15‏/12‏/2016

الحرس الرئاسي في ليبيا حشد على الطريقة الليبية



المتابع لتفاعلات الحالة الليبية ، خصوصا من الدول الأوربية التي تحشر انفها عنوة في الحالة الليبية ، سيثيره اللهاث المستمر لهذه الدول على ايجاد أجسام موازية للأجسام الموجودة اصلا في ليبيا وعمرها يفوق عمر عدة دول في العالم وليس مؤسساتها فقط، وأقصد هنا الأجسام الأمنية والعسكرية.

أوربا وامريكا ساعدت وتساعد مليشيات غير منضبطة ولا تخضع لأي قانون أو اعراف، وغضت هذه الدول الطرف عن ممارسات عديدة لهذه المليشيات ، لا لشيء سوى أن تستمر الأزمة الليبية، وأن تكون هذه المليشيات المسلحة وسيلتها لتمرير ما تريده في ليبيا.

وفي مقابل هذا الوله بهذه التيارات المسلحة، نجد عزوفا من هذه القوى الدولية عن الاعتراف بالجيش أو بقياداته المحترفة، أو الاعتراف بعمله في تحجيمه لقوى ارهابية في ليبيا فاقت قوتها وعتادها أي قوى ارهابية في أي منطقة، فوصول المليشيات الارهابية في بنغازي إلى حوالي 30 ألف مسلح بمدرعاتهم ومدافعهم وألغامهم وانتشارهم في مدينة يقترب سكانها من المليون، ومع هذا استطاع الجيش الليبي بقيادة المسير خليفة حفتر من تحجيم وهزيمة هذه القوات، واصبحوا محشورين في بؤر صغيرة الحجم، وصار عددهم بضع عشرات.

أخر ما تسابق به هذه القوى الوقت وتحديدا قبل أن يستلم الرئيس الأمريكي ترامب مقاليد الحكم في بلاده، هو مقترح الحرس الرئاسي، وعادة مثل هذه التسميات تكون لقوات رمزية برتوكوليه، غير ان الهدف عند هذه القوى هو ايجاد قوة تكون مضادة للجيش، واطالة امد الفوضى في ليبيا، وستكون مهمة هذه القوات حماية الحكومة العميلة برئاسة " السراج" في منطقة أبوستة بما يشبه المنطقة الخضراء للمالكي في العراق.

حين بدأ الغرب في تنفيذ مشروع الحرس الرئاسي اختار له شخصية مجهولة في ليبيا، تحمل رتبة عسكرية ، وليس لها أي أثر في المؤسسة العسكرية الليبية، ولا تتمتع بكاريزما قيادية، ولم يعرف عنها قدرتها القيادية في أي من الصنوف العسكرية الليبية.

فالعميد نجمي الناكوع لا اثر له في السيرة العسكرية الليبية، ولا يمارس أي مهام في الدولة الليبية، وهو شخصية ضعيفة اختيرت لتقاد من قبل كوبلر والدول الغربية لتنفيذ مخططاتها في ليبيا.

والدليل لم يتم اختيار أي ضابط أمن من الموجودين في طرابلس مثلا، ممن لديهم مقدرة وخبرة في ادارة الشؤون الأمنية ومكافحة الارهاب، ومن العاملين بالأجهزة الأمنية المختلفة.

كما تظل مسألة تكوين هذا الحرس وتبعيته من أخطر الأمور، فتصريحات أعضاء المجلس الرئاسي وكذلك كوبلر والدول الأوربية المصرة على هذا الجهاز، هي تصريحات أقرب للدبلوماسية منها لتوضيح الصورة، فهي تحوم حول جهاز يتكون من عناصر الأمن والجيش، وهو ليس موازيا للجيش، ومهمته حماية المنشآت ومكافحة الجريمة.

وهنا يبرز سؤال لو الأمر متعلق بالأمن فلماذا لم يتم اعادة الأجهزة الأمنية وتسلحيها وتوفير الامكانيات لها، ثم لماذا الاصرار على أن هذا الجهاز يتكون من الجيش والأمن، والمعروف ان الجيش لديه قيادة وكوادر وعمله يختلف عن هذ  الجهاز.

في المحصلة هو محاولة لإقصاء الجيش وقيادته، لأن الجيش الليبي سيعيد للدولة هيبتها، ويمنح مؤسساتها السياسية والمدنية القوة في التعامل مع نظيراتها في العالم، وسيتم السيطرة على ثروات البلاد، وهذا الشيء هو ما تخشاه الدول الغربية، ولذلك تسعى عبر عملائها في حكومة الوفاق، على ايجاد جسم يحمي الحكومة العميلة المقترحة في منطقة خضراء بقاعدة" أبوستة " البحرية، بما يشبه المنطقة الخضراء في بغداد.

كما أن محاولة الاسراع في انشاء الحرس الرئاسي، هي محاولة لخلط جسم مسلح لا يتميز بالتراتبية أو النظام أو الانضباطية، يكون شبيها لحد بعيد بالحشد الشعبي العراقي، لا يهمه سوى من يدفع له ، ويحقق لقادته مصالحهم فقط.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكـرا لمشـاركتنا برأيـك