الناصر في منازلهم، والشعب القطري
يختلف عن حكامه وعن الخونة في قناة الجزيرة، مطالباً بأن يتقدم وزير الخارجية باستقالته ولا يجب
الصمت على إهانة الجيش المصري على شاشات قناة الجزيرة القطرية.
وقال بكري، إن قناة الجزيرة تستهدف
تشويه الجيش المصري بما تقدمه من أفلام تسجيلية مفبركة عن القوات المسلحة وتلك
الأفلام المسيئة تنتج بتعليمات من الأمير تميم بن حمد الكاره لمصر وجيشها، مشيرا
إلى أن كل من يعمل في قناة الجزيرة هو خائن وعميل ويغمس يده في الدماء.
ووجه عضو مجلس النواب، رسالة للعاملين
في قناة الجزيرة : «كيف يسمح ضميركم في سب بلدكم وجيشكم؟ كيف ستواجهون أولادكم بعد
هذه المؤامرات؟».
أما المحامي بالنقض والإدارية العليا
محمود فاضل، فأكد إنه سيتقدم ببلاغ للنائب العام، ضد الإخواني عماد الدين السيد،
وأحمد بن جاسم بن محمد آل عبد الرحمن الثاني، ومدير عام شبكة قناة الجزيرة
القطرية، حمد بن سمر بن محمد الثاني، رئيس شبكة الجزيرة الإعلامية، بسبب إعداد
فيلم مسيء للجيش المصري.
وشدد فاضل، على أن ليس له علاقة
بالسياسة والعمل السياسي، ولكنه مواطن مصري يخاف على وطنه ويدافع عن جيشه، ولذلك
لن يتراجع عن تقديم البلاغ ضد الثلاثة المسئولين عن إنتاج الفيلم المسيء للجيش
يذكر أن قناة الجزيرة عرضت خلال فيلم عدة صور ولقطات لجنود يتعرضون
لوحشية وقسوة في التدريب ،ويذكر أن مخرج الفيلم هو نفسه من قام بإخراج الفيلم
السابق "المندس" والذي يتناول فيه ما يشير إلى أن الشرطة المصرية تقوم
بتأجير البلطجية للتعدي على المتظاهرين، حسب رؤيته في الفيلم التسجيلي.
الملك السعودي القوي قتله موقفه من أمريكا واسرائيل
تظل أمريكا لها اليد الطُولى في تحديد
من يبقى من زعماء العالم، ومن يرحل، ومن يقتل كذلك، فلا يمكن أن يمر اسقاط الملك
ادريس السنوسي الملك الليبي الذي استطاع أن يخلق من ليبيا الدولة المتخلفة
الفقيرة، ولم يمر على استقلالها سوى عدة سنوات، استطاع أن يخلق منها دولة نافست
أغلب دول المنطقة تطورا ونهضة، وأيضا لا يمكن أن تمر كل قصص الاغتيالات
والانقلابات دون أن نشم رائحة المخابرات الأمريكية فيها، ومن هذه الحالات قصة مقتل
الرئيس الراحل أنور السادات، ومن اشهر الاغتيالات في الوطن العربي قصة اغتيال
الملك الراحل فيصل ملك السعودية، والذي يعتبر أقوى شخصية في سلالة آل سعود التي
حكمت بقوة وساندت قضايا الأمة العربية والاسلامية بشكل لم يسبقه عليه احد كما لم
يستطع أن يفعله بعده احد من ملوك آل سعود.
من هو فيصل:ـ
هو فيصل بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال
سعود، الابن الثالث من ابناء
الملك عبدالعزيز بعد تركي وسعود، وهو
الحاكم الخامس عشر من ال سعود، والثالث في الدولة السعودية الحديثة
بويع فيصل بن عبدالعزيز ملكاً على المملكة العربية السعودية في يوم
الاثنين 27 جمادى الآخرة 1384هـ
الموافق 2 نوفمبر 1964م، بعد أن قررت
الأسرة السعودية المالكة والعلماء خلع الملك سعود، واستمرت فترة حكمه
قريباً من أحد عشر عاماً.
حادثة الاغتيال :ـ
في صباح يوم الثلاثاء 25 آذار/ مارس
عام 1975، كان ديوان العاهل السعودي، يتهيأ لبدء نشاطاته اليومية، فثمة على أجندة
لقاءات ومقابلات الملك، أسماء عديدة لشخصيات سعودية وخليجية.
وفي مكتب التشريفات، كان ينتظر الإذن
بالمثول بين يدي جلالته، وزير النفط الكويتي عبد المطلب الكاظمي، ووزير النفط
السعودي الدكتور احمد زكي يماني، إضافة إلى عدد من أمراء العائلة المالكة، كان من
بينهم شاب، اسمه الأمير فيصل بن مساعد ..
وما أن فتحت الأبواب، وأذن للوزيرين
بالدخول إلى مجلس الملك، مع مصوري الصحف ووكالات الأنباء، حتى سارع الأمير فيصل بن
مساعد، بدخول القاعة، توجه من فور نحو الملك فيصل، وكأنما يريد السلام عليه،
وبحركة مباغتة، اخرج الأمير فيصل بن مساعد مسدسه، وأطلق النار على الملك فيصل،
فتوفي في الحال.
هكذا، وبكل بساطة، تمتد يد غادرة آثمة،
لتنتهي حياة حافلة بالجهاد، والعمل لخير العالمين العربي والإسلامي، ولخير دول
الخليج على وجه خاص. ويقضي الرجل الذي اجمع العالم، على خصاله النبيلة وحكمته
السديدة، ودوره التاريخي العظيم.
صورة الأمير القاتل
ولد فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن
بن فيصل آل سعود، في الرياض، شهر تشرين ثاني/ نوفمبر من عام 1906، وسمي بهذا الاسم
(فيصل) تيمنا بانتصار والده الملك عبد العزيز في معركة (روضة المهنا) وهو الانتصار
الذي اعتبر فيصلا، في النزاع بين آل سعود وآل رشيد.
ولد الملك فيصل في أبريل 1906م ، و
توفيت أمه و هو صغير لم يبلغ ستة شهور ، و نشأ نشأة دينية صالحة ، و تلقى تعليمه
الشرعي على يد جده لأمه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ ، كما تربى في
مدرسة والده الملك عبد العزيز إدارياً و سياسياً و اجتماعياً، وشارك في عدد من
حملات توحيد البلاد في عهد الملك عبد العزيز .
ترأس وفد المملكة العربية السعودية إلى
مؤتمر لندن المنعقد عام 1939م لمناقشة القضية الفلسطينية المعروف باسم "
المائدة المستديرة " كما ترأس وفد المملكة لحضور مؤتمر الأمم المتحدة الذي
عقد يوم 25 أبريل 1945م في مدينة سان فرانسيسكو بناء على الدعوة التي تلقاهـا
الملك عبد العزيز من دول الحلفاء الكبرى لحضور هذا المؤتمر ، و وقع سموه باسم
المملكة على تصريح الأمم المتحدة باسم بلاده . ثم حضر مؤتمر ميثاق هيئة الأمم الذي
انتهى في 26 يونيو 1945م، ووقـع على الميثاق نيابـة عن جـلالة
اكتسبت شخصيته شهرة عالمية يشار إليها
بالبنان وكان مسموع الصوت في المحافل التي يحضرها، خاصة على المستوى العربي، وكان
صاحب شخصية قيادية قوية، فرض احترامه على الجميع
حتى الدول العظمى كانت تحسب له ألف حساب، كان صاحب موقف ثابت وواضح حيال القضية
الفلسطينية وعرف عنه دفاعه المستميت عن الاراضي العربية
المغتصبة وغيرته على الاسلام.
قال عنه الرئيس المصري الراحل أنور السادات :
"إن فيصلاً هو بطل معركة العبور،
وسيحتل الصفحات الأولى من تاريخ جهاد العرب،
وتحولهم من الجمود إلى الحركة، ومن الانتظار إلى الهجوم. وهو صاحب الفضل الأول في
معركة الزيت، فهو الذي تقدم الصفوف، وأصر على استعمال هذا السلاح الخطير، والعالم
(ونحن معه)
مندهشون لجسارته. وفتح خزائن بلاده
للدول المحاربة، تأخذ منها ما تشاء
لمعركة العبور والكرامة، بل لقد أصدر
أوامره إلى ثلاثة من أكبر بنوك العالم، أن
من حق مصر أن تسحب ما تشاء وبلا حدود من أموال للمعركة".
وعندما
نتأمل سيرة الملك فيصل ومواقفه نجد أن المستفيد من اختفائه هي أمريكا بدون شك، وقد
شنت عدة صحف أمريكية حربا اعلامية عليه، واصفة اياه بأنه شخصية تعمل ضد امريكا
ومصالحها.
ويمكن
أن نلخص هذه الاشارات التي تحمل أمريكا مسئولية اغتياله في النقاط التالية:ـ
موقف
الملك فيصل من أمريكا والغرب عموما في تلك الفترة .
موقف الملك فيصل الثابت والقوي اتجاه الاحتلال
الاسرائيلي للأراضي
العربية
ودعمه الغير محدود لبعض الدول العربية في حربها ضد اليهود.
خفض انتاج النفط السعودي لأمريكا ووقف تصديره الأمر
الذي أضر بالاقتصاد الامريكي.
بقاء الامير القاتل فيصل بن مساعد
ولفترة طويلة في الولايات المتحدة ما يقارب الثمان سنوات.
أطماع الغرب في أموال ليبيا ودور معيتيق في ذلك
تتجدد المؤشرات التي تدل يوما بعد يوم
الغاية التي تسعى إليها الدول الغربية من دعم ما يسمى بحكومة الوفاق ومجلس السراج
الحكومي، واسباب زيارات معيتيق تحديدا لأوروبا، وتواجده الدائم مع السراج، رغم أنه
نائب في المجلس كغيره من النواب، ويفترض أن لا صلاحيات لديه تزيد عن بقية النواب،
غير أن ما يحدث لا يدل على انه نائب كغيره، بل أنه نائب مدعوم من دول غربية عديدة،
من اجل تنفيذ اجنداتها السياسية والاقتصادية واضافة صبغة شرعية عليها، بعد أن
ايقنت بأنها لن تنال هذا الأمر من مجلس النواب بطبرق، أو الحكومة الشرعية
بالبيضاء، لذلك سعت الدول الغربية عن طريق البعثة الأممية لإيجاد ثغرة أسمتها
الحوار والاتفاق، ووضعت به اشخاص ينفذون لها ما تريد، ويتمثل هؤلاء في السراج
ومعيتيق والعماري وكجمان الأعضاء في المجلس الرئاسي المقترح.
أخر مساعي الدول الأوربية ما نشرته صحيفة "نيوز
لتر" الايرلندية الشمالية في تقرير لها يفيد بأن ضحايا الهجمات التي قام بها
عناصر الجيش الجمهوري الإيرلندي السري المحظور في بريطانيا، والمدعوم من النظام
الليبي السابق، باتوا قريبين جدا من نيل تعويضات مالية من ليبيا.
التقرير أشار إلى إنهاء مجلس اللوردات
البريطاني يوم الإثنين الماضي القراءة الثالثة والأخيرة لمشروع قانون يجيز التصرف
بالأصول الليبية المجمدة في بريطانيا بأمر من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، مع
موافقة شكلية من مسئولين ليبيين، وحسب التقرير فإن الأموال تبلغ 9 مليارات ونصف
المليار باوند ستذهب كتعويض الجرحى وذوي القتلى الذين راحوا ضحية هذه الهجمات.
ونقل التقرير عن عضو مجلس اللوردات ريج
أمبي الذي يقود حملة الحصول على التعويضات بالمجلس، قوله أن الوقت قد حان لكي ينال
من ذهبوا ضحية أطنان الأسلحة والمتفجرات التي وفرها النظام الليبي السابق لعناصر
الجمهوري الإيرلندي، حقوقهم بالإفادة من الأموال الليبية المجمدة في بريطانيا
مضيفا بأن مشروع القانون يأتي كتصحيح للخطأ الجسيم الذي أرتكب بحق الضحايا.
وجدد أمبي التزامه، ومجموعة من أعضاء
البرلمان عن منطقة ويستمنستر في لندن بتأمين وصول التعويضات المالية اللازمة
للضحايا، معربا في الوقت ذاته عن سعادته التامة للتقدم الذي يحققه مشروع القانون
بالإضافة إلى إفصاحه عن وجود تواصل سابق بينه وبين رئيس الوزراء البريطاني السابق
ديفيد كاميرون، وتسلمه تأكيدات منه بأن الحكومة ستعمل على الاستجابة لطلبات
الضحايا.
وحسب التقرير فإن عضو مجلس العموم
أندرو روسنديل قدم مشروع قانون مواز للمجلس تم الانتهاء من القراءة الثانية له، مما
سيجعل الحكومة ملزمة بالاستجابة رسميا، وعبر روسنديل عن خيبة أمله لعدم قيام
الحكومة البريطانية بالإفادة في السابق مما موجود من أموال مجمدة للقذافي في
بريطانيا وأخرى في باقي دول العالم وتحريرها وتخصيص جزء منها لتعويض الضحايا.
يشار إلى أن عضو المجلس الرئاسي لحكومة
الوفاق أحمد معيتيق كان أول من أثار هذا الموضوع من جديد، عندما تعهد في وقت سابق
بدراسة منح ليبيا لتعويضات لضحايا هجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي السري المحظور
في بريطانيا، الأمر الذى رحب به الجانب الأيرلندي ليباشر على فور إجراءات صدور
قانون يجيز التصرف في أموال ليبيا المجمدة كتعويضات.
وكان نظام القذافي قد عوض ضحايا عمليات
الجيش الجمهوري من الأمريكيين ورفض فعل نفس الشيء للضحايا من البريطانيين، وكان
سيف القذافي قال في العام 2009 ان ليبيا سترفض دفع تعويضات لعائلات قتلى بريطانيين
اثر تفجيرات نفذها الجيش الجمهوري الايرلندي بدعوى أن تلك الهجمات نفذت بأسلحة
قدمتها ليبيا.
خلق
الأزمات في ليبيا مشروع الغرب لدعم حكومة السراج
تتأكد لدى المواطن الليبي كل ساعة
تقريبا مدى صحة تقديراته بشأن حكومة الوفاق، والتي عارضها اغلب الشعب الليبي حتى
في المدن والمناطق التي تُحكم فيها المليشيات التابعة للجماعات الارهابية والاخوان
سيطرتها على قنوات الاعلام والرأي، وحتى على الميادين وطرق التظاهر والخروج
للساحات، مثل مدينة طرابلس ومصراته والزاوية.
رئيس المجلس الرئاسي والذي انبثق عن
حوار الصخيرات، فائز السراج، لم يخطوا خطوة واحدة في سبيل حلحلة أبسط المشاكل
اليومية، فما بالك بأمور معقدة مثل انتشار المسلحين الخارجين عن القانون، وانهاء
سيطرة الجماعات الاسلامية على مرافق الدولة في العاصمة الليبية ومناطق غرب ليبيا.
يضاف إلى ذلك أن طوال وجود حكومة (
الانقاذ ) الموازية للحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن البرلمان الليبي المعترف
به دوليا، لم تحدث أي أزمة اقتصادية وحافظ الدولار على سعر الصرف، ولم يحدث بين
الحكومتين أي اختلاف حول توفير ما يحتاجه المواطن سواء في غرب أو شرق البلاد، كما
حافظ الدينار الليبي على سعر ثابت امام الدولار.
غير انه بمجرد ظهور السراج في طرابلس،
بدأت الأزمات المالية والاقتصادية، وأخذ الدينار في التدهور بطريقة عجيبة امام
الدولار، وبدأت الأسعار في صعود جنوني، واختفت السيولة بطريقة لم يفسرها أي
اقتصادي أو أي من المؤسسات المالية بما فيها المصرف المركزي.
الليبيون يدركون بأن هذه الأزمات
مصطنعة، هدفها اجبارهم على الرضوخ والقبول بحكومة السراج، التي يريدها الغرب عبارة
عن ( كاتب ) لهم يوقع على مصالحهم، ثم يرمون الفتات لليبيين، وكدليل على هذه
الرؤية وصدقها ما نشرته بعض وسائل الاعلام وتصريحات المبعوث الأممي، وكثير من
الساسة الأوربيين.
صحيفة "الغارديان" البريطانية
نشرت تقريرا لها حول معاناة الاقتصاد الليبي مشيرا إلى مواجهة حكومة الوفاق شبه
المفلسة والمرفوضة من مجلس النواب خطر اللجوء إلى خيار التخفيض القسري لقيمة
الدينار بالمصارف العامة والخاصة بعد أن شهد انخفاضا حادا أمام الدولار الأميركي
ليتجاوز سعره الـ6 دنانير مقابل الدولار بالسوق السوداء الموازية فيما يبلغ سعره
بالمصارف دينارا و40 قرشا فضلا عن إمكانية إلغاء الدعم المقدم لأسعار الوقود وهو
ما سيثير موجة من الغضب الشعبي العارم وينذر بسقوط هذه "الحكومة"
المترنحة والمدعومة من الأمم المتحدة.
وعن سعي الغرب لنجاح حكومة السراج
المرفوضة ليبيا أشار التقرير لنقطة غاية في الأهمية حثي يقول " اتفق القادة
الغربيون والمؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولي هذا الشهر على التدخل بشكل
مباشر بعملية صنع القرار الاقتصادي الليبي بعد أن جمعوا الفرقاء السياسيين والاقتصاديين
في لندن وروما لغرض بناء موازنة ليبيا لعام 2017 والتي ضمت تدابير غير محددة بعد
لكون عملية بنائها ستبدأ في الأول من ديسمبر المقبل بشأن أسعار صرف العملة الليبية
ورفع الدعم عن الوقود".
ويشير التقرير إلى نقطة خطيرة تتمثل في
محاولات فايز السراج عزل محافظ المصرف المركزي في طرابلس الصديق الكبير لرفضه مطالب
رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بتسييل الموارد المالية لتمكين حكومته من
تمويل أنشطتها وتوفير الخدمات العامة قد باءت بالفشل نظرا لموقف الكبير الموافق
لموقف مجلس النواب والرافض منح الثقة لحكومة السراج، ما جعل الكبير يتحجج بمسألة
عدم جواز منح الأموال لحكومة "غير شرعية" وفقا للقانون الليبي.
غير أن اصرار الدول الغربية أدى إلى
الضغط على محافظ بنك طرابلس المركزي في لندن، وتمت الموافقة على تسييل 6 مليارات
دولار لصالح المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، شريطة إلتزام الرئاسي بتحديد أوجه
إنفاقها فيما لا زال المحافظ القوي غير راغب بتسييل الأموال في ظل عدم وجود وزير
للمالية، والتحجج بالدفاع عن قيمة العملة الليبية من جهة وبعدم امتلاك السراج أي
سياسة واضحة، لمعالجة المشاكل الاقتصادية من جهة أخرى.
وتشير مصادر صحفية غربية إلى أن
دبلوماسي غربي " لم تسمه "يحاول منذ شهور إقناع مجلس النواب بالقبول
بحكومة الوفاق، فإن تحريك الاقتصاد بسلاسة يعد المطلب الأبرز لنيل حكومة السراج
المصداقية، فيما يشدد مصدر حكومي بريطاني على التزام بلاده بدعم السراج، لكونه رجل
صالح يحاول القيام بعمل صعب جدا من الناحية السياسية.
والغريب أن الغرب يحاول ايهام الليبيين
بأمور لا تخفى عليهم، وأكبر دليل على اصرار الغرب على ( استغباء ) الليبيين هو دعم
السراج لا لشيء سوى أنه رجل صالح، رغم أنه غير معروف على الصعيد السياسي ولا
الاقتصادي وليست له تجربة سياسية محددة، اللهم إلا زيارته لأمريكا زمن أوباما
واتصاله ببعض الجهات ذات العلاقة بتيار الاخوان، تلك الزيارة مع وفد برلماني لم
يحضر السراج أي اجتماع للوفد، وكان يختفي عن الأنظار حسب كثير من النواب المرافقين
له، ثم فجأة يدفع به المبعوث الأممي السابق في ليبيا لرئاسة المجلس الرئاسي، رغم
أن الليبيين اتفقوا على أن يكون مرشح الرئاسي ونائبه يتم من قبل مجلس النواب
الليبي.
العبث الانجليزي في المنطقة العربية
تظل بريطانيا أكثر دولة أوربية عبثا بالوطن العربي، وساهمت سياستها بإفساد العلاقات العربية، واخضاعها للمزاج
الانجليزي التآمري، كما يظهر بوضوح قدرة الانجليز على فهم العقلية العربية، واللعب
على أوتار معينة للمزيد من الفتنة وزرع الشقاق الدائم.
ولذك سعى الانجليز منذ زمن على اظهر
أنفسهم بفهم الحالة العربية، وأنهم الأقدر على التفاهم مع العرب، والعمل على تطوير
بلدانهم ومساندتهم، مستغلين ظروف سياسية واقتصادية وصراعات محلية لتأسيس هذا
الواقع في المحيط العربي، واعتمدت بريطانيا سياسة اقحام شخصيات قوية تتفهم طبيعة
الشخصية العربية وتجيد التعامل معها من هذه الشخصيات، شخصيتين لعبت في فترة الحربين العالميتين الأولى
والثانية أدوارا مشبوهة في سبيل التحكم بما يدور في المنطقة العربية، ومن هذه
الشخصيات، الشخصية الأولى هي T. E. Lawrence.
توماس إدوارد لورنس (16 أغسطس 1888 -
19 مايو 1935) ضابط بريطاني اشتهر بدوره في مساعدة القوات العربية خلال الثورة
العربية عام 1916 ضد الإمبراطورية العثمانية، عن طريق انخراطه في حياة العرب
الثوار، وعرف وقتها بلورنس العرب، وقد صُور عن حياته فيلم شهير حمل اسم لورنس
العرب.
كتب لورنس سيرته الذاتية في كتاب حمل
اسم اعمدة الحكمة السبعة، قال عنه ونستون تشرشل: "لن يظهر له مثيل مهما كانت
الحاجه ماسه له" ، عندما قامت الحرب العالمية الأولى وأعلنت الدولة العثمانية
الحرب على إنجلترا.
في هذه الأثناء كانت الدولة العثمانية تعاني من
كراهية العرب لحكمها نتيجة التفرقة بين الأتـراك والعرب، والظلم والقهر الذي مارسه
الأتراك في هذا الشأن. سعت إنجلترا في الاستفادة من إمكانياتها في المنطقة لتحقيق
نصر في الحرب.
قام السير "جليبرت كلايتون"
باستدعاء لورنس بعد أن ذاع صيته كعالم آثار بعد البحث الذي قام به عن بلاد الشرق
إلى مكتبه بمقر القيادة العليا للجيوش البريطانية في القاهرة. أمر كلايتون بتعيين
لورنس في قسم الخرائط. وكانت هذه هي الفرصة الوحيدة للتثبت من صحة الخرائط
بالواقع.
ظهرت عبقرية لورنس في هذا المجال كما
امتدت آراؤه للخطط العسكرية في هذا الشأن. فقام كلايتون بنقله إلى ( قسم المخابرات
السرية ). كان لورنس يحفظ المواقع التركية عن ظهر قلب مما ساعد الإنجليز كثيرا.
استغل لورنس علاقاته بالعرب لإيهامهم أنه يريد مساعدته لمواجهة الغطرسة التركية،
وقد ساعدته معرفته باللغة العربية لإضافة مصداقية له في هذا الشأن.
انتقل لورنس إلى الجزيرة العربية ليقف
على حقيقة الثورة العربية المشتعلة ضد الأتراك بقيادة الشريف حسين. تقابل لورنس مع
الأمير عبد الله الأبن الثاني للشريف حسين. كان لورنس يبحث عن شخصية الزعيم
والقائد للثورة التي يمكن أن تساندها إنجلترا، و لم يجد لورنس في الأمير عبد الله
ولا الأمير علي تلك الشخصية القيادية التي يبحث عنها. ثم التقى بعد ذلك بالأمير
فيصل النجل الأكبر للشريف حسين. وقد وجد لورنس في شخصية فيصل ما كان يبحث عنه.
تباحث لورنس مع فيصل في وضع الثورة ونجاحاتها وإخفاقاتها وتبين له أن الهجوم الأول
للثوار على المدينة المنورة قد فشل، نتيجة استخدام الأتراك للأسلحة الحديثة وخصوصا
المدافع التي أثارت الرعب في نفوس العرب لجهلهم بها أو كيفية استخدامها.
كان لورنس شديد الاعجاب بالشعور الوطني
لدى النفوس المتمثل بالقومية العربية والبعيد كل البعد عن النزعات العقائدية ولا
علاقة لها بالإسلام. وادرك أن الثورة التي يقودها الشريف حسين ثورة عربية قومية
وليست إسلامية مما أطرب مشاعر لورنس.
تمنى لورنس لو أن مصر تلحق بركب الثورة
القومية بوصفها أكبر البلدان العربية والإسلامية وأن ايمانها بالقومية العربية على
حساب الإسلام سيدفع بالثورة إلى الأمام. و بدأ لورنس خطة جديدة لاستقطاب شيوخ
وزعماء القبائل والعشائر العربية وضمها في صفوف الثورة. فذهب إلى زعماء القبائل
بصفته مبعوث الأمير فيصل وتحت حراسته يتفاوض معهم حتى استطاع اقناعهم بوقف الحروب
فيما بينهم والانضمام للثورة. و نجحت الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية
بمعاونة الانجليز سنة 1916.
الشخصية الثانية St John Philby هاري سانت جون بريدجر فيلبي ( 1885 - 1960
م ) ، ويعرف أيضاً باسم "جون فيلبي" أو الشيخ عبد الله فيلبي، هو
مستعرب، مستكشف، كاتب، وعميل مخابرات بمكتب المستعمرات البريطاني.
في نوفمبر من عام 1914م، بعد إعلان
الحرب ضد تركيا تم إنزال قوات بريطانية هندية في العراق وسرعان ما احتلوا منطقة
البصرة، وقد أخذ الأتراك معهم عند انسحابهم من البصرة كل السجلات الحكومية، وغيرها
مما يتعلق بالتنظيم الإداري للبصرة، فأصبحت الحاجة ماسة إلى إعادة بناء التنظيم
الإداري في المنطقة، وكان فيلبي من بين الذين اختيروا للقيام بتلك المهمة، وقد وصل
إلى هناك ليمارس أول تجربة له في حياته في البلاد العربية وكان ذلك في عام 1915
وأنيطت به مهمات عديدة كجمع الضرائب، والإشراف على إصدار جريدة لصالح الدعاية البريطانية.
يعد فيلبي أحد الأشخاص شديدي التأثير
على تشكيل تاريخ العرب الحديث بالرغم من قلة ذكر اسمه. ففي آخر عام 1915 قام پرسي
كوكس, كبير الضباط السياسيين في قوة تجريدة الرافدين British Mesopotamian expeditionary
force
في الجيش البريطاني بتجنيد فيلبي كوزير التمويل في إدارة الاحتلال البريطاني في
بغداد head of
the finance branch of the British administration، وكان من مهام الوظيفة تحديد الرواتب
والمبالغ التي تُصرف للمواطنين لقاء خدماتهم وممتلكاتهم. وكان الهدف الحقيقي
للإدارة يتكون من جزئين: (1) تنظيم ثورة عربية ضد العثمانيين؛ (2) حماية آبار
النفط بالقرب من البصرة وشط العرب, والتي كانت المصدر الوحيد للنفط للأسطول
البريطاني.
الثورة العربية قامت بناء على وعد من
بريطانيا بإنشاء دولة عربية موحدة, أو اتحاد عربي, من حلب إلى عدن.
وفي نوفمبر 1917, اُرسل فيلبي إلى قلب
الجزيرة العربية على رأس بعثة إلى ابن سعود. شيخ القبيلة الوهابي والعدو اللدود
للشريف حسين كان كثير الإغارة على الحاكم الهاشمي للحجاز, الذي كان يقود الثورة
العربية التي اندلعت في يونيو من العام السابق.
كانت السلطات البريطانية قلقة جداً
بسبب المنافسة القديمة القائمة بين شريف مكة، وبين ابن سعود حاكم نجد، وحاولت قدر
الإمكان منع تلك الخلافات من أن تبدد جهد الأشراف في الحرب ضد الأتراك، وحاولت في
نفس الوقت جلب حاكم نجد إلى جانب الحلفاء.
وصل فيلبي إلى العقير قرب البحرين في
أحسن الملابس التقليدية للإمبراطورية في الهند، إذ كان يرتدي بنطلونا قصيراً
وقبعة، وفي أول توقف له أثناء رحلته طالبه مضيفوه بأن يقلل من مظهره الأوروبي
الجلي، بارتداء الزي المحلي لتسهيل عملية تنقله في تلك الأرض التي لا يرحب أهلها
بوجود نصراني بينهم، وبعد رحلة دامت سبعة أيام على جمل، وصل فيلبي إلى الرياض،
وقابل هناك ولأول مرة ابن سعود، عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود. عاش في قصره
المبني من اللبن في الرياض، وفي الصحراء عاش في خيمة.
قامت صداقة بين فيلبي وابن سعود الذي
أصبح يدعوه باستمرار إلى مجالسه العائلية مع أولاده، فنراه يلعب ويمزح مع الأمراء
الشباب، وكان من أحد جلساء الملك الذين يحضرون مجلسه الخاص. فيلبي في المقابل أصبح
يفضل ابن سعود على الشريف حسين كـ"ملك للعرب"، وكان ذلك ثاني حنث في ذات
الشهر من قبل بريطانيا لوعدها بتأييد الشريف حسين ملكاً للعرب من حلب إلى عدن؛
(الحنث الأول تمثل في وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين).
فيلبي كان يعلن على الملأ اعتقاده
بتطابق أهداف بريطانيا وابن سعود في توحيد جزيرة العرب من البحر الأحمر إلى الخليج
العربي تحت قيادة ابن سعود واحلال ابن سعود محل الهاشميين كـ "خادم الحرمين
الشريفين" وتأمين طريق الملاحة السويس - عدن- بومباي للإمبراطورية
البريطانية.
في عام 1924, تم الاعلان عن اجبار
فيلبي على الاستقالة من منصبه كمدير للمخابرات الحربية في فلسطين الانتداب وذلك
بسبب خلاف على الهجرة اليهودية إلى فلسطين (حسب ما اشيع). وقيل أنه كان يراسل ابن
سعود بدون إذن, مما يعطي الانطباع بأنه كان جاسوساً لحساب ابن سعود, أي أنه انقلب
إلى صف المحليين "Gone native".
بقاؤه على راتب المخابرات الحربية البريطانية لمدة خمسة أعوام بعد تركه منصبه في
القدس يقوض تلك الاشاعة وأنه ارسل في مهمة (أخرى).
بعد وصول فيلبي للرياض بفترة وجيزة
أعلن ابن سعود عن نيته الاطاحة بالهاشميين عن مُلك الحجاز. عمل فيلبي مستشاراً
(على راتب المخابرات البريطانية) لابن سعود في بسط نفوذه في مختلف أرجاء الجزيرة
العربية ومنها الحجاز. وفي عام 1925 عينه ابن سعود مسئولاً عن تتويجه ملكاً على
المملكة العربية السعودية المنشأة لتوها.
بعد زيارة إلى لندن، عاد فيلبي إلى جدة
ليؤسس شركة تجارية. وقد استورد السيارات وخطط لسحبها فوق التلال الرملية بواسطة
قافلة من الجمال، كما أنه ساهم أيضاً في إدخال أجهزة الراديو والهاتف، ولكن ذلك
كان في حاجة لنفوذ ابن سعود الشخصي لإقناع العناصر المحافظة بأن ذلك الصوت الذي
يسمعونه من مكان بعيد، ليس بصوت الشيطان نفسه. خلال الآونة نفسها نشط فيلبي في
الكتابات الجغرافية في الإعلام العالمي. وعلى ظهر جمل قام فيلبي برسم (أو ترسيم)
الحدود السعودية اليمنية. تواجده على الحدود تزامن مع اندلاع الحرب اليمنية
السعودية.
ومن موقعه الخاص أصبح كبير مستشاري
الملك عبد العزيز للشئون الخارجية. اعلن اعتناقه الإسلام في أغسطس 1930, ولكنه لا
يبدو أنه كان ملتزما بتحريم الخمر. وفي عام 1931 دعا تشارلز كرين إلى جدة لتسهيل
التنقيب عن النفط في الأراضي السعودية. كرين كان يصاحبه المؤرخ جورج أنطونيوس,
الذي عمل مترجماً في تلك الزيارة. وفي مايو 1933, أتمت شركة ستاندرد اويل اوڤ
كاليفورنيا Standard
Oil of California -SOCAL
مفاوضاتها مع فيلبي موقعة عقد امتياز
حصري لمدة 60 سنة للتنقيب عن وإنتاج النفط في منطقة الأحساء على الخليج العربي.
دلت تلك الصفقة على بدء حلول النفوذ الأمريكي في المنطقة محل النفوذ البريطاني.
الاتصالات الشخصية بين الولايات المتحدة والسعودية كان معظمها يتم عبر فيلبي شخصياً.
وفي عام 1936 ضمت شركتا سوكال وتكساكو
ممتلكاتهما شرق السويس في شركة سميت لاحقاً أرامكو ARAMCO - Arabian-American Oil Company. وزارة الخارجية
الأمريكية تصف أرامكو بأنها أغنى جائزة تجارية في تاريخ الكوكب. وقد كان فيلبي
ممثل السعودية في الشركة.
وفي عام 1937 بدأ فيلبي مفاوضات هادئة
مع بن جوريون للسماح بهجرة يهودية غير محدودة إلى فلسطين وفي نفس السنة اندلعت
الحرب الأهلية الإسبانية, فرتّب فيلبي لابنه, كيم فيلبي أن يعمل مراسلاً حربياً
لجريدة التايمز هناك.
بعد وفاة الملك عبد العزيز في 1953
جاهر فيلبى بانتقاده خليفته الملك سعود، قائلاً أن "أخلاق العائلة الملكية
تؤخذ من مزابل الغرب". تم نفيه إلى لبنان في أبريل 1955. وفي المنفى كتب: "السبب
الحقيقي في كراهية العرب للهجرة اليهودية إلى فلسطين هو عقدة الخوف من الأجانب Xenophobia, والاعتقاد الغريزي بأن
الغالبية العظمى من يهود وسط وشرق أوروبا, الساعين للهجرة، هم ليسوا من الساميين
على الإطلاق، وأيا كانت الأصداء السياسية لاستيطانهم فإن مجيئهم سيكون مزعجاً للثقافة
الساميّة لجزيرة العرب، اليهودي الأوروبي المعاصر, بمنظوره العلماني، يعتبر دخيل
غير مرحب به على أبواب الجزيرة العربية".
وأخيرا ألا تلتقي هذه الاشارات
التاريخية البسيطة، مع ما يحدث في عالمنا العربي اليوم، وما نشاهده من تدخلات
سافرة من هذه الدولة في شؤون دولنا، وتفسيرها لمالا نعيشه ونشعر به وفق ما تراه وتريده
هي.
صدمة قطر من فوز ترامب ودورها في دعم هيلاري
أثار فوز ترامب صدمة سياسية كُبرى في
دولة قطر، ومن المعروف أن المرشحة الديمقراطية الخاسرة هيلاري كلينتون، دعمتها
العائلة الحاكمة في قطر بملايين الدولارات في صورة رشاوى سرية.
وتم الكشف عن هذه الفضائح مؤخرا ضمن ما يعرف
بقضية تسريب الرسائل الالكترونية لمدير حملة هيلاري كلينتون الانتخابية "جون
بوديستا".
حالة من السخط الشديد عمت وسائل اعلام
قطر بعد إعلان فوز ترامب، وقد كتبت صحيفة
العرب القطرية، أن "فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية يحدث زلزالا سياسيا غير
مسبوق"، ووصفت الصحيفة القطرية ترامب بـ "الملياردير الأمريكي الشعبوي
الذى لا يملك أي خبرة سياسية" ووصفت فوزه بأنه "زلزال سياسي غير مسبوق
يغرق الولايات المتحدة، والعالم في مرحلة غموض قصوى" وفق تعبيرها.
وأضافت الصحيفة القطرية "أن
المرشح الجمهوري الشعبوي (70 عاما) طالته فضائح جنسية ويعبر عن مواقف معادية
للأجانب، وفاز على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون التي كانت تأمل في أن تصبح
أول امرأة تتولى الرئاسة في الولايات المتحدة".
وكان "صندوق كلينتون" قد
اعترف أنه استلم "هدية" من قطر قيمتها مليون دولار عام 2011، حين كانت
المرشحة الحالية للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية.
وأكد بريان كوكسترا، المتحدث باسم "صندوق
كلينتون الخيرى"، أن الصندوق قبل الهدية التي بلغت قيمتها آنذاك مليون دولار
من قطر. وامتنع كوكسترا أن يوضح ما إذا كان المسئولون القطريون حققوا طلبهم بلقاء
بيل كلينتون.
وتم قبول هذه "الهدية" دون
أن تبلغ هيلاري كلينتون الخارجية الأمريكية رسميا، وفقا لما يقتضيه القانون الأمريكي،
ورغم تعهدها أثناء تسلمها منصبها الوزاري آنذاك بفحص وتدقيق التبرعات التي يتلقاها
الصندوق من حكومات أجنبية.
وقدم هذا المبلغ الهدية عام 2011
بمناسبة عيد ميلاد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون الـ 65. وتم فضح هذا الأمر
مؤخرا ضمن ما يعرف بقضية تسريب الرسائل الإلكترونية لمدير حملة هيلاري كلينتون
الانتخابية "جون بوديستا"، حسب ما أوردته وكالة رويترز.
ووفقا لموقع "صندوق كلينتون
الخيرى" على الإنترنت الذى يدرج أسماء المتبرعين في تصنيفات واسعة وفقا لحجم
التبرع، فقد قدمت الحكومة القطرية للصندوق ما بين مليون دولار وخمسة ملايين دولار
على مدى سنوات.
وقال صندوق كلينتون إنه لن يقبل أموالا
من حكومات أجنبية إذا انتخبت هيلاري كلينتون رئيسة للولايات المتحدة.
يذكر أن دولة قطر تعتبر راعية لجماعة
الاخوان المسلمين، التي تغلغلت في أوساط الادارة الأمريكية، واصبحت هيلاري كلينتون
أسيرة أفكار هذه الجماعة والتي أوحت لهيلاري بأن دعمها لهذه الجماعة، سيجعل من
الشرق الأوسط منطقة نفوذ أمريكي وتابع للإدارة الأمريكية تحت حكم الاخوان، ولذلك
صارت قطر عراب هذه السياسة في المنطقة، غير أن فوز ترامب جعل كل هذه التداخلات
تطفو للسطح، وتوضح ما كان مناط بقطر للعبه في المنطقة بواسطة جماعة الاخوان
المسلمين.
بدأت تداعيات نجاح ترامب في الانتخابات
الأمريكية، تنعكس على السياسة العالمية، خصوصا فيما يتعلق بدعم بعض التيارات
الاسلامية خصوصا جماعة الاخوان المسلمين، وبدأت الدول الدائرة في فلك السياسة
الأمريكية طوال عهد ادارات أوباما ، وفي ظل وجود هيلاري كلينتون، من التبروء من
جماعة الإخوان، واولى الدول التي بدأت بمحاولة نسيان مرحلة الرهان على الإخوان هي
قطر، وجاء ذلك على لسان وزير العدل القطري السابق نجيب النعيمي، في مقابلة مع
صحيفة "الوطن" المصرية ، إن لا أحدا في الحكم في قطر يؤمن بفكر الإخوان،
وإنما هناك مصالح.
وأضاف "نحن لعبناها غلط"
و"ما ظبطت معنا". وأضاف أن الدولة اعتقدت أنها لو لعبت على هذا الوتر
فسوف تتمكن من تحقيق مكاسب سياسية كبيرة، كأن تحتضن سياسيا دولا هامة، مثل مصر
وتونس وليبيا، بالإضافة إلى سورية مستقبلا، إلا أن الشعب العربي في هذه الدول لم
يقبل بهذا الفكر الذي أسماه بـ"الوهابي".
وأشار إلى أن قطر كانت ضالعة في كل
النقاط الساخنة في المنطقة، من لبنان إلى السودان، وسوريا وليبيا، إضافة إلى مصر،
وذلك من خلال دعمها للجماعات الإسلامية، وعلى رأسها “الإخوان”.
كما تحدث النعيمي في حواء مع صحيفة مع
صحيفة "الوول ستريت جورنال" بنغمة متفائلة حيث قال إن قطر تراجعت عن
السياسة التي انتهجتها خلال العقد الماضي، تحت ضغط من السعودية والإمارات.
واشار إلى أن نقطة التحول في العلاقات
الخليجية مؤخراً تمثلت في تراجع قطر عن سياستها تجاه مصر والرئيس عبدالفتاح
السيسي، حيث قامت بطرد العديد من قيادات "الإخوان"، إضافة إلى إغلاق
قناة "الجزيرة مباشر مصر"، وقبلها كانت قد أرسلت مبعوثاً خاصاً من
الأمير تميم بن حمد آل ثاني، وهو مساعد وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل
ثاني، للقاء السيسي بالقاهرة.
وقال النعيمي: لو استمر الإخوان في مصر
لخمس سنوات لحدث فيها ما حدث في ليبيا وسوريا واليمن وربما أكثر. وأكد على أن أي
علاقة حسنة لن تقوم بين القاهرة والدوحة ما دامت جماعة "الإخوان
المسلمين" موجودة في كواليس السياسة القطرية لأن "الإخوان" مهيمنون
هيمنة تامة على الإعلام القطري، ويورطون قطر مع مصر وغيرها من الدول. وشدد على أن
"الإخوان" يسيطرون بالذات على قناة "الجزيرة" سيطرة كاملة.
وأشار إلى أنه توقف عن متابعة "الجزيرة" لأن هناك كذبا في القناة في
قضية سورية ومصر وقضايا أخرى.
في سياق متصل بدأت مؤسسات ووسائل اعلام
تكشف المزيد من العلاقات المشبوهة لهيلاري كلينتون وقربها من جماعة الاخوان، فقد أكدت
مؤسسة كلينتون الخيرية حصول المرشحة الديمقراطية هيلاري على مليون دولار كهدية من
دولة قطر وقت توليها وزارة الخارجية الأمريكية.
كما ذكرت وكالة "رويترز" أن
كلينتون قبلت الأموال بدون إعلام وزارة الخارجية كما كان يفترض قانونا، على الرغم
من أنها وعدت بأنها سوف تكشف كل الأموال التي تتحصل عليها مؤسسة كلينتون الخيرية
ومصادرها حتى لا يتعارض ذلك مع عملها كوزيرة خارجية.
ولكن، بحسب الوكالة، رفض مسؤولو
السفارة القطرية في واشنطن الحديث عن التبرعات، بينما قالت مؤسسة كلينتون في
إعلانها إنها لن تقبل بعد الآن بأموال من حكومات أجنبية في حال انتخاب هيلاري
كلينتون كرئيسة للولايات المتحدة.
وتضيف الوكالة حول الموضوع كانت
البداية في منتصف أكتوبر، عندما نشرت صحف بريطانية وأمريكية، تقارير عن تسريبات
ويكيليكس حول بريد مدير حملة هيلاري كلينتون، وجاء في إحدى الرسائل، أن قطر أهدت
مؤسسة كلينتون مبلغ مليون دولار في 2011 عندما كانت وزيرة للخارجية، مقابل تنظيمها
لقاء لمدة 5 دقائق مع الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
وتساءلت صحيفة "نيويورك
تايمز" عن السبب وراء كل هذا المال من أجل لقاء مدته 5 دقائق بين الرئيس
الأمريكي السابق والحكومة القطرية. جوليان أسانج وجاء إعلان حملة كلينتون، بعد
ساعات من إجراء مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج حوارا صرح فيه بأن قطر تدعم تنظيم
"داعش" وقال في حواره الذي أذاعته قناة "RT" الروسية، إن كلينتون
و"داعش" يتلقيان المال من نفس المصدر، على حد قوله.
تغلل منظمة الاخوان في أوربا – ألمانيا نموذجا
منذ نشأة حركة الإخوان المسلمون وهي
تحاول أن تشكل اثرا عميقا على الحياة السياسية والاجتماعية في الشرق الأوسط، وخصوصا في العالم
العربي فمنذ ظهور هذه الحركة في عام 1928 شكّلت الأفكار المتطرفة للإخوان معتقدات
أجيال من الإسلاميين.
غير أن الاخوان يعتبرون ان الشرق
الأوسط والمنطقة العربية، لا تشكل كل حلمهم أو هي كل مساحة خريطة طموحهم السياسي
المؤثر، كان طموح حركة الاخوان المسلمين، أن يجدوا موضع قدم في أوربا، وكان لهم
هذا حين وصلوا لألمانيا، وبدأت منها حضانة الفكر الإخواني وتطوره السياسي.
بدأ قدوم أعضاء لتنظيم من الإخوان
المسلمين والمتعاطفين معهم إلى ألمانيا منذ ستينات القرن الماضي، وأسسوا ببطء وبثبات،
شبكة واسعة وجيدة التنظيم من المساجد، والجمعيات الخيرية والمنظمات الإسلامية،
ويذكر أن الوضع في ألمانيا على وجه الخصوص يفصح عن إحراز الإخوان المسلمين نفوذاً
مهما وقبولاً سياسياً، أكثر من أي مكان آخر في أوروبا.
وبدأت التنظيمات الإسلامية في البلدان
الأوروبية الأخرى تحتذي بنموذج نظيراتها الألمانية، وألمانيا على وجه التحديد؛ لما
لها من مكانة ذات أهمية كبيرة في أوروبا، ليس بسبب موقعها الجغرافي في قلب أوروبا
وحسب، بل لأنها استضافت أول موجة كبيرة من مهاجري الإخوان المسلمين أيضاً، كما
أنها تستضيف التواجد الإخواني الأكثر تنظيماً في أوربا.
كان جمال عبد الناصر حازما في تعامله
مع جماعة الاخوان، خاصة بعد تصاعد محاولات الجماعة في الهيمنة على ثورة يوليو التي
قادها عبدالناصر؛ الأمر الذي رفضه عبدالناصر بشكل قاطع وحاسم، مما أوصل العلاقة
بين الطرفين لدرجة المواجهة، وانتهت بمحاولة الاخوان لاغتيال عبد الناصر حادثة
المنشية.
مع عام 1954 غادر مصر عدد من أعضاء
تنظيم الإخوان المسلمين فراراً من الاعتقالات، عقب فشلهم في قتل عبد الناصر، وكان
معظم أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين سلفاً على ألفة بألمانيا حتي ان مؤسس الجماعة "
البنا" كان مغرماً بأفكار هتلر النازية، وتعاون أغلب أعضاء التنظيم مع
النازيين قبلاً وأثناء الحرب العالمية الثانية، حتى إن هناك تقارير تذكر أن بعض
أعضاء الإخوان حاربوا في فرقة "الخنجر" البوسنية بقيادة "شوتز
شتافل" المعروف بـ"ss".
قدمت ألمانياً الغربية ملجأ، ورحبت
باللاجئين السياسيين المصريين والسوريين، وغالباً ما كان هؤلاء إسلاميين، وذلك
عندما أقامت كل من مصر وسوريا علاقات دبلوماسية مع ألمانيا الشرقية.
سعيد رمضان هو أحد الرواد الأوائل
للإخوان المسلمين في ألمانيا، وكان سكرتيراً شخصياً لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين
حسن البنا، المصري رحل رمضان إلى جنيف في
عام 1958 ودرس الحقوق في كولونيا، وأسس في ألمانيا "التجمع الإسلامي في
ألمانيا" الذي أصبح فيما بعد واحدة من المنظمات الإسلامية الثلاث الكبرى
هناك، والتي ترأسها من 1958 إلى 1968، كما أسهم رمضان في تأسيس "رابطة العالم
الإسلامي".
استغل رمضان العلاقة المميزة مع
المملكة السعودية الغنية بالنفط لتجري بين يديه نهراً من المال، استخدمه في تمويل
المركز الإسلامي في جنيف و"التجمع الإسلامي في ألمانيا" وتمويل عدد من
الأنشطة المالية والدينية، ويعتبر مؤسس الفرع المصري للإخوان المسلمين في ألمانيا.
الشخصية الثانية علي غالب همت كان خليفة سعيد رمضان في رئاسة التجمع
الإسلامي في ألمانيا، وهو رجل أعمال سوري يحمل الجنسية الإيطالية، وخلال إدارته
الطويلة "للتجمع" 1973- 2002 تنقل همت بين إيطاليا والنمسا وألمانيا
وسويسرا والولايات المتحدة، وقد بحثت أجهزة الاستخبارات من كل دول العالم طويلاً
في صلات همت الإرهابية، فهو أحد مؤسسي بنك التقوى، وهو كيان قوي تسميه المخابرات
الإيطالية: "بنك الإخوان المسلمين".
كما اختار الفرع المصري للإخوان
المسلمين "ميونخ" لكي تكون قاعدة لعملياته في ألمانيا، بينما اختار
الفرع السوري مقرا يقع في "آخن"، وهي مدينة ألمانية تقع قرب الحدود
الهولندية، وهي الآن موطن لعدد كبير من السكان المسلمين، بمن فيهم عائلة "العطار"
السورية البارزة، وكان أول من انتقل إلى "آخن" من آل العطار هو عصام،
الذي فرَّ من وطنه الأم في الخمسينيات عندما كان زعيماً للفرع السوري من الإخوان
المسلمين، وسرعان ما تبعه أعضاء آخرون من الإخوان المسلمين، ومع الوقت اتخذ
إسلاميون من بلدان أخرى من مسجد العطار "مسجد بلال"، في "آخن"
قاعدة لعملياتهم، وهي معروفة جيداً لكل أجهزة المخابرات في العالم، منذ استضافة
الإرهابيين الجزائريين المطاردين.
الشخصية الأخرى المهمة في التنظيم
بألمانيا، ويعتبر من جيل الشباب هو ابراهيم الزيات هو
ابن لإمام مصري يخطب في مسجد ماربورج وأم ألمانية، ومتزوج من صبيحة أربكان بنت أخت
نجم الدين أربكان، وقد خلف يوسف ندا احد أهم العقول المالية المدبرة للإخوان
المسلمين لرئاسة التجمع الإسلامي في ألمانيا، وتعمل باقي أفراد عائلته في منظمات
إسلامية، وبعد وصول إبراهيم الزيات إلى رئاسة "التجمع"، أدرك أهمية التركيز
على الشباب "الجيل الثاني من المسلمين الألمان"، وأطلق حملات تجنيد
للشباب المسلم في المنظمات الإسلامية، إلا أن تقريراً لشرطة ميكينهايم عن الزيّات
يكشف عن علاقته الخطيرة، والسلطات الألمانية تقول علناً إنه عضو في تنظيم الإخوان
المسلمين، كما تربط شرطة ميكينهايم الزيات بـ"المعهد الأوروبي للعلوم
الإنسانية"، وهو معهد فرنسي يُعدّ أئمة أوروبيين، وفيه يُلقي العديد من رجال
الدين المتطرفين محاضراتهم، ويتهم عدد من الوكالات الاستخباراتية المعهد بنشر
الكراهية الدينية.
ويأتي التجمع الإسلامي في ألمانيا كنموذج
خطير لجماعة الاخوان في ألمانيا، ويعد الكاشف الأساسي للطريقة التي أحرز الإخوان
المسلمون بها قوتهم وتنامى بشكل لافت عبر السنين، ويتعاون الآن مع عدد كبير من
التنظيمات الإسلامية في ألمانيا، واندرجت تحت مظلته مراكز إسلامية من أكثر من
ثلاثين مدينة ألمانية، وتكمن القوة الحقيقية للتجمع اليوم في تنسيقه وإشرافه على
عدد من المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية في ألمانيا.
"التجمع" يعد من أقدم
المنظمات الإخوانية في ألمانيا، أسسها سعيد رمضان 1958 ويرأسها الآن سمير الفالح
خلفا لإبراهيم الزيات يقع مقره في المركز
الإسلامي في ميونخ منذ افتتاحه عام1973.
كان يديره مهدي عاكف المرشد العام
السابق للإخوان، والذي يعتبر مقر الفرع المصري لإخوان مصر، الأساس للفرع السوري
للإخوان، فقاعدته في المركز الإسلامي في آخن، وانفصل عام 1981 عن التجمع ليحتفظ
ببعض الاستقلالية، والتجمع عضو في المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، وكذلك
اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا، فضلا عن أنه مرتبط بشبكة مع العديد من المراكز
الإسلامية وأهمها في برلين، نورينبرج، ماربورج، فرانكفورت، شتوتجرت، كولن ومونستر،
كما يدير التجمع العديد من المساجد والمدارس وينظم سنويا لقاء سنويا للمسلمين
الألمان، وينشر التجمع مجلة "الإسلام" بصفة دورية، وتجدر الإشارة أن
التجمع يقع تحت مراقبة هيئة حماية الدستور الألمانية وهي هيئة شرطية منوطة بمكافحة
الجريمة السياسية في المانيا.
ويحاول الإخوان المسلمون خداع
السياسيين الألمان الذين يعتقدون أنهم يستفتون طيفاً عديدا من الآراء، بوجود هذا
العدد من المنظمات العاملة تحت أسماء مختلفة، فوسائل الإعلام في ألمانيا تسعى إلى
مسئولي المجلس عندما تريد أن تستطلع رأي المسلمين في أي شأن من الشئون، مثل النقاش
حول السماح بالحجاب في المدارس العامة.
إن تهديد الإسلاميين لألمانيا يصنعه-
بالدرجة الأولى تنظيم الإخوان والجماعات الأخرى المرتبطة به؛ حيث تعمل على نشر
وجهات نظر إسلامية في إطار القانون، ومن ثم تحاول إلزام كل المسلمين في ألمانيا
بتفسير معين للقرآن والشريعة.
"إن التجمع الإسلامي في ألمانيا
يجتهد للهيمنة على المنظمات واتحادات المسلمين في الولايات الألمانية المختلفة،
التي تحوز أهمية متعاظمة كأطراف محاورة للدولة والكنيسة، ومن ثم تستطيع توسيع
نفوذها داخل المجتمع الألماني".
لتنظيم الإخوان المسلمين في ألمانيا
وجهان، وجه عبر خطابه الوسطي والمنطوق جيدا بلغة ألمانية سليمة؛ لذلك لاقى قبولاً
عند الحكومة الألمانية ووسائل الإعلام على حد سواء.
والوجه الآخر، عندما يتحدث بالعربية أو
التركية إلى أتباعه من المسلمين، ينزع أقنعته ويُظهر التطرف، وبينما يتحدث ممثلوه
على شاشة التلفاز عن الحوار المبني على الثقة المتبادلة والاندماج في المجتمعات
الغربية؛ تحض جوامعه على الكراهية، ويحذر المُصلين من شرور المجتمع الغربي، وفي
الوقت الذي يندد فيه بقتل المسافرين في مدريد، وأطفال المدارس في روسيا يستمر في
جمع الأموال للتنظيمات الإرهابية المختلفة.
وتُظهر مجلة التنظيم المسماة "الإسلام"
بوضوح كيف أن الإخوان المسلمين الألمان يرفضون مفهوم الدولة العلمانية، ففي عددها
الصادر في فبراير 2002- على سبيل المثال- تؤكد أن المسلمين لا يمكن أن يرتضوا، على
المدى الطويل، قوانين الأسرة وقانون الملكية العقارية وقانون المحاكمات
الألمانية.. ويجب أن يتوجه المسلمون إلى إجراء اتفاق بينهم وبين الدولة الألمانية
من أجل محاكم منفصلة للمسلمين وهذا فعليا ضد سياسة الاندماج التي يتشدق بها
التنظيم.
ويعود سبب نجاح الاخوان في ألمانيا إلى أن الكثيرين من السياسيين الألمان، غير
مطّلعين على الإسلام، ولا يدركون أن وجهة نظر الإسلام وتأويله اللذين يعبر عنهما
"المجلس الإسلامي في ألمانيا"، وكما يعبر عنهما "التجمع
الإسلامي"، إنما هما وجهة نظر وتأويل الإخوان المسلمين، وليسا خاصين بالإسلام
الوسطي.
والسياسيون في أوروبا من كل الأطياف
السياسية يندفعون إلى خطب ود هذه التنظيمات كلما ظهرت قضية تمس المسلمين، خاصة
عندما يسعون إلى كسب الأصوات المتزايدة في المجتمعات المسلمة المنغلقة.
لقد أسهم التمويل الوافر والمنظمات
الكثيرة في نجاح الإخوان المسلمين في ألمانيا، إلا أن قبولهم في التيار العام من
المجتمع وصعود نفوذهم دون صعوبات ما كان ليكون ممكناً، لو أن النخب الأوروبية كانت
أكثر يقظة، وأعطت للأمور الجوهرية قيمة أكبر من الخطابة والكلام الاجوف، وفهمت
دوافع أولئك الذين يمولون ويبنون هذه المنظمات الإسلامية، فلماذا كان الأوروبيون
سُذجًا إلى هذا الحد؟
"هوما عابدين" ذراع الاخوان للوصول إلى البيت الأبيض
قد يظن الكثير من الناس أن مسالة علاقة الاخوان بالبيت الأبيض زمن
ولايتي أوباما مبالغ فيها، أو هي ضرب من الصراع السياسي الذي يجيز كل شيء بما فيه
الضرب تحت الحزام.
طرحت عدة تساؤلات وظهرت كثير من
الكتابات حول هذه العلاقة منذ العام 2013 بعد أن اتضحت الصورة بشكل كبير، وكذلك
ظهرت عدة معطيات واشارات لهذه العلاقة بعد وصول مرسي لحكم مصر بدعم أمريكي وفي
انتخابات مشوبة بعدم النزاهة بشكل كبير.
ظهرت ذلك العام عدة اشارات لوصول اسرار
البيت الابيض ومكتب هيلاري كلينتون، و فضائحهم الى جماعة الاخوان المسلمين و الى
نجلاء علي زوجة محمد مرسى تحديدا منذ عام 1996 وحتى وصول مرسي للحكم؟ ما سر الدعم اللانهائي
الذى تقدمه هيلاري كلينتون تحديدا للإخوان و لمرسى؟.
ماهي الأمور التي جعلت الاخوان يصلون
بها لهذه الحظوة مع هيلاري كلينتون وباراك اوباما؟ ويصلون لتحقيق جزء من اهدافهم؟
كيف كانت اسرار مصر تصل مباشرة الى البيت الابيض؟ وكيف سيكون الوضع بعد ان وصل
مرسى و زوجته الى حكم مصر؟
لعل الكثيرون في المنطقة العربية، يتذكرون
الفتاة السمراء ذات الملامح العربية، التي كانت تصاحب كلينتون لدى زيارتها مصر
رفقة اوباما الى عام 2009.
هذه الفتاة السمراء تدعى "هوما
عابدين" مسلمة وعضوة في جماعة الاخوان المسلمين وتعمل سكرتيرة خاصة، ومديرة
مكتب لهيلاري كلينتون منذ عام 1996 هوما عابدين من اصول هندية باكستانية، فوالدها
هندي وأمها باكستانية، عاشوا بالسعودية لأكثر من 30 عاما لكنهم درسوا و حصلوا على الدكتوراه
في امريكا وتجنسوا بجنسيتها.
والدتها صالحة عابدين قيادية في جماعة
الاخوان المسلمين الفرع النسائي أو ما يطلق عليه "تنظيم الاخوات المسلمات"
المعروف عالميا باسم المنظمة الدولية للمرأة و تقود فرع السعودية، وتقوم نجلاء على
محمود زوجة الرئيس المصري المخلوع محمد مرسى، برئاسة تنظيم الأخوات المسلمات بمصر،
وهي أيضا درست في امريكا ايضا، وكانت تعمل في المركز الإسلامي هناك وهي أيضا قيادية
تابعة لمكتب الارشاد لفرع مصر.
و شقيقها حسن عابدين قيادي إخواني، يعمل
مع القيادي الإخواني المصري القطري القرضاوي وكذلك مع قيادي تنظيم القاعدة حسن
نصيف!
وهنا يبرز سؤال قوي هل المخابرات الامريكية
لم تتابع هوما التى دخلت لتعمل في البيت الابيض، وهل هناك شخصيات عربية ذات علاقة بالإخوان
مهدت لها هذا الأمر مع المخابرات، حيث تشير دلالات لتدخل أمير قطر عبر توصية من
مرشد الإخوان في قطر القرضاوي.
مما لا شك فيه ان عائلتها الاخوانية التوجه
وكذلك تورطهم مع القاعدة لا يمكن لأحد ان يجهله خصوصا المخابرات الأمريكية، و هنا
نحتاج للاجابة عن السؤال الآتي لماذا تم الاحتفاظ بها حتى بعد احداث سبتمبر 2001 التي
الصقت بالقاعدة؟ و هل كانت تتجسس لحساب الاخوان أم لحساب دولة قطر والسعودية ايضا؟
ان قصة هوما عابدين لم تتوقف عند هذا
الحد فوجودها كان مثارا للاستنكار في المجتمع الأمريكي، وخاصة بعد ان استطاعت
تدريجيا ادخال عشرات الاخوان المسلمين و ليس مجرد مسلمين عاديين الى داخل البيت
الابيض، ولينقلوا اراء الاخوان ووجهة نظرهم في الحكام العرب و في جماعة الاخوان
على انها الحقيقة، او انها رأيا عاما الى الدرجة أن داليا مجاهد المحجبة "الاخوانية"
صارت تعمل داخل البيت الأبيض كمستشارة لأوباما هي وعشرات العناصر الاخوانية، و كان
هؤلاء يصورون لأوباما على أن جماعة الإخوان كتيار معتدل معتدلين وأن كل الحكام العرب
يحاربونهم لأنهم يريدون الحرية والديمقراطية.
كما أن وصولهم لهذه الأمكنة سهل عليهم
أن يتجسسوا وينقلوا الاسرار والاخبار و الفضائح، الى الجماعة أولا بأول، وليعثروا
على ما يمكنهم من ابتزاز الادارة الامريكية به.
هوما عابدين تأثرت بالتُقية والتضليل و
الخداع والكذب الذى يتخذه الإخوان، وكل
التيارات ذات التوجه السياسي الإسلامي القريب من التكفير و بخاصة مدرسة الإخواني التركي
"عبد الفتاح جول" الذى يقول "انه يجب على الإخواني ان ينصب شبكته
كالعنكبوت ويفعل كل الاشياء ويتبع كل الطرق لأجل الوصول الى الهدف، ثم يصبر لحين
تسقط الحشرات فى شبكته".
وعلى هذا الأساس لم ترتدى هوما عابدين
الحجاب، رغم انها اخوانية، وبهذا استطاعت
التسلل إلى أسرار هيلاري كلينتون وبأدق التفاصيل، بل أنها وصلت إلى أسرار حياتها و
فضائحها، كما أكدت عدة صحف أمريكية تهتم بالفضائح إلى أن هوما وصلت لتكوين علاقة
سحاقية، فإسلام الاخوان لم يمنعها من ان تمارس الشذوذ والسحاق الذى يعتبره الاسلام
من اشد الموبقات عنه الاسلام وكانت هذه العلاقة الشاذة مع هوما سببا في خسارة هيلاري
كلينتون لانتخابات الرئاسة السابقة، الا انها لم تستطيع ان تطردها.
والسبب أن هوما السكرتيرة الخاصة لهيلاري
كلينتون تعرف الكثير و تستغل حالة السكر التي تصل اليها كثيرا هيلاري كلينتون
لتقوم بتصويرها وتهديدها و ابتزازها، مثلما حدث مع زوجها بيل كلينتون مما يلقي
بالشك عن دور لهوما او الاخوان في تدبير فضيحة بيل كلينتون الشهيرة مع مونيكا فأي
فضيحة جنسية اضافية لتلك العائلة تكفى لإضاعة مستقبلهم السياسي، بينما هم من اعمدة
الماسونية العالمية و صورهم موجودة في كروتها منذ عام 1995 و أيد الماسونيين ترشح الماسوني
الشاذ اوباما، والماسونية الشاذة هيلاري كلينتون والإسرائيلي الماسوني النازي رومني،
للانتخابات السابقة التي فاز فيها أوباما، بينما لم يحظى المعتدل رون بول المعادي
للماسونية بأي دعاية او دعم كافي.
استطاعت هوما عابدين السيطرة على هيلاري
كلينتون و كانت تتوسط لديها لأجل الافراج عن معتقلين من الاخوان، او لرفع اسمائهم
من الحظر او للسماح لهم بدخول امريكا، مثلما فعلت مع حفيد حسن البنا الذى كان
محظورا دخوله لأمريكا، وتم استثنائه بأمر مباشر من هيلاري كلينتون لعيون صديقتها
هوما عابدين.
وللتغطية نصحت هيلاري هوما بالزواج لإبعاد
الشبهات بشأن علاقتهما الشاذة، تزوجت بناء على رأي كلينتون لشخص يهودي إسرائيلي أمريكي
يُدعى أنتوني واينر الذى كان عضوا في الكونجرس وحضرت هيلاري كلينتون و زوجها حفل
زواجهما.
أمر زواج هوما أن الإخوان يتاجرون
بالدين لمصالح سياسية، فلم نسمع عن أي شيخ من شيوخهم يفتى بإهدار دمها لأنها مسلمة
اخوانية، تزوجت إسرائيلي يهودي، بعد مدة اجبار واينر على الاستقالة من الكونجرس
بعد فضيحة جنسية، بينما استمرت زوجته هوما عابدين داخل البيت الابيض و استمرت هيلاري
كلينتون في منصبها رغم كل شيء.
ردود الفعل ضد تسرب الاخوان للبيت الأبيض ظهرت كحالة من الغضب من قبل بعض أعضاء مجلس
الشيوخ (الكونجرس) الأمريكي منذ العام 2013 بسبب علاقة كلينتون وأوباما بالإخوان،
خاصة وأن الجمهوريين طالبوا بكشف أبعاد هذه العلاقة... كما طالبوا مجددا بفتح ملف
علاقة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة لدخول السباق إلى
البيت الأبيض خلال انتخابات الرئاسة، مع "الإخوانية" هوما عابدين نائبة
رئيس موظفي وزارة الخارجية السابقة.
وكشفت وسائل الإعلام الأمريكية أن
السيناتور تشاك جراسلي، رئيس اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، أرسل خطابا إلى جون
كيري وزير الخارجية الحالي يطالبه بالكشف عن سر تحويل هوما من موظفة بدوام كامل
إلى العمل نصف الوقت، وانتقالها للعمل في شركة استشارات سياسية على علاقة بالإدارة
الأمريكية.
وطالب جراسلي أيضا بالكشف عن علاقة
هوما بجماعة الإخوان خاصة في ظل اطلاعها على وثائق ومعلومات سرية.
جاءت مطالبة السيناتور الجمهوري بعد
الكشف عن فضيحة استخدام كلينتون لبريدها الإليكتروني الشخصي في مراسلاتها الرسمية
خلال توليها منصب وزيرة الخارجية.
لهذا كانت هيلاري كلينتون الداعم الاول
للإخوان في الاطاحة بالأنظمة العربية، و الاصرار على توصيل الاخوان للحكم في الدول
العربية، وبدأت في التهديد بتوجيه عقوبات اقتصادية و عسكرية ضد مصر بعد الاطاحة بالإخوان،
كما أن عمل هيلاري في ليبيا يتسق مع هذه المعلومات، خصوصا بعد أن طلبت من السراج
عدم التعاون مع قيادة الجيش، حتى تصل لسدة الحكم بعد الانتخابات، كما أن جزع
الاخوان ومن يسير في ركبهم من فوز ترامب يثبت أن كثير مما قيل يدل على حقيقة هذه
العلاقة بين أوباما وهيلاري والإخوان في غلاف علاقة ماسونية خطيرة.
اعلام الاخوان وفوبيا ترامب
بعد فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة
الأمريكية ، وهو ما أعتبره الرأي السياسي الدولي مفاجأة، غير أنه ببعض التفكير
بعمق في طبيعة المواطن الأمريكي، فالأمر لم يكن مستبعدا، خصوصا أن ترامب اعتمد لغة
الشارع، وفكر كمواطن أمريكي، هذا المواطن ورغم الهالة والبهرجة التي تحيط به
وبوطنه، من أدوات الديمقراطية وحقوق الانسان، ودعم المضطهدين، إلا أنه نفس المواطن
الذي تسكنه، حمى السيطرة على العالم، وهوس الحرب منذ ابادة الهنود الحمر، ومرورا
بالحرب الانجليزية الأمريكية، وايضا الحرب الأهلية، ثم حروب فيتنام وكوريا والتدخل
في افغانستان، والعراق ، وسوريا وليبيا، وكلها تدخلات بشكلها الظاهر دعما
للديمقراطية، أو محاربة الارهاب، غير أنها في صميمها تحقيقا لهوس وجوع الأمريكي
لفرض هيمنته وسيطرته على البشر.
لذلك نجح ترامب فهو يمثل قاعدة حقيقية
في العقل الأمريكي، لكنه فكر بصوت مرتفع وبدون رتوش كان يحاول الأمريكان بشكل أو
اخر تغطيتها بقناع الديمقراطية، والانسانية الخ، غير أن الشيء الوحيد الذي يُمكن
للعرب خصوصا دول فوضى ما بعد 2011 هو رفع الادارة الأمريكية يدها عن دعم حركة
الاخوان المسلمين، والتي صارت مع ادارة أوباما وسياسة الخارجية بقيادة هيلاري
كلينتون أداة يسعى من خلالها عرابي هذه السياسة لبسط سطرتهم بحكم ظاهره اسلامي
وباطنته عمالة أمريكية.
ولذلك نجد الساحة الاعلامية التابعة
لبعض الدول الداعمة للإخوان لا تنفك من اظهار ما يُمكن ان يشوش على الأقل على المتلقي
العربي بعد تغيير الإدارة الأمريكية، والتي بلا شك ستكون ثابتة فيما يتعلق بإسرائيل
وبعض الخطوط الأخرى، غير أنها ستظل كما هي فيما يختص بالتعامل مع بقية العالم،
ومنهم جماعة الاخوان، فنجد الجزيرة القطرية تحاول ايجاد كل مبرر لكي تقول بأن
أمريكا مقدمة على شيء ما خطير، سواء بتصوير بعض المظاهرات وكأنها تحدث في دولة شرق
أوسطية، تسيطر عليها عائلة مالكة أو أميرية أو رئيس لا يتنحى إلا بالموت، ودخلت
على نفس الخط وكالة الأناضول صوت أردوغان الاعلامي، ونجد في أحد تقاريرها التي
كتبها مراسل عربي ينتمي بلا شك لجماعة الاخوان، أو مجند من طرفهم، وركز في تقريره
على جزء من مطالب مجموعة صغيرة عبر الانترنت أطلقت على نفسها "نعم
كاليفورنيا" تطالب بإقامة دولة كاليفورنيا المستقلة والانفصال السلمي عن
الولايات المتحدة الأمريكية عبر استفتاء يقام في خريف 2019، بالتزامن مع مظاهرات
في أجزاء مختلفة من البلاد؛ احتجاجا على فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية.
ويحاول التقرير أن يصور هذا العبث المعتاد من الشباب الأمريكي بأنه
حركة قوية، ستشوش على انتصار ترامب في الانتخابات، لكي يجتاح المواطن العربي شعور
باللامبالاة من تغير سياسة أمريكا نحو الإخوان، وبالتالي ستتغير طريقة تعاملهم مع
كل أدواتهم الارهابية، التي خرجت عنهم مثل القاعدة وداعش وأنصار الشريعة الخ.
ومع هذا تجاهلت أدوات الاخوان الاعلامية، سواء من الجماعة ذاتها، أو
من الدول الداعمة لهان بإنه لو صح هذا الأمر، وصارت دعوات الانفصال حقيقة وواقعا
قويا، سيكون هذا أفضل للعرب والمسلمين وسيكف اذى أمريكا وتدخلها في سياسات الدول
العربية، وستكون أمريكا في السنوات القادمة محل صراع داخلي ليحتاج لسنوات كي تصحو
منه أمريكا، وستظهر دول أخرى أكثر تأثيرا، خصوصا روسيا التي بدات نهضة سياسية
وعسكرية مؤثرة.
رويترز الابتعاد عن المهنية وانعكاس الرؤية السياسية
ينبهر أغلب العرب والليبيين من بينهم بأسماء
براقة في مجال الاعلام لمؤسسات عريقة ونافذة في هذا المجال، على سبيل المثال لا
يمكن لأي عربي لم يستمع لمحطة الـBBC مثلا واعتبرها مصدرا موثوقا للمعلومة، أو
أنه لم يقرأ أو يستمع لخبر مصدر رويترز، وكان من الصعب أن تؤكد لهذا المتلقي بأن
من وراء ما تسوقه هذه المؤسسات أهدافا غير التي تسمعها أو تقرأها، أو انها مؤسسات
لديها أجندة، غير حرية الرأي والخبر المرد.
غير أن أحداث العالم الأخيرة، وخصوصا
ما حدث بعد ثورات بعض البلدان العربية، أماطت اللثام عن المستور من أهداف هذه
المؤسسات، وبات جليًّا وواضحا دورها وأهدافها من نشر الخبر، خصوصا فيما يتعلق
بالشأن العربي.
مثلا وكالة رويترز نشرت تقريرا يوم أمس
عن تداعيات فوز ترامب واثره على الحالة الليبية خصوصا فيما يتعلق بالمؤسسات
الشرعية والجيش، غير أن عبارات هذا التقرير لم تكن حيادية، وحتى توصيفها وتسمياتها
تخالف المتعارف عليه في السلوب الصحفي العادي، فما بالك بمؤسسات محترفة، حيث يشترط
هذا الأسلوب أن تسمي المؤسسة أي كانت باسمها الرسمي أو ما يطلقه أهلها عليه، وهو
ما لن تفعله رويترز فنجدها تقول عن القائد العام للجيش الليبي " رحب حلفاء
القائد العسكري الليبي خليفة حفتر الشخصية المهيمنة في شرق البلد المقسم بفوز
دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية مراهنين على الحصول على مزيد من الدعم
لموقفهم المناهض للإسلاميين".
هنا تقول رويترز القائد العسكري وحلفاء
له، بينما التسمية القائد العام للجيش الليبي، وتذهب رويترز للخلط الذي لا يجب أن
يكون من مؤسسة مثلها وتضيف " يقول محللون إن النتيجة قد تعزز
الفصائل المؤيدة لحفتر التي لها صلات قوية بمصر ومتزايدة بروسيا في حين قد تخفف
الدعم الغربي لحكومة تساندها الأمم المتحدة في طرابلس ويعارضها حفتر وحلفاؤه".
ويجب أن نقف عند عبارة يعارضها حفتر
وحلفاؤه، وهنا تذهب رويترز بعيدا فمن يعارض هذه الحكومة ليس أنصار حفتر فقط فهناك
عدة تيارات أخرى تعارض هذه الحكومة ولها عداء واضح للجيش وقائده، كما أن الشعب
الليبي في مجمله مع الجيش وقيادته، وبالتالي لا توجد فئة تحالف حفتر فقط.
وفي معرض حديثها عن مجلس السراج
الرئاسي أوردت "ووصل قادة حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة إلى
طرابلس في مارس آذار. لكنهم فشلوا في أن يحلوا بشكل كامل محل الإدارة السابقة في
طرابلس أو يفوزوا بتأييد صناع القرار السياسي في الشرق الذين يتهمون حكومة الوفاق
الوطني بأنها مدينة بالفضل لفصائل مسلحة قريبة من الإسلاميين".
ونجد وصفها للبرلمان المنتخب من كل الليبيين بقولها " صناع
القرار السياسي في الشرق" وكأن هذا البرلمان ظهر في الشرق فقط، ويتشكل من
أعضاء في شرق البلاد فقط ..
ويستمر عدم مهنية ومصداقية هذه الوكالة
حين يشير تقريرها إلى "ويخوض حفتر وجيشه الوطني الليبي حملة عسكرية منذ عامين
ضد إسلاميين وخصوم آخرين في بنغازي وأماكن أخرى في الشرق. ويشتبه كثيرون في أنه يسعى
للهيمنة على السلطة في كامل أنحاء البلاد".
فأخر كلمات الفقرة نجد شيئا انشائيا
عاما بما يشبه رأي الكاتب للتقرير حين أوردت ويشتبه كثيرون في أنه يسعى للهيمنة
على السلطة في كامل أنحاء البلاد ..وهو امر غريب حين تورد هذه العبارة دون تصريحات
للقائد العام للجيش الليبي وقيادة أركانه الذين أكدوا في غير مرة بأنهم بعيدون عن
السياسة ولا يتدخلون بها.
ثم يستمر ابتعادها عن خط المهنية
والحيادية التي يفترض أن تكون على القل في حدها الأدنى حين نجدها تتحدث وكأنها من
تيارات معروفة في ليبيا بمعاداتها للدولة وللجيش، وأيضا ممن انقلبوا على نتائج
الانتخابات ويبين ذلك جزء من تقريرها يقول "وحفتر متحالف مع برلمان وحكومة
الشرق وقد سارعا بتهنئة ترامب على فوزه".
طبعا البرلمان هو الجسم الشرعي الذي انتخبه كل الليبيون من طرابلس
غربا حتى طبرق شرقا، والبرلمان هو من أصدر قراره بتكليف حفتر قائدا عاما للجيش،
كما أن رئيس البرلمان الشرعي والوحيد في البلاد هو القائد الأعلى للجيش، أما تهنئ
ترامب على فوزه فهذا أمر طبيعي كون البرلمان هو أعلى سلطة في ليبيا.
ثم يختتم التقرير ببعض الأمور الاعتيادية المتداولة، حيث يتعرض لتقارب
ترامب والسيسي، كذلك انعكاس هذه العلاقة على دعم الجيش الليبي، ايضا ربما سيوقف
ترامب مساعدات أمريكا للمليشيات ذات الصبغة الاسلامية التي تتقاتل مع داعش في سرت
وأغلبها تنتمي لجماعات الاخوان.
واخيرا الشيء المستغرب هو مساهمة ليبيين في كتابة التقرير وهما أيمن
الورفلي من بنغازي، واحمد العمامي من طرابلس، فكيف تمر عليهما كل هذه السقطات في
هذا التقرير إلا إذا كان مقيدين بشروط النشر وتوجه الوكالة الدولية، وهذه إن صحت
فهي سقوط لهما كصحفيين وإن كانا غير معروفين للوسط الصحفي والاعلامي في ليبيا.
موقف صريح لترامب تجاه دعم الارهاب
من مواقف الرئيس الأمريكي المنتخب
دونالد ترامب تجاه الإعلام الداعم للتيارات الارهابية خصوصا قناة الجزيرة كتبت Ashley Killough الصحفية بشبكة CNN الإخبارية الأمريكية، عن رد فعل المرشح
الرئاسي السابق والرئيس الأمريكي المنتخب الحالي دونالد ترامب تجاه أحد الأسئلة
التي وجهها مراسل شبكة الجزيرة القطرية في امريكا باللغة الإنجليزية.
قالت اشلي أن ترامب قابل المراسل بجفاء
وغضب، ملوحاً له ولزملائه من طاقم الشبكة المعروفة بدعمها للمجموعات الإرهابية في
العالم العربي قائلاً (( لقد أصبحتم خارج الخدمة )) قبل أن يشيح بوجهه عنهم وينصرف.
وهذا الأمر أشار مبكراً الى نهج سياسات
ترامب المناوئة للحركات الأصولية في العالم العربي وداعميها، والتي كانت إحدى
أوراق اللعب لإدارة أوباما وكلينتون أثناء خدمتها في وزارة الخارجية، وهو ما أسفر
عن خروج عدد من الدول العربية خارج السيطرة، وخضوع مناطق منها لتنظيم داعش
الإرهابي وغيره من الجماعات المتطرفة، مثل جماعة الإخوان والتي تحظى بدعم عني
مسبوق من إدارة أوباما.
ولقد رحب متابعو Ashley Killough على تويتر بردة فعل ترامب معللين ذلك
بالرابط القوي، والذي لا يخفى عن أحد بين الجزيرة والإرهاب متمثل في تنظيم القاعدة
وداعش والإخوان المسلمين، والذي يبدو جليا من خلال تغطية قناة الجزيرة الإخبارية
لأحداث الشرق الأوسط
ويعود تاريخ هذا الموقف للرئيس
الأمريكي الجديد ترامب تجاه الجزيرة الى أوائل العام الحالي، ويضاف إلى هذا الى ما
مارسته قناة الجزيرة الإنجليزية من دعم إعلامي لهيلاري كلينتون، بالإضافة للدعم
المادي المباشر من الحكومة القطرية لحملتها.
وفي السياق نفسه شهد موقع تويتر ذاته
منذ أيام تراشقا بين ترامب والأمير السعودي الوليد بن طلال، فهل
سيستمر ترامب في تبني هذا التوجه أم أن منصبه الجديد سيفرض عليه حسابات اخرى ؟ هذا
ما ستجيب عنه الأيام القادمة.
وكالات
تقارير المنظمات الانسانية الغربية تقارير مخابراتية سياسية
قصف أمريكي لأحياء سرت
عندما نتأمل تقارير بعض المنظمات التي تدعي الإنسانية، نجدها في مجملها تقرير سياسية مخابراتية بامتياز، أخر هذه التقارير المخابراتية المسماة تقارير انسانية ما نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش عن محاصري قنفودة، والذين اسمتهم بالمدنيين وكل أدلتها اتصالات هاتفية، مع مجموعات لم تسمها، ولم تذكر كيف تأكدت بأنهم في منطقة الحصار " قنفودة " غربي بنغازي.
هذه المنظمة التي يطول لسانها حين يتعلق الأمر بالوضع الأمني القومي لنا نحن العرب، ويقصر بل و يخرص حين يتلق الأمر بإسرائيل مثلا، أو حين تقصف طائرات التحالف الغربي مدنيين في العراق وسوريا، وخير شاهد قرابة 50 امرأة وطفل قتلوا بواسطة طائرات امريكا في العراق.
قالت هيومن رايتس ووتش في تقريرها ( أن الجيش في قنفودة يقاتل تشكيلات مسلحة تحت مسمى «مجلس شورى ثوار بنغازي» يضم أعضاء سابقين من «أنصار الشريعة» كما يحارب منتمين لتنظيم «داعش».
ونقلت عن الجيش الذي يحاصر قنفودة شروطه لإجلاء المدنيين: «إنه لن يسمح بإجلاء أي ذكور تتراوح أعمارهم بين 15 و65، كما لا يسمح للنساء بارتداء النقاب الذي يغطي وجوههن بالكامل، لمنع تسلل الرجال»، الأمر الذي علقت عليه المنظمة وقالت إنه يجب على الجيش الكف عن هذا الإجراء، وعليه منح أي شخص في عهدته كل الحماية المنصوص عليها في القانونين الليبي والدولي. لا ينبغي افتراض الانتماء إلى «داعش» أو غيره من الجماعات المتطرفة استنادًا إلى الجنس أو العمر أو الانتماء القبلي.)
ورغم بداية فقرة التقرير الصادقة، إلا أنها لجأت إلى الخداع واستعمال نفس أسلوب متحدثي هذه الجماعات، وأذرعهم الاعلامية، فالجيش لم يمنع اجلاء الذكور في الأعمار المحددة، بل طلب أن يخرج هؤلاء بعد أن يتأكد الجيش منهم، ومن هويتهم، فهذا أمر مشروع له، خصوصا حين تقاتل ارهابين، لا تدري من هم ومن يدعمه في الاجمال، أيضا نجدها هنا تدافع عن الخمار ولبس الدواعش، بينما لم تحرك ساكنا حين منعت دول أوربية مجرد لبس الحجاب، كما أن مسألة الانتماء القبلي التي وردت في التقرير تثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن هذه المنظمة تعمل بتقارير مخابراتية، تستند لما تقوله هذه التنظيمات، فالمعروف أن هذه الجماعات لا تستند لعمل قبلي ، بل هي جماعات مختلطة تنتمي لعدة قبائل ومدن، غير أن المتابع لمن يدعمون هذه الجماعات في مصراته وطرابلس هم من يوحون بهذه الحجة، حجة قتال المواطنيين من اصول غرب ليبيا في بنغازي.
ضحايا القصف الأمريكي من الأطفال في سرت
وحسب تقرير المنظمة فإن الباحثة الأولى بالمنظمة في شؤون ليبيا قالت حنان صلاح: "على الجيش السماح لأي مدني يريد ترك منطقة المعركة بالمغادرة، أيًّا كان عمره أو جنسه. وجود مقاتلين قرب المدنيين لا يمنح الجيش الحق في محاصرتهم في منطقة قتال ليواجهوا الجوع".
وأضافت صلاح: "رغم المخاوف الأمنية المشروعة للجيش، لا يوجد عذر لسياسة معاملة جميع الرجال وحتى الأطفال كمقاتلين، بمنعهم من الهروب من منطقة الحرب المحاصرة. إذ يحاول الجيش الوطني الليبي إجبار الأمهات على ترك أبناء بعمر 15 عامًا لتبقين على قيد الحياة".
وهنا يجب أن نعرف متى زارت هذه الحنان مواقع القتال، وكيف عرفت بأن الجيش يريد اجبار الأمهات على ترك أبنائهم، أيضا مسألة الأطفال وأعمارهم، هذه المنظمة ودوائر الاستخبارات التي تتبعها يعرفون جيدا، أن داعش يجند حتى الأطفال في أعمار تتراوح ما بين الثامنة والخامسة عشر، وسبق أن نشر العديد من المقاطع والصور لهم ليس وخم يحملون السلاح بل وهم يقطعون الرؤوس.
ولكي تخلط المنظمة الأوراق، وفي دلالة واضحة، على انها أداة استخبارات، وتتبع دوائر سياسية هدفها، خلق المزيد من الفوضى، نجد هذه الجزئية في تقريرها الغامض "الجماعات الإسلامية المنضوية تحت (مجلس شورى ثوار بنغازي) قصفت مناطق مجاورة لبنغازي، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من المدنيين وتدمير الممتلكات، كما أنها تعتقل تعسفيًّا نحو 100 من مؤيدي القذافي الذين قُـبض عليهم خلال ثورة 2011، واُحتُجِزوا في سجن بوهديمة العسكري ببنغازي، إلى أن سيطر عليه مسلحون في أكتوبر 2014".
فإذا كانت هذه المنظمة تعرف كل هذا، فهل يعقل أن نصدق بأنها لا تعرف من هم المحاصرين، ولمن ينتمون، أنهم في الأغلب عائلات، ومناصري هؤلاء الارهابين، سواء من الليبيين أو غيرهم، وما هذه الدعوة من هذه المنظمة وغيرها، سوى سبيل لمحاولة عرقلة عمل الجيش، وربما محاولة لإيهام العالم بأن هناك جرائم حرب، بينما هناك عائلات وأطفال قتلوا في سرت بليبيا جراء القصف الأمريكي، وسبقهم اطفال في أفغانستان، والعراق ، وسريا، غير أن من تقتلهم أمريكا وأوربا لا بواكي لهم.
واقع مدينة سرت جراء القصف الأمريكي
حين تحارب أمريكا الإرهاب
........المتابع لما يجري في العالم بحجة محاربة الارهاب، خصوصا من قبل
الولايات المتحدة، لاشك أصبح موقنا بان أي مكان تأتيه قوات أمريكية، سواء على
الأرض أو السماء، لن تتركه هذه القوات إلا وهو أشد دمارا، واكثر فرقة وشتاتا.
ابتداء بأفغانستان، بدأت أمريكا سياسة محاربة الاتحاد السوفيتي عن
طريق مساندة مليشيات الأفغان المختلفة، وكانت هذه التجربة مسرحا لإعداد قادة
الإرهاب، بواسطة التدريب المخابراتي الأمريكي، واعداد كوادر ارهابية ، هدفها
الاساسي العودة لمناطق الاسلام، ونشر فكر متطرف تحت عنوان اسلامي، لأن الغرب ومعهم
اسرائيل، يدركون بأن أي محاولة للنيل من سماحة الاسلام وسمو رسالته، لن يكون
بالنقد والهجوم حتى المسلح من قبلهم ومن قبل اسرائيل، لأن هذا سيزيد المسلمين
توحدا وتماسكا.
إذا الحل "سنخلق لهم اسلاما على طريقتنا" كما قال ضمنا أحد
رؤساء المخابرات الأمريكية السابقين، كما أن هيلاري كلينتون في معرض حديثها عن
الجماعات الارهابية، والحرب الباردة في أحد لقاءاتها قالت" نحنا ابتكرنا وصنعنا كل المجموعات الأصولية
الإسلامية ضد الاتحاد السوفياتي ومن ثم عملنا على تأمين عودتهم الى بلادهم وسنحركهم
حين الحاجة".
وبعد افغانستان اختلقت أمريكا هياكل
ارهابية في الصومال والسودان وغيرها، وبدأت مع غزوها للعراق في الاعداد لتطوير
القاعدة، بتنظيم جديد " داعش" واستغلت أمريكا رغبة الشعوب العربية في
التخلص من مآسيها الاقتصادية والحياتية، وتخلف بعض حكامها، ولوت عنق الثورات
لمصلحها، ودفعت بكل من دربتهم سابقا للمنطقة.
وها هي أمريكا منذ أكثر من عشر سنوات
وهي تتواجد بقوة في العراق، ومع هذا نمى داعش وترعرع تحت بصرها وفي كنف قواتها، ثم
بدأت تبث عناصره في المنطقة خصوصا في سوريا وليبيا، وكدليل أن أمريكا لا تريد أحد
ينتصر في هذه المناطق، بحيث أنها تدعم هذا الجانب وذاك، وحين تشعر بتفوق أحدهما،
ترسل له ضربة ما، أو توقف الحرب لكي لا يتم النصر له تحت حجج كثيرة أهم عناوينها
الظروف الانسانية.
في ليبيا قالت صحيفة الواشنطن بوست في
تقرير لها عن تدخل أمريكا في مدينة سرت، والتي لا يشكل داعش فيها هاجسا مخيفا، فهي
مدينة صغيرة، ولا توجد بها مانع طبيعية محيطة بها، ولا تشكل العناصر المسلحة فيها
عددا كبيرا أو عتادا مخيفا، مثل بنغازي التي فاق عدد الارهابين فيها 30 ألف،
قاومهم الجيش الليبي بقوة واستطاع في ظرف عامين مسح تفوقهم نهائيا.
يقول تقرير الواشنطن بوست (هذه العملية في سرت التي كان يُظن أنها ستتم
في أسابيع فقط قد تستغرق عدة أشهر، ولا يُعرف تماما ماذا سيحدث عندما سيختفي داعش من
سرت، كما يقول ماتيو تولادو الخبير السياسي في العلاقات الدولية في المجلس الأوروبي).
هنا يجهز الأمريكان لحرب طويلة تستنزف الليبيين، وتعيد انتاج داعش،
وستسمح أمريكا لعناصره بالتوافد لهذه المنطقة لكي لا ينتهي الارهاب في ليبيا، ولن
تسمح للقوات النظامية بدخول هذه المدينة، لأن دخول الجيش يعني انتهاء الارهاب من
ليبيا نهائيا.
ويستمر التقرير في سوق الأعذار التي لا
يمكن لعاقل أن يصدقها، أو تكون مقنعة لي كان فالمخابرات الأمريكية، تحشر أنفها في
كل شيء، حتى لو كان في صناديق سوداء، فما بالكم بدولة مثل ليبيا مستباحة من اضعف
دول العالم، وبالتالي ليس من المعقول أن لا نجد أمريكا في ظل هذه الفوضى داخل ليبيا.
يبرر التقرير مسألة التأخير ( نزح غالبية
السكان عن سرت بعد وصول داعش إليها، وكان يتوقع أن تتسم عملية تحريرها بالسهولة. وبينما
بيّن الفرع الليبي لداعش الوحشية نفسها التي أظهرها التنظيم الأم، لكن أعدادهم قليلة،
بالإضافة إلى انعدام الدعم من السكان المحليين خلافا للوضع في سوريا والعراق، وبالتالي
فإن مصادر تمويلهم محدودة).
ويبدو من هذا التقرير رائحة الخديعة
التي جاءت من أمريكا، لقوات مليشيا البنيان المرصوص من مصراته، والتي تدخلت بناء
على تشجيع من أمريكا وايطاليا، لكي تقطع الطريق على قوات الجيش الليبي والتي كانت
تستعد لدخول المدينة، يقول التقرير (لكن القوات المقاتلة من مصراتة القريبة سرعان ما
وجدت نفسها في مأزق بعد بدء عملياتها لتحرير المدينة في شهر مايو).
وتستمر رغبة الحكومة الأمريكية وقوات
الأفريكيوم في استمرار الحرب لأطول مدى فنجد في أحدى فقرات التقرير الآتي ( أخبرنا
أحد مسؤولي وزارة الدفاع: "ما لم تسوي كل المباني بالأرض، فإنك عندما تعمل هناك
عليك القبول بالجدول الزمني للقوى التي تحارب معها. وكان من الصعب الوصول إلى هذا الموقف
لأن مقاتلي مصراتة تكبدوا خسائر فادحة، وعلى قواتنا أن تتمتع بالحصافة والدقة.")
وكتبرير لقصف المدنيين ومقتل الأطفال
والنساء من عائلات الليبيين في سرت يبرر التقرير ذلك حين يشير إلى أنه ( يبدو أن المتشددين
تكيفوا مع الضربات الجوية الأميركية، وبدأوا يظهرون أنفسهم بوتيرة أكبر، ويرى المسؤولون
الأميركيون أن بعض النساء والأطفال، ويعتقد أنهم عائلات المقاتلين، قد يكونون من ضمنهم).
وللتجهيز لاستمرار الفوضى لو اضطرت
أمريكا لإنهاء داعش في هذه المدينة يذكر التقرير بأن ( ليس من الواضح أيضا من سيحكم
سرت بعض القضاء على المتشددين، وهو ما قد يعقّد المرحلة النهائية للمعركة).
هذا ما تعد له أمريكا، في ليبيا، وهو يماثل ما فعلته سابقا بالعراق،
وافغانستان والصومال، لكن شيء واحد يظل هو نقطة احباط هذه السياسة أن الليبيين
بدأوا اليوم أكثر قناعة بما يدبر لهم، وحتى مدينة مصراته، التي يتمركز فيها قادة
جماعة الإخوان والمليشيات، بدأت تنتفض ضدهم، وبدأت اتصالات مع الجهات الشرعية في
طبرق، وقيادة الجيش في المرج، للعمل سويا على تخليص البلاد مما فيه، مما يعطي
مؤشرا قويا على أن الجبهة الداخلية، لم تتأثر بما سوقته المخابرات الأوربية
والأمريكية لتفكيكها من الداخل.
منذ شهور بدأت السياسة السعودية تجاه ليبيا تميل ناحية تأييد الوفاق
الذي لا يريده في ليبيا سوى قلة من شعبها، تتمثل هذه القلة في جماعة الإخوان، وبعض
منتسبي القاعدة السابقين ( المقاتلة الليبية ) ، وثلة ممن يحسبون انفسهم معارضين
سابقين للقذافي، قضوا اغلب حياتهم في أوربا وأمريكا، وتتلمذوا على أيادي المخابرات
الغربية، ولا يتحدثون أو يتصرفون سوى بما تمليه عليهم هذه القنوات السياسية
والمخابراتية التي يتبعونها.
موقف السعودية في بداية الأزمة الليبية منذ سنتين كان مرضيا لغالبية
الليبيين، فهي وقفت مع الشرعية في ليبيا المتمثلة في البرلمان وحكومته، وكذلك دعمت
بشكل لافت حرب الجيش ضد داعش في بنغازي.
لكن يبدو أن تورطها في اليمن، وخشيتها من تنفذ الشيعة الايرانية في
المنطقة، وقربها السياسي من امريكا، فرض عليها رؤية جديدة تجاه القضية الليبية، وبدأت
تنحو نحو تأييد ما يسمى ( بالوفاق) وتنظر للسراج كجزء مهم في الحالة الليبية، في
تطور يتماهى مع سياسة أمريكا، وهذه السياسة الأمريكية تعتمد شيئا واحدا منذ عدة
عقود، وهي زيادة تأزيم أي أزمة في أي بلد عربي أو اسلامي، وتشبيك القضايا، والدفع
بحالة الشقاق لأبعد ما تستطيع.
أمريكا استعملت قطر كصبي سياسة يعمل لأجندتها بكل اجتهاد، ويبدو أنها
بدأت تمل من الطاعة العمياء لهذا الصبي، والذي على ما يبدو فضحت تصرفاته، ما كانت
تريد أمريكا أن يبقى سرا، أو أن حساباتها في نجاح سياستها كانت مخطئة بهذا
الاختيار القطري.
ظهرت تصريحات من عدة شخصيات منتمية لتيار الإخوان، والتي كانت منذ
أيام قليلة، تعتبر السعودية عدوهم الأول، ففي هذا الصدد صرح القيادي في جماعة الإخوان
الليبية محمد الحريزي بأن (تأثير السعودية الكبير على كافة
دول الخليج العربية مشيراً إلى أن تغير موقفها لصالح الاتفاق سيخفف من دعم بعض الدول
و خاصة مصر للطرف الرافض لأي اتفاق سياسي و خاصة الذي يمثله "حفتر" وبعض
أعضاء مجلس النواب وسيسهم في تغيير المشهد على أمل نجاح المبادرة السعودية التي ستطرح
خلال الايام المقبلة في إنجاح الاتفاق وتحقيق
ما أخفقت فيه تونس ومن قبلها الجزائر في مبادرتيهما ذات الإطار بحسب قوله).
ربما ستلعب السعودية دورا ما من أجل انجاح المشروع الأوربي في ليبيا،
خصوصا إذا طلبت أمريكا منها ذلك، ولكن يظل نجاحه مرهون بإقناع كل الأطراف، والتي
تتنوع في المشهد الليبي، ولن يكون النجاح حليفها فقط لأنها سترضى الإخوان والغرب.
أيضا لن تكون مصر تابعة لحد سواء للسعودية أو حتى لأمريكا، لأن
السياسة المصرية مبنية على دور قوي وفاعل لمصر، كما أن ليبيا تشكل هاجسا لمصر، إذا
ما نجح الإخوان في العودة من باب الدعم الغربي، لأن الشعب الليبي رفضهم بكل الطرق.
فشل السراج وضياع الوفاق ومآرب الغرب في ليبيا
يدرك الليبيون الآن بأن السراج ليس إلا أداة طيعة جيء بها لتنفيذ أجندات دولية، تتمحور حول المزيد من الفوضى في ليبيا، وهذه الفوضى هي الهدف الاساسي الذي تريده دول الغرب عموما.
فالحكم على السراج بالفشل أمر غير منطقي، لأنه جاء أصلا لتنفيذ مهمة محددة سواء بعلمه أو بجهله، هذه المهمة هي اعادة انتاج نظام في ليبيا ليست له من مهام سوى أن يظل يستمع، وينفذ ما يصله، لا أن يفكر ويبتكر ويناقش العالم من حولة حول أوضاع ليبيا.
حتى الآن لم نقرأ أو نستمع لأي تصريح أو كلمة للسراج تتعارض مع ما يقوله كوبلر" عراب مصالح الغرب" أو وزراء الاتحاد الأوربي، أو امريكا.
أما في داخل ليبيا فهو لا يتعامل سوى مع عدد محدود من الأشخاص يتكونون من قادة مليشيات ذات صبغة اسلامية، ويستمع ويجتمع ببعض الليبيين الذين تربوا في كواليس المطبخ السياسي الغربي، وتتلمذوا على ايادي مخابراته المختلفة، وهؤلاء أبناء مخلصون لهذه الأدوات التي أنجبتهم.
ويظل وجود عراب مصالح الغرب ومخابراته في ليبيا والموصوف بانه مبعوث أممي إلى ليبيا " كوبلر " كنقطة تتمحور حولها كل الخلافات، وتتصاعد الأزمة بوجوده، فهو لا يقدم حلا يرضى كل الأطراف، بل أنه في كل اجتماع يحاول ارضاء من يقابله من الليبيين، ثم يسافر ليقابل مجموعة أخرى من الليبيين ويتعهد لهم بنفس الأمور والاشياء التي حاولها مع سابقيهم، وهكذا..!.
في الأيام الأخيرة اطلق كوبلر " مخدرا" يريد من خلاله كسب ود الجانب الأقوى في ليبيا الآن، وهو جانب القيادة العامة للجيش، والذي صار مؤيديه في ليبيا هم الجانب الأقوى، خصوصا بعد وضع الحقول والموانيء النفطية تحت حماية الجيش، وتديره السلطات الحكومية المختصة، وأيضا توغل قوات الجيش في مناطق الجنوب، وتحشيد قوات كبيرة على تخوم طرابلس، خصوصا في الجنوب الغربي من العاصمة.
مع ذلك لا يوجد اتفاق كبير بين بعض القيادات السياسية والاجتماعية الداعمة للجيش، وللمشير حفتر تجاه ما قاله كوبلر عن إيجاد دور للجنرال على رأس جيش موحّد في المرحلة المقبلة.
وقد يكون هناك من يرى أنه موقف إيجابي من كوبلر وهناك من يرى أنه "تدخل سافر من كوبلر في سلسلة تدخلاته في الشأن الليبي"، وخطوة لإرباك المشهد.
وكدلالة على أن اغلب أعضاء مجلس السراج لا يريدون وفاقا، بل يريدون حكما مركزيا مقيتا لهم ولجهويتهم، ومن يؤيدهم خصوصا معيتيق وكجمان والعماري، حين رفض هؤلاء طرح كوبلر بطريقة غير مباشرة، وذلك عن طريق اجتماعهم مع بقايا ضباط الجيش في طرابلس والذين لا يسيطرون حتى على البدل العسكرية التي يرتدونها، لكن كان الهدف منه هو تنفيذ اتفاق خفي يقول بوجود أكثر من جيش في ليبيا، وهذه نقطة طالما عزف على وترها عراب سياسة الغرب في ليبيا كوبلر.
وكدلالة على عبث الغرب في ليبيا، خصوصا في العاصمة طرابلس، تركهم للسراج تائهة في العاصمة، دون حسم المواضيع الحساسة مثل المليشيات، وقادة الارهاب في طرابلس، وايضا عدم سيطرته على مقار الدولة منذ البداية.
المعروف لكل الليبيين، وبلا شك لا يخفى على الغرب أن الغويل رئيس حكومة الانقاذ الموازية كان يلتقي دبلوماسيين أجانب في العاصمة باعتباره رئيس حكومة على الرغم من أن الغرب هو من وضع السراج في هذا المنصب ويدعمه.
لذلك فإن عمق المشكلة الليبية تتمحور حول تدخل الغرب بحجة الوفاق، وترك ارادة الشعب الليبي، وما أنتجه بأدوات الديمقراطية والصناديق، لا لشيء سوى ان تظل ليبيا في هذا الحراك المضطرب، والذي لن يتركه هؤلاء يهدأ بأي شكل، ولن يهدأ بالطبع سوى بدخول القوة الشرعية الوحيدة للعاصمة وتأمينها، ووضع حكومة يتفق عليها الليبيون، بشرط أن لا يكون من بين هؤلاء الليبيين، جماعة الإخوان والمقاتلة وقادة المليشيات، ومجالس الشورى الارهابية.
22-10-2016
نشرت تقارير صحفية معلومات عن تفاصيل غير
معلنة حول صفقة تسليم البغدادي المحمودي أخر رؤساء وزارات القذافي، فحسب عدة
وكالات اخبارية ومواقع صحفية على الانترنت فإن الكاتب العام النقابي الأمني للجمهورية التونسية الحبيب
الراشدي قال أن السلطات الليبية ( البرلمان وحكومته ) بصدد محاكمة محافظ البنك المركزي
السابق الصديق عبدالكبير بتهمة الفساد الإداري والمالي.
وحسب الراشدي إن ابرز تهمة ستوجه
للكبير هي تحويل مشبوه لمبلغ 180 مليون دولار اي ما يقارب ال300 مليار دينار
تونسي، لفائدة جمعية خيرية تونسية اسمها أمل، واكد الراشدي ضمن تقرير نشرته صحيفة «أخبار الجمهورية » التونسية
الأسبوعية انه وخلال اعترافات المحافظ كشف هذا الاخير أن التحويل تم خلال صفقة تسليم
البغدادي المحمودي. مؤكدا بأن جمعية أمل تعد من ضمن الجمعيات التابعة لحركة النهضة
التونسية.
وفي السياق ذاته أكد الراشدي ان صفقة تسليم
آخر رئيس حكومة ليبية في عهد القذافي البغدادي المحمودي، هي "صفقة قذرة وعار على
تونس بعد الثورة"، مضيفا ان وزير العدل أنداك نور الدين البحيري اتفق مع مستشاريه
مصطفى اليحياوي وسيد الفرجاني، من أجل الضغط على المحمودي اثناء سجنه بتونس حيث دأب
مستشاروه على زيارة الموقوف الليبي في سجنه بتونس من اجل تسليم الارقام السرية للحسابات
البنكية للقذافي مقابل اخلاء سبيله، وهو ما تمّ بالفعل، حيث سلمهم البغدادي المحمودي
تلك الارقام، وبدل أن يُطلق سراحه في تمّ تسليمه الى سلطات طرابلس والتي كانت
تقودها شخصيات اسلامية، تنتمي في أغلبها لجماعة الاخوان المسلمين.
يذكر ان البغدادي المحمودي كان قد ارسل
بتاريخ 16 مايو 2012 برسالة الى الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي تحدّث فيها المحمودي
عن عملية الابتزاز التي تعرّض اليها في سجنه بالمرناقية، وعن الخطوط العريضة لصفقة
تحرّكها قيادات من حركة النهضة بالتعاون مع أطراف ليبية، وقد تم نشر فحوى الرسالة في
عديد المواقع آنذاك وهو ما يدّعم ما جاء على لسان النقابي الامني الحبيب الراشدي.
يذكر أن حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية
الأسبق، اكد في تصريحات اعلامية أن المنصف المرزوقي كان على علم مسبق بتسليم البغدادي
المحمودي على عكس ما ادعاه المرزوقي حينها.
وحسب الرسالة التي نشرت حيها فإن البغدادي
المحمودي ذكر في رسالته اللقاء الذي جمعه بمستشاري وزير العدل التونسي بقوله ( وقد
طلب مني المبعوث ـ ويقصد سيّد فرجاني ـ أن أقدم دعوة للشخص الليبي (؟؟؟؟ ) للحضور إلى
تونس لمقابلتي وأن أدعو محامي الفرنسي من باريس، كما أبلغني أن هناك اتفاق على اقتسام
المبالغ المالية التي أعرف مكان وجودها وذلك بين الجهة الليبية التي ستحصل على حصة،
قائلا كذلك بالحرف الواحد "لا تنسوا نصيب الأطراف التونسية" ).
وجاء في أقوال المحمودي بأن مندوب
الوزير التونسي أكد له " أن هذا هو الحل
الوحيد لخروجي من السجن وأن قرار فخامتكم لا جدوى منه، وطلب مني الإسراع في التعاون
معهم، ثم حذرني من البوح بهذه التفاصيل لأي كان لا للمحامين التونسيين، ولا حتى للمحامي
الفرنسي".
كما ذكر المحمودي في رسالته للمنصف المرزوقي
انه "حاول الانتحار اثر تلك اللقاءات والابتزاز" .تجدر الاشارة إلى أن "موقع ميديا بارت الفرنسي " كان قد نشر تفاصيل
تسليم البغدادي المحمودي، وكيف أن قيادات في حركة النهضة بمشاركة اطراف ليبية، سعت
لإقناع البغدادي المحمودي بتقديم المعلومات التي بحوزته حول الارقام السرية للحسابات
البنكية مقابل الافراج عنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكـرا لمشـاركتنا برأيـك