بدأت القوى الغربية تنفيذ مخططاتها في
السيطرة على المنطقة العربية ونجحت إلى حد كبير في العراق والسودان ولبنان واليمن
والصومال ، وجاري تنفيذ مخططاتها بهمة عالية في سوريا وليبيا، وتحاول الحصول على
ما أسمته مخابراتها "الجائزة الكبرى" في مصر.
وتحاول هذه القوة تحقيق أهدافها بواسطة
جماعة الاخوان مقابل تعهد الدول الأجنبية لتحقيق أهداف الجماعة في بسط سيطرتها
وهيمنتها على هذه الدول ومؤسساتها وهيئاتها.
يعود تعاون الاخوان مع الدول الأجنبية
إلى زمن حسن البنا مؤسس الحركة سواء مع الانجليز، وأيضا مع ألمانيا النازية، والولايات
المتحدة لاحقا.
وقادة الاخوان اليوم يمارسون نفس
الأسلوب في التعامل مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي، من أجل سيطرتهم على
بلدان المنطقة العربية والاسلامية، ويحاولون اللعب بأوراق عدة ومتناقضة ترتكز على
أسلوب اللعب بالجميع ضد الجميع مستفيدا من الجميع.
المؤرخ البريطاني "جورج كيرك"في
كتابه "موجز تاريخ الشرق" ذكر فيه أن حسن البنا على حوالي 2000 جنيه عدة
مرات من ألمانيا النازية، عن طريق بنك "درسون"، وهو ما تأكد بواسطة
البرقيات التي كانت في مكتب البعثة الألمانية في القاهرة، ومؤرخة في 16، 18 أغسطس
1938.
ويروي المؤرخ البريطاني أن محادثات
(الهر ولهلم ستلوجن) الشخصية مع حسن البنا كانت مفيدة جدا، وأن هؤلاء الناس (يقصد الإخوان)
يمكنهم فعل أشياء كثيرة,. كما تلقى حسن البنا أيضا إعانات مالية من إيطاليا
الفاشية حليفة المانيا النازية آنذاك، كشف عنها مدير الداخلية المصري حسن رفعت
باشا في حديثه مع، سير والتر سميث, مستشار السفارة البريطانية.
وكعادة الاخوان يروجون دائما الاشاعات
بشكل غريب، منها الاشاعة الكبرى التي أطلقها الاخوان في أنحاء مصر عن إشهار هتلر
إسلامه، وأنه تسمى بـالحاج محمد هتلر.
وفي نفس الوقت الذي كان ينمى فيه حسن
البنا علاقته مع مكتب ألمانيا النازية في القاهرة كان يؤسس لعلاقات وثيقة مع سلطات
الاحتلال البريطاني في مصر، والتي بدأت عام 1937 بأقوى ما يمكن، حيث رفض حسن البنا
في رسالته "نحو النور". أن يهاجم الاحتلال البريطاني بأي صورة مباشرة أو
غير مباشر.
وتشير وثائق عدة عن حصول حسن البنا على
منحة مالية قدرها 500 جنيه من شركة قناة السويس "البريطانية – الفرنسية"
وقد ذكر المؤرخ البريطاني، هيوارث دون, في كتابه ,"الدين والاتجاهات السياسية
في مصر" أن حسن البنا قد ألمح خلال اتصالاته مع السفارة البريطانية، أنه على
استعداد للتعاون، وسيكون سعيداً لو أن مساعدة مالية قُّدمت إليه.
عندما قامت وزارة اسماعيل صدقي – المعروف
بتعاونه مع البريطانيين بإبرام معاهدة ,"صدقي
– بيفن" والتي عارضها الشعب المصري بقوة ، وقف مصطفى مؤمن "مسئول الطلاب
في مكتب الإرشاد" دون أدنى خجل أو حياء معلناً تأييد الجماعة لإسماعيل صدقي، مستخدما
الآية القرآنية الكريمة ,"واذكر في الكتاب اسماعيل إنه كان صادق الوعد، وكان
صديقا نبيا".
بل وشبَّه هذه المعاهدة بصلح الحديبية
الذي عقده الرسول صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش قبل فتح مكة، وهو ما يدل على
مدى تأصل صفات النفاق والتزلف والتدليس في نفوس جماعة الاخوان منذ بدء نشأتها.
كما رافق حسن البنا مساعد حكمدار
القاهرة في سيارته ليعمل على تهدئة المظاهرات التي اندلعت ضد هذه المعاهدة.
وفي كتابه “,”حقيقة الخلاف بين الاخوان
المسلمين وعبدالناصر“,” عام 1987 ص 29-31، اعترف محمد حامد أبو النصر المرشد
السابق للإخوان المسلمين باعترافات خطيرة حول اتصالات حسن البنا والاخوان المسلمين
بالمخابرات البريطانية وقال: ,"أنه كان يلتقى بتعليمات ومتابعة من حسن البنا
في بلدته منفلوط بضابط المخابرات البريطاني "باتريك" والميجر "لاندل",
وأن حسن البنا ارسل بنفسه رسالة باللغة الانجليزية سلمها محمد حامد أبو النصر إلى
الميجر (لاندل) في منفلوط .. وأن الوزير البريطاني المسئول عن الشرق الأوسط ومعه
سفير بريطانيا في مصر ووفد من السفارة زاروا المركز العام للإخوان المسلمين
بالقاهرة، وتقابلوا مع الامام حسن البنا، وعرضوا معونة مالية كبيرة وسيارات وتبرعات
أخرى للجماعة.
مع تزايد الاهتمام الامريكي بمنطقة
الشرق الاوسط ، بدأ البنا اتصالاته مع "سبنسر", المراسل الحربي الامريكي
في القاهرة معربا عن استعداده للتحالف مع الغرب. كما تكشف وثائق مكتبة الكونجرس عن
اتصالات حسن البنا مع السكرتير الأول بالسفارة الامريكية “,”فيليب إيرلاند“,” في
29/8/1947، حيث أشار البنا إلى انتشار الخطر الشيوعي في المنطقة، وقدرة جماعته في
إشعال المظاهرات وإخمادها، واقترح تشكيل مكتب مشترك مع السفارة الامريكية للتنسيق
لمواجهة الشيوعية في المنطقة ومحاربتها بكل الوسائل الممكنة.
وفي كتاب يحمل اسم “,”مع الإمام الشهيد
حسن البنا“,” صدر عام 1993 كشف محمود عساف “,”أمين المعلومات بالجماعة“,” معلومات
خطيرة عن تفاصيل اللقاءات بين حسن البنا والمخابرات الامريكية والتي كان المؤلف
يحضرها مع حسن البنا وقال في كتابه أن حسن البنا قد التقى بنفسه مع “,”فيليب
ايرلاند“,”، وأنه كلف محمود عساف بمتابعة الاتصالات مع الامريكيين.
حرصت الولايات المتحدة على انتقاء سيد
قطب للسفر إليها في بعثة تدريبية عام 1948، ولم يكن سيد قطب حتى هذا التاريخ له
أدنى علاقة بالكتابة الدينية، بل كان مهتما بالنواحي الأدبية والفنية، بل كان
يتباهى بأنه ملحد، حتى أنه دعا في مقال له بالأهرام في 27 مايو 1934، إلى إنشاء
مستعمرة للعراة في مصر، وقد شكل سفر سيد قطب إلى أمريكا مفاجأة للكثيرين، حيث تم
اختياره في بعثة لم يُعلن عنها، كما كان قد تجاوز السن المشترط لسفر المبعوثين.
كذلك كانت هذه البعثة فريدة من نوعها،
ذلك أنه لم يكن مقرراً لها دراسة محددة أو جامعة بعينها، بل كانت بعثة حرة لمدة
سنتين قام خلالهما بزيارة عدد من الجامعات والمعاهد الدينية والكنائس ودور الصحافة
والنشر والمراكز البحثية، بل وحضر حفلات دينية صاخبة وصفها بدقة في كتاباته ، إلا
أن هذه البعثة شكلت نقطة تحول خطيرة في حياة سيد قطب.
عاد بعدها إلى مصر ليتحول في كتاباته
من الأدب والفن، إلى الكتابة في الدين ، بل والجانب شديد التطرف في الدين ، وهو ما
انعكس في كتابيه الذين صدرا بعد عودته لمصر، وهما "معالم في الطريق" و "في
ظلال القرآن". وقد اعترف سيد قطب بعد ذلك في السجن أن زيارته لأمريكا كانت
وليدة تخطيط أمريكي، ولم يكن يدري أنها جزء من رهان أمريكي, كما اعترف أيضاً بأنه,
"وقع تحت إغراء الاوساط الأمريكية بكل الوسائل، وإن لم يسقط في شباكها".
كان سعيد رمضان من أوائل من انضموا إلى
جماعة الاخوان، وقد حظي بالقرب والثقة من حسن البنا حتى اختاره زوجا لابنته، وبعد
مقتل حسن البنا عام 1949 غادر سعيد رمضان مصر، واستقر في اوروبا حيث عاش حياة
الترف والثراء، ولقد تحول سعيد رمضان هناك إلى واحد من أشهر الجواسيس والعلماء في
العالم، وعُرف بأنه كان عميلا للمخابرات الامريكية والبريطانية والألمانية
والسويسرية، عمل لحسابهم وقدَّم الخدمات لهم جميعا في وقت واحد، وقد ورد اسم رمضان
بين أشهر جواسيس المخابرات الامريكية في كتاب "تاريخ وكالة المخابرات
المركزية CIA" للصحفي الأمريكي "تيم
وينر",” وأيضا ورد اسمه بين أهم جواسيس المخابرات البريطانية في كتاب "مغامرة
داخل العالم السري لجهاز المخابرات البريطانية" للكاتب البريطاني "ستيفن دوريل".
وقد ذكر على عشماوي قائد التنظيم السري
في كتابه "التاريخ السري للإخوان المسلمين", أن "سعيد رمضان كان
يبعث بالأموال إلى الحاجة زينب الغزالي التي تقوم بتوصيلها إلى فضيلة المرشد
الهضيبي، وقد سأل بعض الاخوان سيد قطب عن مصدر هذه الأموال التي يتلقونها لشراء
السلاح ، وهل هي دعم من جهة مشبوهة أم ماذا؟ ص 88 ".
وبعد مقتل حسن البنا لم يتوقف الاخوان
عن الاتصال بالمخابرات البريطانية والامريكية ، وقد اعترف عمر التلمساني في كتابه "ذكريات
لا مذكرات "عام 1985، باستمرار الاتصالات بعد حسن البنا بالسفارة البريطانية
عن طريق مستر "ايفانز" المستشار بالسفارة (ص130)، وبالسفارة الامريكية
عن طريق مستر "جوزيف لورنز" المستشار بالسفارة (ص 194)، وأضاف أن المرشد
العام المستشار الهضيبي كان يشاركه هذه الاتصالات.
نقلا عن كتاب اللواء حسام سويلم بتصرف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكـرا لمشـاركتنا برأيـك