تشهد ليبيا هوجة كبيرة من إعلام التيار
( المتأسلم ) حول ضرورة اعتماد مجلس النواب لمسودة الدستور المثيرة للجدل، والتي تصب
أغلب موادها في صالح هذه التيارات وأولها جماعة الإخوان ثم توابعها، وأيضا تجسد
لحكم مركزي لايؤمن إلا بالجهة الواحدة والمغالبة العددية، وعلى الرغم من تبنى هذه
التيارات التي تسعى لإقرار هذه المسودة فكرة أن مجلس النواب لم يعد "شرعيا"
، ولم يعد وحده يملك القرار، إلا أنهم فجأة نسوا كل ذلك، وصاروا يحشدون أصواتهم،
لكي تمرر هذه المسودة بأي طريقة من خلال هذا المجلس الذي لا يؤمنون بشرعيته، وهذا
الأمر يؤكد بأن العالم الغربي في صورة "إيطاليا" يهمس لهذه التيارات
خفية، بأنه لن يحدث شيء قانوني وشرعي إلا بواسطة البرلمان، ولذلك يحثهم على اقتناص
قرار لتمرير هذا الدستور الخادم لهم بأي طريقة عبر مجلس النواب، وللأسف فإن أغلب
أعضاء مجلس النواب، لا يشعرون بهذه القيمة التشريعية القانونية، أو انهم يدركون لكنهم يريدون
بقائهم في أماكنهم لأقصى فترة ممكنة، او أنهم على توافق خفي مع إيطاليا وبقية الأجسام
الموازية التي ترعاها إيطاليا في ليبيا. نعود لصور الحالة وما ستكون عليه إذا مررت أو لم
تمرر هذه المسودة.
الصورة الأولى هي بعد اقرارالمسوَّدة من مجلس النواب يستفتى
الشعب على مسودة الدستور وإذا كانت النتيجة (نعم) من أول مرة يكون الدستور واجب
النفاذ، حسب الجدول الزمني المقرر، وكذلك مخرجات لقاء باريس وتحديداً فى يوم 16 -
9 - 2018 يصبح الدستور ساري المفعول .
ووفق هذا الدستور الجديد ، وبذلك يضع
قوانين منظمة للانتخابات خلال 90 يوم من دخول الدستور حيز النفاذ ، وهو ما يوافق تاريخ
16 -12 -2018 .
وحسب هذا الدستور يجب أن تٌجرى الإنتخابات،
وفقا لنص المادة 183 منه خلال مدة (240) يوم من تاريخ إقرار مجلس النواب لقوانين
الإنتخابات ، وفى حال أقر المجلس ذلك وصوت الشعب بنعم سيبقى المجلس الرئاسي وبقية
الأجسام في السلطة حتى 5 - 8 - 2019 .
اما الصورة الثانية فهي تتحق حين يتم
الإستفتاء على مسودة الدستور (بلا) مما يعني عدم دخول الدستور حيز النفاذ (حسب
جدول مخرجات باريس) المقرر وهو 16 - 9 - 2018، وإعادته إلى الهيئة ، ويتوجب على
الهيئة إرسال النسخة المعدلة من المسودة إلى البرلمان، خلال (30) يوم أي فى 16 /
10 / 2018 .
وإذا تم تعديلها وكانت نتيجة الاستفتاء الثاني عليها
من قبل الشعب (بنعم) ويتوجب على مجلس النواب اصدار القوانين
المنظمة للإنتخابات مجدداً خلال (90) يوم من دخول الدستور المُعدل حيز النفاذ أي
ان ذلك سيكون 16 - 2 - 2019 على ان تجرى الإنتخابات خلال (240) يوم من تاريخ دخول
قوانين الإنتخابات حيز النفاذ ، اي ان المجلس الرئاسي وبقية الاجسام ستبقى فى السلطة
بهذه الحالة حتى اكتوبر 2019 .
أما الصورة الثالثة وهي الأسوء من بين
كل الإحتمالات ، أن يتم الإستفتاء على مسودة الدستور وتكون النتيجة فى المرة
الاولى والثانية (بلا) للمرتين، مما يعني
عدم دخول الدستور حيز النفاذ، وإعادته الى الهيئة التي ستستمر فى العمل وتتقاضا
مرتباتها ومزاياها .
وستعاد نفس الخطوات وترسل النسخة المعدلة
من المسودة إلى البرلمان، في مدة (30) يوما من الموعد الاول فى 16 / 9 / 2018 أي تحديداً فى 16 اكتوبر 2018 وإذا ارسل
البرلمان المسودة الجديدة إلى الإستفتاء، وكانت المفوضية جاهزة لذلك يتم الإستفتاء
في 16 - 11 - 2018 وإذا كان الإستفتاء ( بلا) مجدداً، فلا يوجد أي سبيل قانوني أو
دستوري لما هو الإجراء اللازم، وهنا يفتح باب الخلاف على مصراعيه مجدداً ويستمر
الانقسام السياسي، ويبقى المجلس الرئاسي وبقية الاجسام بلا نهاية .
أما الصورة الأكثر وضوحا ونجاعة في ظل
أحوال ليبيا ووضعها الاقتصادي الخانق والانسداد السياسي الراهن ، هو ان يتم توفير
المال ونفقات الاستفتاءات ومرتبات اعضاء الهيئة والحكومات والأجسام التشريعية،
واختصار الوقت الذي تستهلكه العملية في الصور الثلاث السابقة.
هذه الصورة تقتضي بأن تجري انتخابات
رئاسية مباشرة بواسطة الشعب في 10 – 12- 2018 ، حسب اتفاق باريس ، وعلى قاعدة
دستورية سواء بالإعلان الدستوري أوتعديلاته، وقرار مجلس النواب رقم 5 لسنة 2014
بشأن انتخاب رئيس للدولة .
بهذه الصورة فقط تنتهي الأجسام الجدلية
كالمجلس الرئاسي وهيئة الدستور، و مجلس الدولة ، وتنتهي الفترة النيابية لمجلس
النواب، وكل الحكومات الحالية، وأيضا ينتهي أي صراع على السلطة، ومعها تبدأ مرحلة
إنتهاء الازمة السياسية المستمرة منذ يونيو 2014، وذلك قبل نهاية العام الجاريوتحديدا
في ديسمبر 2018.
هنا فقط يمكن تجنيب الوطن مزيدا من
الفساد المالي والسياسي وانهاك اقتصاد البلاد ونتجنب الكثير من الصراعات المناطقية
والجهوية والفكرية سواء حول ( المسوَّدة ) المعيبة الحالية، او حول أفكار أو
توجهات أخرى تتمحور حول طريقة إدارة البلاد، ويظل هذا الأمر معقود بتحرك قوي في
الشارع الليبي ورفض أي حلول تعيد تدوير الأجسام الفاشلة والأفكار الغير منطقية
والغير عملية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكـرا لمشـاركتنا برأيـك