قرأت اليوم تقريرا لقناة 218 وهذه القناة لا يهمني من ورائها، ولا من
يملكها، ولا من يسيرها، ولا من يعمل بها، المهم هو ما ينضح عنها، وهو ما يحق لنا
أن نقيمه، وأن نرفضه أيضا، قرأت هذا التقرير في موقع القناة الالكتروني، دون أن
يوقع التقرير باسم كاتب معين، أو تنسبه القناة لادارتها، أو تحسبه وجهة نظرها، وفي
كل الأحوال هذا التقرير سيكون ممهورا بتوجه القناة، مادام نشر في موقعها دون مهره
بتوقيع كاتب ما، اوشخصية معينة.
يبدأ التقرير بعنوان يوحي بأحد أمرين إما بجهل بأسس العمل الصحفي والاعلامي جملة وتفصيلا، وهذا مستبعد من وجهة نظري، أو أن كاتبه سيطرة عليه حالة نفسية انفعالية أثناء الكتابة فلا يعقل أن تجعل خاتمة عنوان تقرير اخباري سياسي ( يا فلان ) وهنا أوردها يا مشير، ثم يدخل إلى محاولة ايهام المتلقى بأن التقرير لا يتقصد الجيش، حين
يذكر بمرور عابر عن منجزات الجيش في حربه ضد الارهاب، لكي يصل التقرير لمرحلة تطويع
القارىء لقبول ما يدسه في عقله بدون أدلة ومقنعات أكيدة.
التقرير لم يتبع أي أسلوب معروف في كتابة التقارير، أو المهنية الصحفية المعروفة، من الاستعانة بتصريحات، أو توضيحات من متخصصين في المجالات العسكرية أو
السياسية، وعادة يكون هؤلاء من ذوي الحيادية، وأيضا من المطلعين على خفايا الحالة
الليبية العسكرية والسياسية.
تذهب قناة 218 عبر موقعها إلى ذكر جانب من جوانب الايهام التي تتبعها
في هذا التقرير حيث نقرأ ( نال المشير "وضعا دوليا مريحاً" من "الصخيرات"
باعتباره "الرابح الأكبر" منه، إذ تسابقت العواصم للقائه واستقباله،
وساد انطباع عريض بأن المشير حفتر حطّم كل القيود التي تمنعه من أن يكون "الحاكم
المقبل" مدفوعا بقوة "المُنْجز العسكري" في بنغازي، إذ سار خلفه رئيس
المجلس الرئاسي فايز السراج "أميالا وأشواطا كبيرة" بحثا عن "استرضائه"
والجلوس معه، وفيما استمر المشير حفتر مشغولا بـ"منجزه العسكري"، فقد
لوحظ أن هناك من احترف "طريقة لعب جديدة"، وخاطب العالم بـ"نبرة
جديدة"، محاولا توظيف "اللعب السياسي" لصالحه، وهو ما شكّل "مقاربة
جديدة" للحال الليبي يجتهد معها السراج ليحجز لنفسه مكانا في "الصف
الأول".)
فإذا ما تفحصنا عبارات التقرير ما بين الظفرين، لا نجد فيها أسس
ومعايير التقارير التي يجب أن تتبع عادة في المؤسسات الاعلامية المحترفة والتي
تملك أدنى قدر من المهنية، فتسابق العواصم لاستقبال المشير أو غيره ليس بالضرورة
لأجل الدعم، بل قد تكون لأمور أخرى غير هذا الدعم، أيضا نجد عبارة أن السراج سار خلفه
أميالا لاسترضائه ، رغم أن السراج والمشير لم يلتقيا إلا مرتين تقريبا، ولم ينضح
عن هاتين الزيارتين ما إذا كان السراج يبحث عن استرضاء المشير، أو ليكتفي بصورة
معه كما يفعل دائما.
ثم نأتي لجملة مبهمة لم تتضح
من سياق التقرير، هل بسبق اصرار وترصد من معد التقرير ، أم هي هنات وقع فيها
كاتبه، لأنه لا يملك أدواته في الكتابة ، وقواعد اعداد التقرير، هذه العبارة تتمثل
في قوله (فقد
لوحظ أن هناك من احترف "طريقة لعب جديدة"، وخاطب العالم بـ"نبرة
جديدة"، محاولا توظيف "اللعب السياسي" لصالحه ). هذه العبارة لم نجد قبلها أو بعدها من هو الشخص المقصود بها؟ ولا ندري
لماذا كتبت بهذا الأسلوب فيمكن ذكر الشخص المقصود بهذه الجزئية سواء حفتر أو غيره.
ثم نأتي لعبارة أعتبرها جديدة في
التقارير أو المقالات السياسية، ولا ندري من أين آتى بها كاتب التقرير وهي كلمة (الانطباعات
المُتداولة)، ويذهب من كتب التقرير لذكر انطباعات شخصية، لأنه في حالة عرض حالات
قصور أو انجاز معين يجب أن يشار إليه بمزيد من الأدلة سواء كانت احصائيات أو
تصريحات، أو لقاءات مع مختصين أو دراسات جهات من جهات تمتهن هذا الأمر، أما ما وجدناه
فلا يعدو كونه كلاما مرسل من قبل القناة حين ذكرت في تقريرها (أن المؤسسة العسكرية
لم تتمكن من "تسييل" منجزها العسكري فوق "الطاولة السياسية"
عكس الوضع في بداية تطبيق الصخيرات).
ثم نصل للنقطة التي يسعى لها التقرير،
بعد محاولة ايهام القارىء ببعض المتداخلات، حتى يتقبل ما يصل إليه التقرير من
غاية، فيورد التقرير عبارات لا ندري على أي أسس وقواعد ارتكز عليها وجعلها حقائق،
حين نجد في التقرير ( بعكس "الفريق السياسي" لـ"رئاسي الوفاق"
الذي أمّن "تشبيكات مقنعة" مع عواصم عالمية وإقليمية مؤثرة ). وهذه هي
الغاية الأساسية للتقرير، والتي تتمثل في محاولة
ايهام المتلقى، بأن السراج وحكومته، نجحوا في استقطاب دولا كُبرى لتأييدها، وتناسى
معد التقرير أو القناة، أن هذه الدول هي من تحاول أن تضفى على هذا الجسم شرعية بأي
شكل، وهي من تطلب السراج لزيارتها، وتفرض عليه حتى ما يقول في تصريحاته.
وتجاهل التقرير ما يوجد على أرض الواقع
والذي لا يملكه هذا الجسم ، والمتمثل في أبسط قواعد الشرعية، وهي فرض سياسته على
أغلب أجزاء الوطن، وهذا ما لم يملكه السراج وجسمه اللين الذي يسعى أصحاب المطامع
الكبرى في ليبيا لجعله حكومة ليبية بوظيفة
سكرتير لهم.
وتستمر الهرطقة في التقرير حيث نجد
بدون ذكر أي مصدر أو اسم، أو الاستعانة بمختص ، حيث يحشر التقرير أفكارا يتوهمها
صاحبها، أو صاحب التيار المالك للقناة، حين نقرأ ( إذ لوحظ بالتوازي أن "فريقا
سياسيا" كان محسوبا على المؤسسة العسكرية بدأ يُنفّذ "انسحابا ناعما"
من "حلقة المشير" باتجاه "مقر السراج" بما يُشبه "حجاً
اضطرارياً" صوب "الفريق الأقوى" سياسيا).
ختاما من
أبسط قواعد الكتابة في التقارير الاخبارية والسياسية ذكر الأشياء بمسياتها، ووفق
أحداث بالزمن والمكان، وهو ما خلت منه هذه العبارات، التي يظن كاتب التقرير، إنه
أحدث بذكرها شيئا ذا قيمة، وكتب ما لم يستطع أن يصل إليه غيره، وتناسى ما حدث أمس
في كل المدن الليبية، وخروج الناس لدعم الجيش، والمعروف سياسيا واعلاميا، أن
الشارع هو المحرك لكل الأدوات السياسية، ولا أحد يستطيع أن يقول بأن الشارع الذي
خرج داعما لحفتر سياسيا، هو مجرد رقم على يسار خانة العمل السياسي، ولا أعتقد أن
كاتب التقرير دار بخلده هذا السؤال، ماذا لو أن السراج دعا الشعب لتأييده ؟
والخروج للميادين لدعم موقفه، هل سيلقى مثلما لقي المشير خليفة حفتر؟ من تأييد
لحكم ليبيا في يوم 17 ديسمبر 2017.
لمتابعة تقرير قناة 218 مــن هنـــا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكـرا لمشـاركتنا برأيـك