يسعى مارتن كوبلر المبعوث الأممي
لليبيا، وعراب الاتفاق الهش الموقع في الصخيرات، لإصلاح ما أفسده عطار السياسة
الدولية في ليبيا عن طريق الجسم الهجين المسمى مجلس الرئاسة في ليبيا برئاسة فائز
السراج، فمن خلال تصريحات مارتن كوبلر الاخيرة، نجد تذبذبا في هذه التصريحات، فهو
من جهة يؤكد بأن تغييرات جوهرية ستجرى على بنود هذا الاتفاق، وهو امر كان يرفضه
رفضا قاطعا، كما أنه من جهة أخرى يحاول تمرير فكرة ان ولاية المجلس الرئاسي لن
تنتهي في ديسمبر لأنها لم تبدأ اصلاً، معللا ذلك بعدم اجراء مجلس النواب الليبي التعديل
الدستوري اللازم، وعدم منح البرلمان الثقة بالحكومة التي ستتبع هذا المجلس.
وبلا شك لا يجهل كوبلر النقطة
القانونية التي ستترتب على اشارته هذه ، وهي أن هذه الاشارة ستجعل كل ما صدر من
قرارات وتعيينات عن هذا المجلس غير قانونية وغير صحيحة، ومن يصدر قرارا أو تعيينا
بصفة غير قانونية سيكون مطالبا للمثول أمام الجهات القضائية لمحاسبته على ارتكاب
أخطاء قانونية، واصدار قرارات سيادية ليست من اختصاصه ولا يملك الأهلية لهذا العمل
من الأساس.
وحين نفحص الجغرافيا والديموغرافيا
الحالية لليبيا، سنجد أن المجلس الرئاسي والحكومة التي ستخرج عنه إن صار هذا الأمر
شرعيا، لا وجود لهما على أرض الواقع، ولا تأييد لهما من أغلبية الليبيين، فبنظرة
سريعة نجد أن المنطقة الممتدة من امساعد شرقاً الى
بن جواد غرباً، وبالاتجاه جنوبا حتى تازربو و السرير و الكفرة مروراً بمناطق الواحات
مثل الجغبوب وجالو وأوجله، وهي ما تعرف تاريخيا وجغرافيا بإقليم "برقة"،
كما أن عدة مناطق في الجنوب وصولا الى مرزق و براك والشاطئ وبعض مناطق الوسط
مثل سوكنة، وهي ما تعرف بإقليم فزان، وصولا لمدن الزنتان والرجبان و مناطق ورشفانة
غربا في اقليم طرابلس والتي تشكل طوقا حول العاصمة، هي مناطق غير مؤيدة لهذا الاتفاق،
ولا تعترف بحكومته، وهي تتعامل مع البرلمان وحكومته في برقة، كما أنها تدعم الجيش
وبقوة.
ولو تأملنا بقية المناطق التي قد يُخيَّل
لمن لا يعرف تركيبة ليبيا، انها مؤيدة للوفاق فسند أن طرابلس تتقاسمها مليشيات
مسلحة مختلفة الرؤى والأيدولوجيات، مختلفة في كل شيء، إلا أنها تتفق على عدم
الاعتراف بهذا المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق التي يقترحها كوبلر، فالمعروف ام
مليشيات المقاتلة وهم جماعة ارهابية قريبة من القاعدة، لا تعرف بأي شكل للدولة
الحديثة، وذلك من خلال تصريحات قادتها مثل خالد الشريف وعبدالحكيم بالحاج وغيرهم،
كما أن مجموعات الاخوان وعبر المفتي السابق الصادق الغرياني لا تقر بهذه الحكومة
أو غيرها.
وعلى الرغم من تبنى مجلس الرئاسي لعمليات
"البنيان المرصوص" في سرت في حربها ضد تنظيم داعش الارهابي، واستعانة المجلس
الرئاسي الغير شرعي للمساعدة الامريكية، إلا ان قيادات من قوات البنيان لا تدين للرئاسي
بأي ولاء، وصرح كثير من قادتها وأفرادها لوسائل اعلام محلية ودولية بأن الرئاسي
ينسب نصراً لنفسه لم يكن جزءاً منه ، يضاف إلى ذلك أن وزير دفاع المجلس المقترح
المهدي البرغثي لم يستطع زيارة المنطقة او الوقوف على سير المعارك، أو الاشراف على
غرف العمليات والاجتماع مع قادتها كما يفعل وزراء دفاع العالم في مثل هذه الحالات.
ويحاول كوبلر في الوقت بدل الضائع من
ادارة أوباما، وأيضا في عملية استباقية لدخول الجيش الليبي بقيادة المارشال حفتر
للعاصمة طرابلس، بتجميع بعض المسلحين، ووضع ضباط مجهولي السيرة وعديمي الخبرة،
وتسمية هذه الخلطة " الحرس الرئاسي" ربما لتشكيل قوة مرتزقة يدفع لها
المال، وتمنح بعض السطوة لحماية منطقة خضراء لمجلس السراج في قاعدة "أبي ستة"
بطرابلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكـرا لمشـاركتنا برأيـك