مـن روائــع الشعــر العــربي




الشاعر محمود درويش من أشهر الشعراء العرب، ولد درويش في الثالث عشر من مارس عام 1941، وتوفي في التاسع من أغسطس عام 2008، ارتبط شعر درويش بالقضية الفلسطينية والثورة، كما ساهم كثيراً في تطوير الشعر الحديث، وشعره يمتزج بالرمزية والحب والأنثى، والأهل، والوطن، وللشاعر مجموعات شعرية مطبوعة كثيرة، يضاف إليها مجموعة من المقالات والحوارات الصحفية،
وهنا نحاول أن نسلط الضوء على أجمل ما قال درويش شعرا.

شعــره عــن الحــب
" سلام على الحب يوم يجيء ويوم يموت ويوم يغير أصحابه.
ما لم يُغَنَّ الآن في هذا الصباح فلن يُغَنّى .. مَنْ لا يحبُّ الآن في هذا الصباح، فلن يُحبّ.
من سوء حظي نسيت أن الليل طويل ومن حسن حظك تذكرتك حتى الصباح.
يعلمني الحب أن لا أحب ويتركني في مهب الورق.
من لا يملك الحب، يخشى الشتاء.
الحب مثل الموت وعد لا يرد ولا يزول.
لا أريد من الحب غير البداية.
أحببتك مرغما ليس لأنك الأجمل وأفضل بل لأنك الأعمق فعاشق الجمال في العادة احمق.
حين ينتهي الحب أدرك أنه لم يكن حبا.. الحب لا بد أن يعاش لا أن يتذكر.
ولنا أحلامنا الصغرى: كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة.. لم نحلم بأشياء عصية.. نحن أحياء وباقون، وللحلم بقية.
هو الحب كذبتنا الصادقة.
هذا هو الحب.. أني أحبك حين أموت وحين أحبك أشعر أني أموت.
أدرب قلبي على الحب كي يسع الورد والشوك.
لا أحد يتغير فجأة ولا أحد ينام ويستيقظ متحولا من النقيض للنقيض.. كل ما في الأمر.. أننا في لحظة ما.. نغلق عين الحب ونفتح عين الواقع.. فنرى بعين الواقع من حقائقهم ما لم نكن نراه بعين الحب.. في عين الحب.
كان الرحيل يطاردني في شوارع جسمك، وكان الرحيل يحاصرني في أزقّة جسمك، فأترك صمتي على شفتيك وأترك صوتي على درج المشنقه كأنّي أحبّك.
غابةُ الزيتون كانت مرةّ خضراءَ، كانت والسماءْ غابةً زرقاء، كانت يا حبيبي .. ما الذي غيّرها هذا المساء؟.
أنا ههنا – يا غربيةُ – في الركن أجلس، ما لون عينيكِ؟ ما اسمكِ؟ كيف أناديك حين تَمُرِّين بي، وأنا جالس في انتظاركِ؟ "

أما عن الحياة فإن من اجمل ما قاله
إن وجهي واحد والموت واحد.
رفعنا إليكَ مناقيرَ أروحنا: أعطنا حبَّةَ القمحِ يا حلمنا.
يقول على حافة الموت: لم يبق بي موطئ للخسارة، حرٌ أنا قرب حريتي وغدي في يدي.
ولكننا سوف نحيا لأن الحَيَاةَ حَيَاةُ.
ونعبرُ في الطريق مكبّلين كأنّنا أسرى .. يدي، لم أدر، أم يدك احتست وجعاً من الأخرى؟.
أتيت ولكني لم أصل.. وجئت ولكني لم أعد.
هل في وسعي أن اختار أحلامي، لئلا أحلم بما لا يتحقق.
لا سر في جسدي أمام الليل إلا ما انتظرت وما خسرت.
وقلت له مرة غاضبا طريقة كيف تحيا غدا.. قال لا شأن لي بغدي إنه فكرة لا تراودني وأنا هكذا هكذا لن يغيرني أي شيء كما لم أغير أنا أي شيء فلا تحجب الشمس عني.. فقلت له: لست اسكندر المتعالي ولست ديوجين فقال: ولكن في اللامبالاة فلسفة إنها صفة من صفات الأمل.
سأصير يوما ما أريد.. سأصير يوما طائرا، وأسل من عدمي وجودي.. كلما احترق الجناحان اقتربت من الحقيقة، وانبعثت من الرماد.. أنا حوار الحالمين، عزفت عن جسدي وعن نفسي لأكمل رحلتي الأولى إلى المعنى، فأحرقني وغاب.. أنا الغياب.. أنا السماوي الطريد.
إن أطلت التأمل في وردة، لن تزحزحك العاصفة.
الطريق طويل كليل امرئ القيس: سهلٌ ومرتفعات، ونهرٌ ومنخفضات، على قدر حلمك تمشي وتتبعك الزنبق أو المشنقة.
الحقيقة بيضاء فاكتب عليها بحبر الغراب، والحقيقة سوداء فاكتب عليها بضوء السراب.
كن قويّاً كثور إذا ما غضبتَ، ضعيفاً كنوّار لوز إذا ما عشقتَ.
أجمل ما كتب محمود درويش عن الوطن
عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءا يا وطني.
تعرف ما هو الوطن.. ليس سؤالا تجيب عليه وتمضي.. إنه حياتك وقضيتك معا.
والتاريخ يسخر من ضحاياه ومن أبطالهم.. يلقي عليهم نظرة ويمر.
فارس يغمد في صدر أخيه خنجرا بإسم الوطن ويصلي لينال المغفرة.
قصب هياكلنا وعروشنا قصب.. في كل مئذنة حاو ومغتصب.. يدعو لأندلس إن حوصرت حلب.
علينا الا نلوم المفجرين الانتحاريين.. نحن ضد المفجرين الانتحاريين، لكن يجب علينا أن نفهم ما الذي يدفع هؤلاء الشباب للقيام بتلك الأفعال.. إنهم يريدون تحرير أنفسهم من هذه الحياة المظلمة.. إنها ليست الإيديولوجية، بل اليأس.

سيمتدُّ هذا الحصارُ إلى أنْ يحِسَّ المحاصِرُ مثل المُحاصَرِ، أنّ الضَّجَرْ صفة من صِفات البشرْ.


المتنبي شاعرٌ عربي ترك بصمة في تاريخ الشعر العربي، كان طموحا، ومعتد بنفسه بطريقة لم تُعهد في شاعر قبله، رافق الملوك والأمراء ، غير أنه كان ينظر إلى نفسه ، وكأنه صنوا لهم، أتهم بعدة تهم، منها اداء النبوة وغيرها، شعره من أروع شعر العرب، له أبيات كثيرة ، ذهبت مذهب الأمثال حتى اليوم.. ونعرض هنا بعض من هذه الأبيات.
وكاتم الحب يوم البين منهتك .. وصاحب الدمع لا تخفى سرائره
عش عزيزا او مت وانت كريم .. بين طعن القنا وخفق البنود
 فرؤوس الرماح اذهب للغيظ .. واشفى لغل صدر الحقود
اذا نلت منك الود فالمال هين .. وكل الذي فوق التراب تراب
ومن جهلت نفسه قدره .. يري غيره منه ما لا يري
ومن يجد الطريق الى المعالى .. فلا يذر المطي بلا سنام
 ولم اري في عيوب الناس شيئا .. كنقص القادرين على التمام
 واذا اتتك مذمتي من ناقص .. فهي الشهادة لي بأنى كامل
 قواصد كافور توارك غيره .. ومن قصد البحر استقل السواقيا
 اذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه .. وصدق ما يعتاده من توهم
 وعادى محبيه بقول عداته .. واصبح في ليل من الشك مظلم
والا تمت تحت السيوف مكرما .. تمت وتقاسي الذل غير مكرم
وما لخوف الا ما تخوفه الفتى .. وما الأمن الا ماراه الفتى امنا
يخفى العداوة وهى غير خفية .. نظر العدو بما اسر يبوح
ومن نكد الدنيا على الحر ان يري .. عدوا له ما من صداقته بد
 والهجر اقتل لي مما اراقبه .. انا الغريق فما خوفي من البلل
 خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به .. في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
 ما كل ما يتمنى المرء يدركه .. تجري الرياح بما لا تشتهى السفن

وان تكن تغلب الغلباء عنصرها .. فان في الخمر معنى ليس في العنب اعز مكان في الدني سرج سابح .. وخير جليس في الزمان كتاب
وما كل هاو للجميل بفاعل .. ولا كل فعال له بمتمم
وان لم يكن من الموت بد .. فمن العجز ان تكون جبانا
ومن صحب الدنيا طويلا تكشفت .. على عينيه حتى يري صدقها كذبا فحب الجبان النفس اورده البقا . وحب الشجاع النفس اورده الحربا
 اذا انت اكرمت الكريم ملكته . وان انت اكرمت اللئيم تمردا
لا تحسبوا من اسرتم كان ذا رمق .. فليس يأكل الا الميتة الضبع
 فمن كان فوق محل الشمس موضعه .. فليس يرفعه شيء ولا يضع
إن السلاح جميع الناس تحمله .. وليس كل ذوات المخلب السبع
بذا قضت الايام ما بين اهلها .. مصائب قوم عند قوم فوائد
وكل يرى طرق الشجاعة والندى .. ولكن طبع النفس للنفس قائد
فان قليل الحب بالعقل صالح .. وان كثير الحب بالجهل فاسد
اذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى .. فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا 
ومن ركب الثور بعد الجواد .. انكر أظلافه والغبب

ابا سعيد جنب العتابا .. فرب رأى اخطأ الصوابا
واتعب من ناداك من لا تجيبه .. واغيظ من عاداك من لا تشاكل
 واذا كانت النفوس كبارا .. تعبت في مرادها الاجسام
ولو لم يبق لم تعش البقايا .. وفى الماضي لمن بقى اعتبار
 وما في سطوة الأرباب عيب .. ولا في ذلة العبدان عار
 لا يعجبن مضيما حسن بزته .. وهل تروق دفينا جودة الكفن
 ذو العقل يشقى في النعيم بعقله .. واخو الجهالة في الشقاوة ينعم
 ومن يكن ذا فم مر مريض .. يجد مرا به الماء الزلالا
وما كل وجه ابيض بمبارك .. ولا كل جفن ضيق بنجيب
 ولترك للإحسان خير لمحسن ..اذا جعل الاحسان غير ربيب
 واقبل يمشي في البساط فما دري .. الى البحر يسعى ام الى البدر
 يرتقى وكم ذنب مولده دلال .. وكم بعد مولده اقتراب
وجرم جره سفهاء قوم .. وحل بغير جارمه العذاب
فان تفق الانام وانت منهم .. فان المسك بعض دم الغزال
الرأي قبل شجاعة الشجعان .. هو اول وهى المحل الثاني
 اذا رأيت نيوب الليث بارزة .. فلا تظنن ان الليث يبتسم
 شر البلاد مكان لا صديق به .. وشر ما يكسب الانسان ما يصم

 انى لأعلم واللبيب خبير .. ان الحياة وان حرصت غرور
 فالموت اعذر لي والصبر اجمل بي .. والبر اوسع والدنيا لمن غلبا
 اذا قيل رفقا قال للحلم موضع .. وحلم الفتى في غير موضعه جهل
 خليلك انت لا من قلت خلى .. وان كثر التجمل والكلام
من يهن يسهل الهوان عليه .. ما لجرح بميت ايلام
على قدر اهل العزم تأتي العزائم .. وتأتي على قدر الكرام المكارم
 عرفت الليالي قبل ما صنعت بنا .. فلما دهتني لم تزدني بها علما
 قد كنت اشفق من دمعى على بصري .. فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
الساعات في جمع ماله .. مخافة فقر فالذي فعل الفقر
 فأنى رأيت الضر احسن منظرا ..واهون من مرأى صغير به كبر
عرفت نوائب الحدثان حتى .. لو انتسبت لكنت لها نقيبا من الحلم
ان تستعمل الجهل دونه .. اذا اتسعت في الحلم طرق المظالم كثير
 حياء المرء مثل قليلها .. يزول وباقي عيشه مثل ذاهب
 يري الجبناء ان العجز عقل .. وتلك خديعة الطبع اللئيم
 وكل شجاعة في المرء تغنى .. ولا مثل الشجاعة في الحكيم
أغاية الدين ان تحفوا شواربكم .. يا أمة ضحكت من جهلها الامم
 قيدت نفسي في ذراك محبة .. ومن وجد الاحسان قيدا تقيدا
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه .. تصيده الضراغم فيما تصيدا
 لولا مفارقة الاحباب ما وجدت .. لها المنايا الا ارواحنا سبلا


من أروع قصائد الشعر العربي
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ ( ابو تمام)

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ ----    في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ

بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ ---- في    مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ

والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ً----   بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة ِ الشُّهُبِ

أَيْنَ الروايَة ُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا ---- صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ

تخرُّصاً وأحاديثاً ملفَّقة ً-----    لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ

عجائباً زعموا الأيَّامَ مُجْفلة ً---- عَنْهُنَّ في صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ

وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَة ٍ----  إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنبِ

وصيَّروا الأبرجَ العُلْيا مُرتَّبة ً----     مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ

يقضون بالأمر عنها وهي غافلة ---- ما دار في فلك منها وفي قُطُبِ

لو بيَّنت قطّ أمراً قبل موقعه---- لم تُخْفِ ماحلَّ بالأوثان والصلُبِ

فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ   ---- نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ

فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ ----  وتبرزُ الأرضُ في أثوابها القُشُبِ

يَا يَوْمَ وَقْعَة ِ عَمُّوريَّة َ انْصَرَفَتْ ---- منكَ المُنى حُفَّلاً معسولة ً الحلبِ

أبقيْتَ جدَّ بني الإسلامِ في صعدٍ ----  والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ في صَبَبِ

أُمٌّ لَهُمْ لَوْ رَجَوْا أَن تُفْتَدى جَعَلُوا ----- فداءها كلَّ أمٍّ منهمُ وأبِ

وبرْزة ِ الوجهِ قدْ أعيتْ رياضتُهَا----كِسْرَى وصدَّتْ صُدُوداً عَنْ أَبِي كَرِبِ

بِكْرٌ فَما افْتَرَعَتْهَا كَفُّ حَادِثَة ٍ-----  ولا ترقَّتْ إليها همَّة ُ النُّوبِ

مِنْ عَهْدِ إِسْكَنْدَرٍ أَوْ قَبل ذَلِكَ قَدْ  ---- شابتْ نواصي اللَّيالي وهيَ لمْ تشبِ

حَتَّى إذَا مَخَّضَ اللَّهُ السنين لَهَا  ---- مَخْضَ البِخِيلَة ِ كانَتْ زُبْدَة َ الحِقَبِ

أتتهُمُ الكُربة ُ السَّوداءُ سادرة ً----منها وكان اسمها فرَّاجة َ الكُربِ

جرى لها الفالُ برحاً يومَ أنقرة ِ----إذْ غودرتْ وحشة َ الساحاتِ والرِّحبِ

لمَّا رَأَتْ أُخْتَها بِالأَمْسِ قَدْ خَرِبَتْ ---- كَانَ الْخَرَابُ لَهَا أَعْدَى من الجَرَبِ

كمْ بينَ حِيطانها من فارسٍ بطلٍ ---- قاني الذّوائب من آني دمٍ سربِ

بسُنَّة ِ السَّيفِ والخطيَّ منْ دمه  ---- لاسُنَّة ِ الدين وَالإِسْلاَمِ مُخْتَضِبِ

لقد تركتَ أميرَ المؤمنينَ بها---- للنَّارِ يوماً ذليلَ الصَّخرِ والخشبِ

غادرتَ فيها بهيمَ اللَّيلِ وهوَ ضُحى ً----يَشُلُّهُ وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ

حتَّى كأنَّ جلابيبَ الدُّجى رغبتْ ----- عَنْ لَوْنِهَا وكَأَنَّ الشَّمْسَ لَم تَغِبِ

ضوءٌ منَ النَّارِ والظَّلماءُ عاكفة ٌ----   وظُلمة ٌ منَ دخان في ضُحى ً شحبِ

فالشَّمْسُ طَالِعَة ٌ مِنْ ذَا وقدْ أَفَلَتْ ---- والشَّمسُ واجبة ٌ منْ ذا ولمْ تجبِ

تصرَّحَ الدَّهرُ تصريحَ الغمامِ لها       ---- عنْ يومِ هيجاءَ منها طاهرٍ جُنُبِ

لم تَطْلُعِ الشَّمْسُ فيهِ يَومَ ذَاكَ على---  بانٍ بأهلٍ وَلَم تَغْرُبْ على عَزَبِ

ما ربعُ ميَّة َمعموراً يطيفُ بهِ   ---- غَيْلاَنُ أَبْهَى رُبى ً مِنْ رَبْعِهَا الخَرِبِ

ولا الْخُدُودُ وقدْ أُدْمينَ مِنْ خجَلٍ----أَشهى إلى ناظِري مِنْ خَدها التَّرِبِ

سَماجَة ً غنِيَتْ مِنَّا العُيون بِها----- عنْ كلِّ حُسْنٍ بدا أوْ منظر عجبِ

وحُسْنُ مُنْقَلَبٍ تَبْقى عَوَاقِبُهُ---- جاءتْ بشاشتهُ منْ سوءٍ منقلبِ

لوْ يعلمُ الكفرُ كمْ منْ أعصرٍ كمنتْ---- لَهُ العَواقِبُ بَيْنَ السُّمْرِ والقُضُبِ

تَدْبيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللَّهِ مُنْتَقِمِ----- للهِ مرتقبٍ في الله مُرتغبِ

ومُطعَمِ النَّصرِ لَمْ تَكْهَمْ أَسِنَّتُهُ---- يوماً ولاَ حُجبتْ عنْ روحِ محتجبِ

لَمْ يَغْزُ قَوْماً، ولَمْ يَنْهَدْ إلَى بَلَدٍ----- إلاَّ تقدَّمهُ جيشٌ من الرَّعبِ

لوْ لمْ يقدْ جحفلاً، يومَ الوغى ، لغدا----منْ نفسهِ، وحدها، في جحفلٍ لجبِ

رمى بكَ اللهُ بُرْجَيْها فهدَّمها------ ولوْ رمى بكَ غيرُ اللهِ لمْ يصبِ

مِنْ بَعْدِ ما أَشَّبُوها واثقينَ بِهَا------ واللهُ مفتاحُ باب المعقل الأشبِ

وقال ذُو أَمْرِهِمْ لا مَرْتَعٌ صَدَدٌ------ للسارحينَ وليسَ الوردُ منْ كثبِ

أمانياً سلبتهمْ نجحَ هاجسها----- ظُبَى السيوفِ وأطراف القنا السُّلُبِ

إنَّ الحمامينِ منْ بيضٍ ومنْ سُمُرٍ---- دَلْوَا الحياتين مِن مَاءٍ ومن عُشُبٍ

لَبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيّاً هَرَقْتَ لَهُ-------- كأسَ الكرى ورُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ

عداك حرُّ الثغورِ المستضامة ِعنْ---- بردِ الثُّغور وعنْ سلسالها الحصبِ

أجبتهُ مُعلناً بالسَّيفِ مُنصَلتاً------ وَلَوْ أَجَبْتَ بِغَيْرِ السَّيْفِ لَمْ تُجِبِ

حتّى تَرَكْتَ عَمود الشرْكِ مُنْعَفِراً----- ولم تُعرِّجْ على الأوتادِ والطُّنُبِ

لمَّا رأى الحربَ رأْي العينِ تُوفلِسٌ---- والحَرْبُ مَشْتَقَّة ُ المَعْنَى مِنَ الحَرَبِ

غَدَا يُصَرِّفُ بِالأَمْوال جِرْيَتَها------ فَعَزَّهُ البَحْرُ ذُو التَّيارِ والحَدَبِ

هَيْهَاتَ! زُعْزعَتِ الأَرْضُ الوَقُورُ بِهِ--- عن غزْوِ مُحْتَسِبٍ لا غزْو مُكتسبِ

لمْ يُنفق الذهبَ المُربي بكثرتهِ----- على الحصى وبهِ فقْرٌ إلى الذَّهبِ

إنَّ الأُسُودَ أسودَ الغيلِ همَّتُها----يوم الكريهة ِ في المسلوب لا السَّلبِ

وَلَّى ، وَقَدْ أَلجَمَ الخطيُّ مَنْطِقَهُ----- بِسَكْتَة ٍ تَحْتَها الأَحْشَاءُ في صخَبِ

أَحْذَى قَرَابينه صَرْفَ الرَّدَى ومَضى----- يَحْتَثُّ أَنْجى مَطَاياهُ مِن الهَرَبِ

موكِّلاً بيفاعِ الأرضِ يُشرفهُ مِنْ خِفّة ِ------ الخَوْفِ لا مِنْ خِفَّة ِ الطرَبِ

إنْ يَعْدُ مِنْ حَرهَا عَدْوَ الظَّلِيم، فَقَدْ----- أوسعتَ جاحمها منْ كثرة ِ الحطبِ

تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ-----جُلُودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ

يا رُبَّ حوباءَ لمَّا اجتثَّ دابرهمْ----- طابَتْ ولَوْ ضُمخَتْ بالمِسْكِ لم تَطِبِ

ومُغْضَبٍ رَجَعَتْ بِيضُ السُّيُوفِ بِهِ---حيَّ الرِّضا منْ رداهمْ ميِّتَ الغضبِ

والحَرْبُ قائمَة ٌ في مأْزِقٍ لَجِجٍ------- تجثُو القيامُ بهِ صُغراً على الرُّكبِ

كمْ نيلَ تحتَ سناها من سنا قمرٍ----وتَحْتَ عارِضِها مِنْ عَارِضٍ شَنِبِ

كمْ كان في قطعِ أسباب الرِّقاب بها----- إلى المخدَّرة ِ العذراءِ منَ سببِ

كَمْ أَحْرَزَتْ قُضُبُ الهنْدِي مُصْلَتَة ً---- تهتزُّ منْ قُضُبٍ تهتزُّ في كُثُبِ

بيضٌ، إذا انتُضيتْ من حُجبها، رجعتْ       ---- أحقُّ بالبيض أتراباً منَ الحُجُبِ

خَلِيفَة َ اللَّهِ جازَى اللَّهُ سَعْيَكَ عَنْ ----- جُرْثُومَة ِ الديْنِ والإِسْلاَمِ والحَسَبِ

بصُرْتَ بالرَّاحة ِ الكُبرى فلمْ ترها------- تُنالُ إلاَّ على جسرٍ منَ التَّعبِ

إن كان بينَ صُرُوفِ الدَّهرِ من رحمٍ--- موصولة ٍ أوْ ذمامٍ غيرِ مُنقضبِ

فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا   -----  وبَيْنَ أيَّامِ بَدْر أَقْرَبُ النَّسَبِ

أَبْقَتْ بَني الأصْفَر المِمْرَاضِ كاسِمِهمُ   ----- صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكـرا لمشـاركتنا برأيـك