11‏/11‏/2016

رويترز الابتعاد عن المهنية وانعكاس الرؤية السياسية


 ينبهر أغلب العرب والليبيين من بينهم بأسماء براقة في مجال الاعلام لمؤسسات عريقة ونافذة في هذا المجال، على سبيل المثال لا يمكن لأي عربي لم يستمع لمحطة الـBBC مثلا واعتبرها مصدرا موثوقا للمعلومة، أو أنه لم يقرأ أو يستمع لخبر مصدر رويترز، وكان من الصعب أن تؤكد لهذا المتلقي بأن من وراء ما تسوقه هذه المؤسسات أهدافا غير التي تسمعها أو تقرأها، أو انها مؤسسات لديها أجندة، غير حرية الرأي والخبر المرد.
غير أن أحداث العالم الأخيرة، وخصوصا ما حدث بعد ثورات بعض البلدان العربية، أماطت اللثام عن المستور من أهداف هذه المؤسسات، وبات جليًّا وواضحا دورها وأهدافها من نشر الخبر، خصوصا فيما يتعلق بالشأن العربي.
مثلا وكالة رويترز نشرت تقريرا يوم أمس عن تداعيات فوز ترامب واثره على الحالة الليبية خصوصا فيما يتعلق بالمؤسسات الشرعية والجيش، غير أن عبارات هذا التقرير لم تكن حيادية، وحتى توصيفها وتسمياتها تخالف المتعارف عليه في السلوب الصحفي العادي، فما بالك بمؤسسات محترفة، حيث يشترط هذا الأسلوب أن تسمي المؤسسة أي كانت باسمها الرسمي أو ما يطلقه أهلها عليه، وهو ما لن تفعله رويترز فنجدها تقول عن القائد العام للجيش الليبي " رحب حلفاء القائد العسكري الليبي خليفة حفتر الشخصية المهيمنة في شرق البلد المقسم بفوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية مراهنين على الحصول على مزيد من الدعم لموقفهم المناهض للإسلاميين".
هنا تقول رويترز القائد العسكري وحلفاء له، بينما التسمية القائد العام للجيش الليبي، وتذهب رويترز للخلط الذي لا يجب أن يكون من مؤسسة مثلها وتضيف " يقول محللون إن النتيجة قد تعزز الفصائل المؤيدة لحفتر التي لها صلات قوية بمصر ومتزايدة بروسيا في حين قد تخفف الدعم الغربي لحكومة تساندها الأمم المتحدة في طرابلس ويعارضها حفتر وحلفاؤه".
ويجب أن نقف عند عبارة يعارضها حفتر وحلفاؤه، وهنا تذهب رويترز بعيدا فمن يعارض هذه الحكومة ليس أنصار حفتر فقط فهناك عدة تيارات أخرى تعارض هذه الحكومة ولها عداء واضح للجيش وقائده، كما أن الشعب الليبي في مجمله مع الجيش وقيادته، وبالتالي لا توجد فئة تحالف حفتر فقط.
وفي معرض حديثها عن مجلس السراج الرئاسي أوردت "ووصل قادة حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة إلى طرابلس في مارس آذار. لكنهم فشلوا في أن يحلوا بشكل كامل محل الإدارة السابقة في طرابلس أو يفوزوا بتأييد صناع القرار السياسي في الشرق الذين يتهمون حكومة الوفاق الوطني بأنها مدينة بالفضل لفصائل مسلحة قريبة من الإسلاميين".
ونجد وصفها للبرلمان المنتخب من كل الليبيين بقولها " صناع القرار السياسي في الشرق" وكأن هذا البرلمان ظهر في الشرق فقط، ويتشكل من أعضاء في شرق البلاد فقط ..
ويستمر عدم مهنية ومصداقية هذه الوكالة حين يشير تقريرها إلى "ويخوض حفتر وجيشه الوطني الليبي حملة عسكرية منذ عامين ضد إسلاميين وخصوم آخرين في بنغازي وأماكن أخرى في الشرق. ويشتبه كثيرون في أنه يسعى للهيمنة على السلطة في كامل أنحاء البلاد".
فأخر كلمات الفقرة نجد شيئا انشائيا عاما بما يشبه رأي الكاتب للتقرير حين أوردت ويشتبه كثيرون في أنه يسعى للهيمنة على السلطة في كامل أنحاء البلاد ..وهو امر غريب حين تورد هذه العبارة دون تصريحات للقائد العام للجيش الليبي وقيادة أركانه الذين أكدوا في غير مرة بأنهم بعيدون عن السياسة ولا يتدخلون بها.
ثم يستمر ابتعادها عن خط المهنية والحيادية التي يفترض أن تكون على القل في حدها الأدنى حين نجدها تتحدث وكأنها من تيارات معروفة في ليبيا بمعاداتها للدولة وللجيش، وأيضا ممن انقلبوا على نتائج الانتخابات ويبين ذلك جزء من تقريرها يقول "وحفتر متحالف مع برلمان وحكومة الشرق وقد سارعا بتهنئة ترامب على فوزه".
طبعا البرلمان هو الجسم الشرعي الذي انتخبه كل الليبيون من طرابلس غربا حتى طبرق شرقا، والبرلمان هو من أصدر قراره بتكليف حفتر قائدا عاما للجيش، كما أن رئيس البرلمان الشرعي والوحيد في البلاد هو القائد الأعلى للجيش، أما تهنئ ترامب على فوزه فهذا أمر طبيعي كون البرلمان هو أعلى سلطة في ليبيا.
ثم يختتم التقرير ببعض الأمور الاعتيادية المتداولة، حيث يتعرض لتقارب ترامب والسيسي، كذلك انعكاس هذه العلاقة على دعم الجيش الليبي، ايضا ربما سيوقف ترامب مساعدات أمريكا للمليشيات ذات الصبغة الاسلامية التي تتقاتل مع داعش في سرت وأغلبها تنتمي لجماعات الاخوان.
واخيرا الشيء المستغرب هو مساهمة ليبيين في كتابة التقرير وهما أيمن الورفلي من بنغازي، واحمد العمامي من طرابلس، فكيف تمر عليهما كل هذه السقطات في هذا التقرير إلا إذا كان مقيدين بشروط النشر وتوجه الوكالة الدولية، وهذه إن صحت فهي سقوط لهما كصحفيين وإن كانا غير معروفين للوسط الصحفي والاعلامي في ليبيا.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكـرا لمشـاركتنا برأيـك